مركز فاروس: قراءة في زيارة الرئيس «قيس سعيّد» للقاهرة.. مسار العلاقات المصرية التونسية

يوسف بنده

 رؤية

في التاسع من أبريل 2021 حل الرئيس التونسي «قيس سعيّد» ضيفًا على القاهرة -في زيارة استمرت ثلاثة أيام- التقى خلالها كلا من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعقدا قمة مشتركة.

ورغم غلبة الطابع الاقتصادي والثقافي والاحتفالي على زيارة الرئيس التونسي للقاهرة، إلا أنها حملت في طياتها أبعادا سياسية وإقليمية متعلقة بتوازنات القوى في تونس وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، وهو ما سيتم إبرازه في النقاط التفصيلية التالية:

أزمة سد النهضة ومجلس الأمن: تحتل أزمة سد النهضة مرتبة الصدارة حاليا في دائرة الاهتمامات السياسية الأفريقية والشرق أوسطية خاصة في ظل تصاعد التعنت الإثيوبي في مسألة الملء الثاني للسد دون مراعاة الحقوق المصرية والسودانية.

وهنا يبرز دور تونس باعتبارها حاليا عضو غير دائم في المجلس (يناير 2020 ـ ديسمبر 2021)، لذا بات على القيادة التونسية تكوين رؤية واضحة تجاه أزمة سد النهضة، فمبدئيا عبّر الرئيس التونسي عن تأييده لحلول عادلة لأزمة السد تضمن الحفاظ على الحقوق المائية لمصر باعتبارها قضية مصيرية، لذا قد تُمثل زيارة الرئيس التونسي محاولة طمأنة للقاهرة بموقف تونسي داعم للحقوق المصرية في مجلس الأمن.

ليبيا في الواجهة: أتت زيارة قيس سعيّد للقاهرة بعد أسبوعين تقريبا من زيارته للعاصمة الليبية طرابلس التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وتتلاقى وجهة نظر القيادة التونسية مع نظيرتها المصرية بخصوص الأزمة الليبية إذ يتفق الجانبان على أهمية إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح ووقف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي وإخراج المرتزقة والجماعات الإرهابية من الأراضي الليبية.

دور إقليمي لتونس وإزالة الجفاء: منذ استقلالها في مارس 1956 اتخذت تونس سياسة خارجية اتسمت بالهدوء والحيادية والابتعاد عن الانخراط في الأحلاف الإقليمية وتجنب الصراعات الإقليمية قدر الإمكان، بيد أن التحولات السياسية في تونس خلال العقد الماضي أدت لتشابك السياسة التونسية مع سياسات محيطها الإقليمية، فمبدئيا انطلقت شرارة ثورات الربيع العربي من أراضيها وما لبثت أن امتدت تقريبا إلى باقي الدول العربية.

كما لعبت بعض القوي التونسية “حركة النهضة” على جر تونس إلى المزيد من الصراعات والأزمات الإقليمية، فدعم الحركة لحلفائهم في مصر “جماعة الإخوان” أدى إلى وجود فتور وجفاء في العلاقات المصرية التونسية خلال السنوات السبع الأخيرة، فحركة النهضة كانت حريصة على أن تظل الأجواء متوترة أو جافية بين البلدين.

رسالة للداخل التونسي: ربما تعد الدلالة الأبرز، فتونس حاليا تعيش أزمة سياسية كبرى تسمى أزمة تضارب الصلاحيات بين الرئاسيات الثلاث بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة وأخيرا رئيس البرلمان، فرئيس الحكومة “هشام المشيشي” تحالف مع زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان “راشد الغنوشي” من أجل تهميش دور قيس سعيّد في المشهد السياسي التونسي، وذلك من خلال إقالة العديد من الوزراء المحسوبين على الرئيس وتعيين حلفاء حركة النهضة وحزب قلب تونس الذي يتزعمه نبيل قروي في الحكومة الحالية على عكس رغبة رئيس الجمهورية، الأمر الذي دفع قيس سعيّد خلال اجتماعات مجلس الأمن القومي التونسي في 25 يناير 2021 إلى اعتبار تلك الإجراءات بمثابة عدم احترام للدستور ورفض توجيه الدعم للوزراء الجدد بأداء اليمين الدستورية، وتطورت الأمور بشكل لافت مع أزمة الطرود السامة التي تم إرسالها إلى الرئاسة التونسية ومحاولة تسميم الرئيس بمادة الريسين السامة.

وإزاء حالة الاستقواء التي تقوم بها حركة النهضة وحزب قلب تونس، يحاول الرئيس قيس سعيّد إعادة ترتيب أوراقه السياسية والبحث عن حلفاء داعمين له داخليا وإقليميا، فزيارة القاهرة رسالة غير مباشره منه إلى حركة النهضة بأن مصر تدعم الجبهات المعتدلة في المشهد السياسي في تونس وترفض التحركات المشبوهة التي تقوم بها “النهضة سواء داخل تونس أو خارجها.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا