داعش 2021.. أفريقيا والخلافة الجديدة

محمد عبدالله
تنظيم داعش في موزمبيق - أرشيفية

رؤية – محمد عبدالله

تمدد داعش في أفريقيا وتنامي تهديد التنظيم الإرهابي في دول جنوب وغرب القارة خاصة منذ بداية العام الجاري بعد أن كاد ينسى في 2020، لولا العمليات المتفرقة للتنظيمات والجماعات المسلحة المبايعة لداعش، والتي كثفت من هجماتها ومواجهاتها المباشرة مع قوات الأمن في دول الغرب والجنوب الأفريقي، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول عوامل وأسباب تنامي هذا التهديد في القارة، ومخاطره واحتمالاته المستقبلية، وما هي الاستراتيجية الأمنية لمواجهة المتطرفين الذين ينتشرون في وسط وجنوب أفريقيا بشكل متسارع؟ وهل تجدي المواجهة العسكرية وحدها في القضاء على داعش بعدما فشلت فرنسا وتكبدت خسائر فادحة بسبب الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها وزادت من شوكة التنظيم ؟

داعش

أفريقيا.. حقيقة نقل الخلافة

بعد الاختفاء شبه الكامل من سوريا والعراق بفضل ضربات التحالف الدولي وتضييق الخناق على التنظيم في عدة مناطق ، وجد داعش مساحة جديدة غنية بالثروات لتعزيز مجموعاته، والاعتماد على «التجارة غير المشروعة» مستغلا حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا كبوابة للتوغل داخل القارة السمراء.

اتخذت داعش أفريقيا بديلا وملاذا آمنًا بعد فشل مخططها الإرهابي في الشام والعراق، وإعلان هزيمتهم رسمياً. يقول مركز السياسة العالمية في تقرير مطول، إن تنظيم داعش​ الإرهابي يسيطر على ما يصل لأكثر من واحد بالمئة من الأراضي الأفريقية، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى لنقل فكرة خلافته إلى أفريقيا​ على وقع الانتكاسة التي تعرض لها في سوريا والعراق، مؤكدا أن القضاء عليه في أفريقيا ربما يحتاج لتأسيس تحالف دولي على غرار التحالف الذي حاربه في سوريا​ و العراق​.

عقب حمام الدم الأخير في موزمبيق، والذي خلف عشرات القتلى والمفقودين وفرار الآلاف عبر البحر بعد الاستيلاء على مدينة بالما، حذر خبراء من تحول أفريقيا إلى «جبهة جديدة لـداعش» في حملة الإرهاب خلال الـ«20 سنة القادمة»، وخطورة تلك الحركة التي تتوغل في إقليم كابو ديلغادو منذ 2017، وسط مطالب بتحرك دولي للقضاء عليها قبل خروجها عن السيطرة.

فخلال سنة كاملة (52 أسبوع تنتهي بالأسبوع الأول من نيسان) قام تنظيم داعش بـ 812 هجوما في أفريقيا، 45% من الهجمات كانت في نيجيريا، و23% منها في شبه جزيرة سيناء، و10% منها في الكونغو، والباقي في باقي الدول كتنزانيا والصومال وموزمبيق.

داعش وتهديد نفوذ القاعدة

أصبحت هجمات داعش في أفريقيا تزداد بشكل مرعب حيث مقدارها الثلث خلال العام الماضي، بعدما تم تحويل اتجاه التنظيم إلى المناطق الرخوة في أفريقيا لإدامة استمراره. إذ تشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن تنظيم داعش يلجأ إلى التحالف مع فصائل مسلحة محلية في أفريقيا في محاولة لتعزيز قوته.

وبالعودة إلى مجزرة موزمبيق الأخيرة، تواجه فرنسا اتهامات بتأجيج الإرهاب في تلك المنطقة الخاضعة لنفوذها، ونهم الباريسيين للاستيلاء على ثروات القارة السمراء من الغاز، عبر التنقيب عن الغاز المسال بمليارات الدولارات وهو ما أثار غضب السكان المحليين، بعد طردهم من أماكن الصيد مصدر رزقهم، ما سهّل من مهمة داعش في تجنيد هؤلاء لإثارة الفوضى وإفشال المشروع الفرنسي.

الحديث كذلك عن انضمام العديد من مقاتلي تنظيم القاعدة إلى داعش في غرب أفريقيا لأنه – حسب رأيهم – داعش يواجه الكفار ويبني دولة الخلافة، في الوقت الذي يكتفي تنظيم القاعدة بالكلام والخطابات.

ونظرًا إلى اختلاف المنطلقات والتوجهات بين تنظيم القاعدة وداعش، فإن تمدد وانتشار الأخير في أفريقيا يشكَّل تهديدًا جديًّا للقاعدة في مناطق نفوذها التاريخية؛ مما جعلها تدخل في مواجهة مع داعش الذي سرق منها الأضواء والنفوذ.

unnamed 2

قهر داعش «ممكنة»

ساهم ضعف الحكومات الأفريقية واستفحال الفساد والأوضاع الاجتماعية المزرية، فضلا عن انتشار الفقر والبطالة والمجاعة إلى خلق بيئة خصبة وحاضنة مناسبة لتفريخ الإرهابيين.

فمن خلال تجارة العاج والسكر غير المشروعة يمول تنظيم داعش المقاتلين والعمليات الإرهابية في شرق أفريقيا، حيث يدفع التنظيم إلى استغلال أنشطة أكثر تعقيداً.

لذلك فإن محاربة التنظيمات الإجرامية في أفريقيا تبدأ بالعِلم الصحيح، ونشر العقيدة الصحيحة في أفريقيا، والتحذير من خطر الداعش وبوكوحرام والقاعدة وأن ما يقومون به من أعمال إجرامية تستهدف المدنيين الآمنيين، لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة، وهو منها براء، وعبر الحوار يتمّ هزيمة الأفكار المتطرّفة ، ودحض العملاء ممّن يتعبّد بقتل الأبرياء، هذا بالتوازي مع المواجهة الأمنية وضرب معاقل التنظيم بهجمات استباقية.

ربما يعجبك أيضا