في مئوية التأسيس.. الإمارات تشارك الأردن احتفالاتها

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

قرن من الزمان هو عمر الدولة الأردنية، ففي عام 1921 أعلن الأمير عبدالله بن الشريف حسين، تأسيس إمارة شرق الأردن والتي ظلت تحت الحكم البريطاني حتى إعلان استقلالها في 25 مايو عام 1946 لتصبح رسميا المملكة الأردنية الهاشمية بنظام حكم نيابي ملكي وراثي.

منذ نشأتها اعتمدت الأردن على مرتكزات الشرعية الدينية والتاريخية للقيادة الهاشمية وشرعية الإنجاز، الوسطية ، والاعتدال ، والديمقراطية والتسامح والصدق والدعوة إلى السلام . يقسم الأردنيون بناء دولتهم إلى 3 مراحل هي، التأسيس، والبناء، والتعزيز.

بدأت مرحلة التأسيسي، بوصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى مدينة معان عام 1920 ، ومنها إلى عمان حيث أسس أول حكومة أردنية في 11 أبريل عام 1921 تحت مسمى حكومة الشرق العربي. وفي تلك المرحلة وتحديدا عام 1928 تم اعتماد العلم الأردني الحالي علما للمملكة ووضع أول قانون انتخاب للمجلس التشريعي، ثم صدر أول دستور في عهد الاستقلال عام 1947 تلاه تأسيس مجلس الأمة بغرفتيه.

1 9

مسيرة حافلة

مسيرة حافلة تتجسّد اليوم في الاستقرار الذي تعيشه الأردن منذ التأسيس. فرغم وقوعه في منطقة توترات من كافة الجهات والجبهات، إلا أنه استطاعت القيادة الأردنية على مر التاريخ إنقاذ البلاد من الاضطرابات الإقليمية، وهو ما انعكس على الداخل أيضاً، حيث ما زال الأردن تحت قيادة الملك عبدالله الثاني نموذجاً للاستقرار الإقليمي، رغم الصعاب التي تواجهها البلاد عامة تحت وطأة تفشي فيروس كورونا.

وأصبح الأردن اليوم بعد 100 عام على التأسيس رقما صعبا في المنطقة تمكن خلالها الهاشميون من بناء دولة حديثة متطورة تستند للدستور والقانون والانتماء للعروبة ونبذ بذور الاقتتال، وتنتهج الاعتدال مبدأ أساسيا في سياستها الخارجية حيث ترتبط مع الجميع بعلاقات الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، ويعود الفضل إلى صناعة هذه الصورة الإيجابية إلى السياسة الحكيمة والمواقف التاريخية من ملوك الأردن الهاشميين؛ من الملك المؤسس عبدالله الأول، مروراً بالملك طلال، والملك الباني الحسين بن طلال، وصولا للابن والحفيد الملك عبدالله الثاني الذي يواصل مسيرة التحديث والإصلاح والنمو والاعتماد على الذات.

دعم الأشقاء

بفضل سياسة الأردن الخارجية المتوازنة والقائمة على الاحترام المتبادل، تمكنت من إقامة علاقات وثيقة بالأشقاء لا سيما الإقليميين منهم. حيث تتميز العلاقات الإماراتية الأردنية التي أرسى دعائمها الشيخ المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الحسين بن طلال،، وسار على نهجهما الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، بالتنسيق العالي المستوى في كافة المجالات، وبالتناغم الكبير في المواقف تجاه القضايا العربية والإسلامية والإنسانية في جميع المحافل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، الأمر الذي جعل هذه العلاقات ترتقي إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الناجزة و الفاعلة.

الارتقاء بمنظومة تلك العلاقات وشموليتها واستدامتها، كان ولا يزال يحظى بمتابعة واهتمام القيادة الحكيمة في دولة الإمارات حيث قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي : «ستبقى الإمارات والأردن قلبا واحدا، ويدا واحدة، ومسيرة خير واحدة نحو مستقبل واعد بإذن الله».

وفي هذا السياق أيضا يبرز تصريح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال استقبال الملك عبدالله بن الحسين في 16 يناير الماضي، حيث قال : «وشائج عميقة من الأخوة وعلاقات راسخة تجمع بين بلدينا.. حريصون على تعزيزها في مختلف المجالات لمصلحة شعبينا، ومستمرون في التشاور حول القضايا العربية والإقليمية في إطار من التفاهم والتعاون بما يخدم الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة».

محمد 1

الإمارات والأردن.. علاقات راسخة

أطلقت الإمارات والأردن، مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية والتعاون في مجال تحديث الأداء الحكومي والارتقاء بمنظومة العمل المؤسسي في القطاع العام وتشمل مجالات التعاون تطوير الخدمات الحكومية، والخدمات الذكية، والأداء المؤسسي والابتكار والتميز، وبناء وتطوير القيادات والقدرات وتعزيز الكفاءات، إلى جانب بناء مسرعات وأنظمة التميز والأداء ومراكز حكومية نموذجية.

وفي المجال العسكري يصب التعاون المشترك بين القوات المسلحة الإماراتية والأردنية، في مصلحة الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ويعزز العمل على مواجهة المخاطر التي تواجه الأمن الإقليمي بشكل عام، والأمن القومي العربي بشكل خاص.

وعلى الصعيد الاقتصادي تعد الأردن شريكا تجاريا مهما لدولة الإمارات، حيث بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين في عام 2019 نحو 10.4 مليار درهم إماراتي، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 10.6% مقارنة بالعام 2018، فيما ارتفعت نسبة إعادة التصدير من دولة الإمارات إلى الأردن بنحو 19%.

وتبلغ قيمة الاستثمارات الإماراتية في الأردن نحو 17 مليار دولار، وتشمل مجموعة متنوعة من القطاعات مثل الزراعة والسياحة والطاقة المتجددة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنقل الجوي والبري، وفي المقابل كان للاستثمارات الأردنية في دولة الإمارات حضور ناجح في العديد من الأنشطة مثل التأمين والعقارات والصناعات التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والنقل والتخزين.

جائحة كورونا.. عمق الصداقة

مثلت جائحة كورونا تحديا كبيرا للمملكة الأردنية الهاشمية، مثل مختلف دول العالم التي عانت من تداعياتها، غير أنه وبفضل الدعم الكبير من الشقيقة، الإمارات، فمنذ بداية الجائحة وقفت دولة الإمارات إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية وسارعت إلى إرسال عدد من الشحنات الجوية التي حملت على متنها أجهزة الفحص ومعدات الوقاية الشخصية والمستلزمات الطبية التي تسهم في تعزيز مواجهة الأشقاء الأردنيين للتحديات الناجمة عن الفيروس.

كما تبرعت الإمارات ببناء مستشفى الشيخ محمد بن زايد الميداني، في مدينة العقبة «أقصى جنوب الأردن» المخصص لاستقبال المصابين بفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، فضلا عن أن أول دفعة تلقاها الأردن من اللقاحات ضد فيروس كورونا كانت من دولة الإمارات.

ويتجاوز عدد الأشقاء الأردنيين المقيمين في الإمارات 200 ألف، يمارسون عملهم في العديد من الوظائف والمهن والأنشطة التجارية، ومع بداية مسيرة قطاع التعليم في الإمارات لعبت الأردن دورا مشرقا في دعم هذه المسيرة من خلال إرسال المعلمين المؤهلين.

وها هي الإمارات اليوم، قيادة وشعبا، تشارك المملكة الأردنية الهاشمية احتفالاتها بالمئوية الأولى على تأسيسها الذي يصادف 11 أبريل الجاري، وذلك تجسيدا لعمق العلاقات التاريخية التي تجمع قيادة وشعبي البلدين الشقيقين، والتي أصبحت نموذجاً يُحتذى به من حيث قوتها ومتانتها وقيامها على أُسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

ربما يعجبك أيضا