في رسالة شديدة اللهجة.. الكاظمي يفتح النار على إيران

أسماء حمدي

في موقف غير مسبوق، طلب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من قادة إيران كبح جماح الميليشيات في العراق، وأشار إلى أنه سيواجه الفصائل، بحسب مسؤولين عراقيين.

وتأتي تصريح مصطفى الكاظمي مع انطلاق الجولة الثالثة من المحادثات الاستراتيجية مع واشنطن، وهي الأولى في عهد الرئيس جو بايدن.

 وفي يونيو، بدأت المحادثات التي واجهت تعقيدات بسبب الوباء، ومن المتوقع أن تركز على مجموعة من القضايا، بما في ذلك وجود القوات الأمريكية المتبقية في العراق والميليشيات المدعومة من إيران التي تعمل خارج سلطة الدولة.

وطلب العراق بالجولة الأخيرة، ويرجع ذلك إلى ضغوط الفصائل السياسية الشيعية والميليشيات الموالية لإيران التي ضغطت على القوات الأمريكية المتبقية لمغادرة العراق.

وشارك في المحادثات، وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل.

وخلال تفاوضه مع الأمريكيين، تعرض الكاظمي لضغوط متزايدة من الميليشيات المحلية الموالية لطهران.

وبشكل علني، قفزت قافلة من رجال الميليشيات الشيعية المدججين بالسلاح وسط بغداد في الأسبوع الماضي، ونددت بالوجود الأمريكي وهددت بقطع أذن الكاظمي، وهي عرض سعى بوضوح إلى تقويض رئيس الوزراء.

تهديد واضح

هدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في رسالته شديدة اللهجة، بالإعلان بوضوح عن الجهة التي تدعم هذه المليشيات، وقال إنه مستعد لمواجهتها، ولم يتضح على الفور لمن أرسلت الرسالة، حسب ما أفاد المسؤولان العراقيان.

ولفت التوقيت إلى أن الكاظمي، الذي بدا عاجزًا عن مواجهة المليشيات، يسعى لاسترضاء الأمريكيين بالتزامن مع محادثات الأربعاء.

وقال سياسي شيعي عراقي رفيع المستوى: “إن الرسالة تسببت في زيارة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني هذا الأسبوع إلى بغداد، حيث التقى قادة ميليشيات وقادة سياسيين شيعيين، ودعا إلى الهدوء”.

وتحدث المسؤولان العراقيان والسياسي الشيعي شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالحديث إلى وسائل الإعلام.

مطالب بالانسحاب الأمريكي

أصدرت مجموعة من الجماعات المسلحة، الأربعاء، بياناً يطالب بتحديد موعد انسحاب القوات الأميركية، خلال جولة المحادثات.

وطالبت مجموعات مسلحة، بينها قوات “بدر”، و”عصائب أهل الحق” عبر ممثلي أجنحتها السياسية في مجلس النواب، بإخراج جميع القوات الأميركية من العراق، وتوعد الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، باستمرار ما سماها “عمليات المقاومة”، لإزالة كل القواعد العسكرية الأميركية في البلاد.

فيما أكد مسؤولون عراقيون وأمريكيون، إنهم يدعمون انسحابًا وفق جدول زمني محدد للقوات الأمريكية من العراق، لكن تظل هناك أسئلة حول الأطر الزمنية ونطاق التهديد الذي يشكله تنظيم داعش.

من جانبه صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسن، بأن العراق لا يزال بحاجة إلى دعم أمريكي فيما يتعلق بالتدريب والتسليح والاستشارات.

الشهر الماضي، صرح مسؤول أمريكي، “بأن بلاده تعتزم استغلال الاجتماعات مع العراق للتأكيد على أن قوات التحالف باقية في العراق، وبدعوة من الحكومة العراقية ولغرض تدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية فقط ولضمان عدم عودة تنظيم داعش”.

اختبار توزان

يشكّل “الحوار الإستراتيجي”، مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن اختبار توازن جديد لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المستقل والذي لا يملك قاعدة شعبية أو حزبية.

ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري إن كلّ ذلك “رسالة إلى إيران بأن العراق لديه الحق باتخاذ مسار آخر في علاقاته الخارجية بما يعتمد على محيطه العربي، إذ لا يمكن للعراق أن يكون أحادي العلاقة كما تريد إيران وحلفاؤها”، وفقا لـ”فرانس برس”.

ويرى مسؤولون غربيون وعراقيون أن الكاظمي يريد من الحوار مع واشنطن جدولاً زمنياً للانسحاب بهذا، يضمن دعماً عسكرياً غربياً ضد تنظيم الدولة “داعش”، لكن مع إعطاء ضمانات في الوقت نفسه إلى الموالين لإيران بأنه يعمل لتنفيذ قرار البرلمان بسحب القوات الأمريكية، لكن ذلك قد يستغرق سنوات.

وحتى قبل بدء المحادثات، أعرب المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي جعفر الحسيني عن رفضه لهذا الحوار، وقال “لا قيمة للمفاوضات كون الشعب العراقي حسم قراره بإنهاء الاحتلال الأمريكي”، مضيفاً “المقاومة العراقية مستمرة بالضغط على أمريكا”.

بيد أن الكاظمي يستفيد في الوقت نفسه من دعم طرف شيعي، هو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي دعا قبل 18 عاما إلى حمل السلاح ردعاً للغزو الأمريكي، ورأى الصدر في تغريدة أن “انفتاح العراق على الدول العربية خطوة نحو الطريق الصحيح”.

ويرى عسكريون أمريكيون وعراقيون، أنه مع تراجع خطر تنظيم الدولة في العراق إلى مجرد خلايا سرية في الجبال والصحاري، بات مصدر التهديد الفصائل الموالية لإيران، مشيرين إلى الهجمات المتكررة بصواريخ أو عبوات ناسفة تستهدف مواكب دعم لوجستي للتحالف الدولي، وإلى تبني هذه الفصائل أحياناً هجمات خارج الأراضي العراقية.

ضائقة مالية

وجاءت الضغوط أيضا من طهران التي تعاني من ضائقة مالية وهي تسعى للحصول على مليارات الدولارات لسداد إمدادات الغاز والكهرباء الضرورية.

 يقول مسؤولون عراقيون، إن الأموال معلقة في حساب بمصرف التجارة العراقي بسبب القيود الأمريكية والمخاوف من فرض عقوبات.

ربما يعجبك أيضا