وسط تفاؤل حذر.. اجتماع فيينا خطوة في إطار رفع العقوبات عن إيران

يوسف بنده

رؤية

بدأت محادثات بين إيران ومجموعة 4+1، في إطار لجنة الاتفاق النووي المشترك، أمس الثلاثاء ، بحضور الوفود الدبلوماسية من إيران والولايات المتحدة، وكذلك الدول الأعضاء في الاتفاق النووي في فيينا.

ومن المقرر أن تستمر المحادثات، التي تلعب فيها الدول الأوروبية دور الوساطة بين طهران وواشنطن، على مستوى الخبراء لإجراء مراجعة فنية لرفع العقوبات.

ووصفت الولايات المتحدة المحادثات النووية بأنها “خطوة إلى الأمام” وتوقعت أنها ستكون صعبة وطويلة. وقال رئيس الوفد الأمريكي في المحادثات، روبرت مالي، في مقابلة صحفية إن واشنطن تسعى بعد حل القضية النووية، لمعالجة برنامج إيران الصاروخي وأنشطتها الإقليمية.

وقد اتفقت الأطراف الحاضرة في اجتماع فيينا، أمس الثلاثاء، على تشكيل مجموعتي عمل منفصلتين لتحديد خارطة طريق لتنسيق توقيت عودة إيران والولايات المتحدة إلى التزاماتهما في الاتفاق النووي.

وستركز إحدى مجموعتي العمل على كيفية رفع العقوبات التي كانت قد تم فرضها أثناء إدارة ترامب، كما ستركز المجموعة الأخرى على كيفية إعادة إيران إلى التزاماتها النووية.

ويرأس روبرت مالي، مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص لشؤون إيران، الوفد الأمريكي في محادثات فيينا. كما يرأس الوفد الإيراني إلى اجتماع فيينا، عباس عراقجي، المساعد السياسي لوزارة الخارجية الإيرانية.

تفاؤل حذر

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، عشية اجتماع لجنة الاتفاق النووي في فيينا، إن واشنطن لا تقلل من شأن التحديات المقبلة ولا تتوقع تحقيق تقدم فوري.

وأكد برايس أن عودة إيران إلى التزاماتها، وخطوات رفع العقوبات الأمريكية، من بين أهم القضايا التي ستتم مناقشتها في فيينا.

وشدد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية على أن واشنطن لا تتوقع أي تقدم فوري، لأنها تتوقع أن تكون المحادثات صعبة.

ومن جهة إيران، قال سعيد خطيب زاده، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: “إن نافذة محادثات الاتفاق النووي ليست مفتوحة إلى الأبد، لكنها لن تُغلق في اجتماع يوم الثلاثاء للجنة الاتفاق النووي المشتركة”.

وأضاف “خطيب زاده” أنه “في اجتماع الثلاثاء في فيينا، سيتم تحديد ما إذا كانت “4+1″ يمكنها تلبية مطالب إيران أم لا، وبعد ذلك يمكن أن يكون لدينا مسار أوضح”. وتابع: “الأجندة واضحة.. على الولايات المتحدة أن ترفع كل العقوبات”.

وقد أكد المبعوث الأمريكي لإيران، روبرت مالي، أن إصرار إيران على رفع جميع العقوبات دليل على عدم جدية طهران في العودة إلى الاتفاق النووي، كما وصف دبلوماسيون أوروبيون هذا الإصرار بأنه دليل على تشاؤمهم بالوصول إلى نتيجة إيجابية للمفاوضات.

وفي تصريح أدلى به، إلى إذاعة “إن بي آر”، قال مالي إن بلاده قلقة بشأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وستبدأ محادثات بشأن أنشطة إيران الإقليمية بمجرد الانتهاء من القضية النووية.

وأشار مالي، الذي يرأس الوفد الدبلوماسي الأمريكي، بهذا الخصوص إلى “اتفاق أطول”، وأضاف “أننا نريد التفاوض بشأن كل هذه القضايا”.

كما انتقد إصرار المسؤولين الإيرانيين على الإلغاء الكامل للعقوبات الأمريكية دفعة واحدة، واصفا إياه بأنه دليل على عدم جدية طهران في العودة إلى الاتفاق النووي.

آمال روحاني

يبدو أن حكومة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تراهن على هذه المفاوضات؛ لرفع العقوبات عن إيران وإنقاذ اقتصادها، فقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في اجتماع للحكومة اليوم الأربعاء 7 أبريل/نيسان، تعليقا على اجتماع اللجنة المشتركة في فيينا، إن الولايات المتحدة عادت لـ”التوبة” وإن على منتقدي الحكومة الاعتراف بذلك والاعتذار.

وقال روحاني: “العدو مستعد للجلوس والتفاوض لتنفيذ الاتفاق النووي والعودة إلى التزاماته، والعودة إلى الالتزامات تعني التوبة، وقد جاءت الولايات المتحدة، وقالت إنني أريد التوبة والعودة إلى الاتفاق النووي”.

ووصف الرئيس الإيراني محادثات فيينا وعودة الولايات المتحدة بأنها “فصل جديد”، مضيفًا: “إذا كانت الولايات المتحدة جادة وصادقة بما فيه الكفاية، فيمكننا التفاوض”.

وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي دعت فيه الدول الأوروبية الأعضاء في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إيران إلى عدم انتهاك المزيد من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وعدم تفويت “الفرصة الأخيرة” للحفاظ على هذا الاتفاق.

في المقابل زادت طهران مستوى التخصيب واحتياطيات اليورانيوم وتركيب معدات جديدة في منشآتها النووية، وطالبت الولايات المتحدة بعدم تفويت “الفرصة الأخيرة” للعودة إلى الاتفاق النووي .

وانتهز روحاني الفرصة لمخاطبة معارضي ومنتقدي حكومته المعارضين للاتفاق النووي والمحادثات إلى “الاعتراف والاعتذار” حسب تعبيره.

وقال مخاطبا إياهم: “كذبتم عندما قلتم بأننا ذهبنا ووقعنا على الاتفاق النووي لتدمير الطاقة النووية للبلاد، الآن تعالوا واعترفوا واعتذروا لكذبكم”.

وفي الإعلام الإيراني، أشارت صحيفة “بهار” إلى اجتماع فيينا يوم أمس، ومواقف بعض الأطراف المتشددة من فكرة التفاوض وأكد مدير تحريرها “رامين قربان بور”، أن كثرة وصف التفاوض بالسلبية ومهاجمته من قبل المعارضين له جعلت كلمة التفاوض مرادفة للاستسلام، لهذا أصبح طريق التفاوض من أجل حل مشاكل البلاد مغلقا إلى حد كبير.

ولفت الكاتب إلى أن الدول الكبرى مثل روسيا والصين، وعلى الرغم من خلافها العميق مع الولايات المتحدة وتنافسهما الكبير مع واشنطن، إلا أنهما يختاران التفاوض للتعامل مع أمريكا وتحل المشاكل عبر هذه القنوات السلمية.

وأضاف قربان بور أن تصوير التفاوض على أنه خيار سلبي جعل إيران دائما تهرب من التفاوض مع الولايات المتحدة، منوها إلى أن الامتناع عن المفاوضات في هذه المرحلة ليس له أي مبرر لاسيما وأن الجميع يرغب في إحياء الاتفاق النووي والعودة إليه.

ومن جانب المعارضة، انتقدت صحيفة “وطن امروز” اجتماع أعضاء الاتفاق النووي يوم أمس في العاصمة النمساوية فيينا وأوضحت أن الولايات المتحدة الأمريكية تطمع في جر ملفات أخرى مثل الدور الإيراني في المنطقة والصناعة الصاروخية لإيران إلى هذا الاتفاق، وتنظر إلى هذا الاجتماع بمثابة فرصة لتقديم بعض الامتيازات البسيطة وتحقيق أهدافها ورؤاها تجاه طهران.

كما انتقدت الصحيفة المقربة من الحرس الثوري مواقف المسؤولين في حكومة روحاني، ونوهت إلى أن هذه المواقف تعد منسجمة مع خطة الولايات المتحدة الأمريكية، وتحاول أن تطرح فكرة “التوافق تحت أي تكلفة”، مشيرة إلى أن موقف وتصريح أمين عام المجلس الأمن القومي، علي شمخاني، الرافض لإجراء أي نوع من المفاوضات حول قضايا أخرى ضمن الاتفاق النووي بمثابة رسالة تحذيرية لمن يطمعون في حصول ذلك.

ربما يعجبك أيضا