من الدنمارك.. الحقائق لا تزال تتكشف بأضخم سرقة ضريبية في التاريخ

كتب – حسام عيد

في يناير من العام الجاري، اهتزت الدنمارك، الدولة الإسكندنافية، بجريمة احتيال ضريبي عملاقة امتدت لسنوات، بلغت قيمتها 9 مليارات كورونة دنماركية، وتبين أن بطلي الجريمة مواطنان بريطانيان نفذا عمليات تداول وهمية تضمنت إجراء مطالبات ضريبية مزدوجة منذ العام 2016.

ويُتهم البريطانيان بتقديم أكثر من 3000 طلب إلى الخزانة الدنماركية نيابة عن مستثمرين وشركات من عدة دول حول العالم من أجل استرداد ضريبة الأرباح طيلة السنوات الأربعة الماضية.

واليوم، وتحديدًا في 13 أبريل 2021، أضافت الدنمارك 6 أشخاص جدد لقوائم المتهمين بالاحتيال في القضية التي استمرت لسنوات لتعقب ما مجموعه 2.1 مليار دولار من أموال الضرائب، والتي تزعم السلطات الدنماركية أنها سُرقت من خلال عملية احتيال تركزت على استرداد ضرائب أرباح الأسهم، وذلك من خلال القيام بعمليات مالية يطلق عليها اسم (cum-ex)، وتهدف للحصول على أموال ضخمة عبر عمليات استرداد ضرائب تم دفعها للحكومة الدنماركية.

3 أمريكيين.. و3 بريطانيين

ووفق بيان صادر يوم الثلاثاء الموافق 13 أبريل الجاري، وجهت السلطات الدنماركية، تهمًا رسمية إلى 3 مواطنين أمريكيين و3 بريطانيين، بالاحتيال على سلطات الضرائب الدنماركية في ما يصل إلى 1.1 مليار كرونه (175 مليون دولار) من أموال الضرائب. وقال المدعي الدنماركي إن الـ6 أشخاص استخدموا بنك نورث تشانل الألماني في معاملاتهم.

يأتي ذلك، فيما تكثف الدنمارك عملها في القضية بعد أن اتهمت في وقت سابق من هذا العام العقل المدبر المزعوم للاحتيال، مؤسس صندوق تحوط سولو كابيتال، سانجاي شاه، وفقًا لما ذكرته “بلومبيرج”.

وتزعم السلطات الدنماركية أن شبكة واسعة من المصرفيين والمحامين والممولين الآخرين من الولايات المتحدة وصولاً إلى ماليزيا ابتكروا خططًا متعددة للاحتيال على عائدات الضرائب في البلاد، حيث يقول المدعون إن الشبكات أنشأت خطط معاشات خارجية للمطالبة باسترداد ضرائب الأرباح، على الرغم من عدم امتلاكها للأسهم الدنماركية في الأساس.

وتحاول الدنمارك تسليم شاه، وهو مواطن بريطاني مقيم خارج المملكة المتحدة، ليواجه المحاكمة. وقضت محكمة دنماركية شهر مارس الماضي بوجوب إخضاع شاه للاحتجاز السابق للمحاكمة، وهو قرار يضع الأساس لتسليمه.

بدوره قال شاه إنه بريء وإنه استغل الثغرات القانونية في القانون الدنماركي التي سمحت بما يُعرف بتداول Cum-Ex.

وتعود قضية Cum-Ex إلى عام 2017، حيث استغل مجموعة واسعة من المحامين والمتداولين ثغرات قانونية في بعض الدول الأوروبية لاسترداد أموال ضرائب على أرباح الأسهم بلغت في مجموعها أكثر من 62.9 مليار دولار.

احتيال بمساعدة بنك ألماني

ويؤكد ممثلو الادعاء الدنماركيون أن التهم التي أُعلن عنها يوم 13 أبريل 2021، تستهدف “المسؤولين الرئيسيين الذين يقفون وراء عملية الاحتيال التي ارتكبت بمساعدة من بنك نورث تشانل الألماني”. حيث يقولون إن “المئات من عمليات تداول الأسهم الوهمية تمت بين 27 خطة معاشات تقاعدية لشخص واحد في الولايات المتحدة، وتسع شركات ووسطاء لجعل الأمر يبدو كما لو أن خطط المعاشات التقاعدية يحق لها استرداد الضرائب.

سيطلب المدعون على الأرجح عقوبة السجن 12 عامًا -أكثر مما قد تستتبعه مثل هذه الجرائم عادة- بسبب خطورة القضية.

فيما تحاول السلطات الدنماركية استرداد حوالي 2.1 مليار دولار من الضرائب المستردة. كما تم اتهام شاه بالاحتيال على الدولة في استرداد ضرائب على أرباح الأسهم بقيمة 9 مليارات كرونة تعادل 1.44 مليار دولار من خلال تقديم مطالبات وهمية لاسترداد ضرائب الأرباح.

وقد استفادت ممارسة Cum-Ex، من قوانين الضرائب التي بدت وكأنها تسمح للعديد من المستثمرين بالمطالبة باسترداد الأرباح على أرباح تم دفعها مرة واحدة فقط.

تصعيد وتجميد

الاتهامات الأخيرة تُكمل سلسلة التصعيد القانوني ضد شاه، فيما يتعلق بالعمليات المصممة للمطالبة باسترداد مبالغ متعددة على أرباح الأسهم. لأنَّ شاه، الذي وصفته هيئة الضرائب الدنماركية بأنَّه “العقل المدبِّر” لقضية الاحتيال بأدوات (Cum-Ex)، يواجه أيضاً دعاوى قضائية مدنية في دول مختلفة.

وصرَّح متحدِّث باسم سانجاي شاه، أنَّ الأخير استغل الثغرات في القانون الدنماركي، لكنَّه لم يفعل أيَّ شيء غير قانوني.

يُعدُّ هذا التطور نقطة تحول في فضيحةٍ أثارت غضب الدنماركيين منذ أن علموا أنَّ مستثمرين دوليين سرقوا حوالي ملياريّ دولار من خزائن الدولة، من خلال الادعاء الكاذب بأحقيتهم باسترداد ضرائب دفعوها على الأرباح الموزعة. ولا تزال فضيحة (Cum-Ex) الأوسع قيد التحقيق في ألمانيا وبريطانيا، وفي الدنمارك أيضًا.

وجمَّد الدنماركيون ما يصل إلى 3.5 مليار كرونة من أصول شاه، بما في ذلك قصر بقيمة 20 مليون دولار في لندن، كجزء من القضية المدنية المرفوعة عليه. كما وصف مشرِّعون ألمان فضيحة (Cum-Ex) أنَّها أعظم سرقة ضريبية في التاريخ.

ربما يعجبك أيضا