ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي.. سندات مصر إلى مؤشرات «جي بي مورجان»

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

حالة من الانتعاش يشهدها الاقتصاد المصري مؤخرًا تجلت في زيادة استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية، بعد ما عانته من ركود جراء تفشي جائحة كورونا الذي ضرب الأسواق العالمية والناشئة وتسببت في تخلي الأجانب عن الاستثمارات في العديد من أسواق الدين حول العالم.

ووسط مؤشرات تجاوز الاقتصاد المصري صدمة وباء كورونا، قال بنك جي بي مورجان إنه وضع مصر قيد المراجعة للإدراج في سلسلة مؤشرات للسندات الحكومية الخاصة بالأسواق الناشئة، ما يعد مؤشرًا لزيادة نصيب السندات المصرية من استثمارات الصناديق العالمية، ومن ثم يعد ذلك وسيلة جديدة لتدفق العملات الأجنبية للدولة.

وقال البنك، إنه في حال الانضمام، فإن وزن مصر سيكون نحو 1.8% في مؤشر JPMorgan GBI-EM، مع خضوع 14 سندًا حكوميًا مصريًا بإجمالي قيمة اسمية عند 24 مليار دولار للمراجعة لتحديد مدى أهليتها.

ويعد مؤشر جي بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة، أداة توفر مقياسًا مرجعيًا لأداء العائد على السندات الحكومية التي تصدرها بلدان الأسواق الناشئة بعملة أخرى بخلاف عملاتها المحلية سواء كانت بالدولار أو اليورو أو الين.

ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي

بدورهم، يؤكد الخبراء أن هذا المقياس يوفر معلومات للمستثمرين في هذه السندات التي تتمتع بعائدات أعلى للمستثمرين مقارنة بالسندات في الاقتصادات المتقدمة، ويتم وزن المؤشر على أساس القيمة السوقية للسندات الحكومية.

وفي هذا السياق، أوضحت محلل الاقتصاد الكلي في برايم القابضة منى بدير، أن هذه الخطوة هي ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي عزز قدرة مصر على الانضمام لمثل هذه المؤشرات، إلى جانب أن سوق السندات المصرية باتت أكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية، وفقا لموقع العربية نت.

من جانب آخر، بلغ حجم الحيازات الخارجية من أذون وسندات الخزانة 28.5 مليار دولار في نهاية فبراير، وفقًا لمحمد حجازي، رئيس وحدة إدارة الديون بوزارة المالية.

بدوره، قال مساعد مدير ومحلل اقتصاد كلي في أرقام كابيتال، نعمان خالد، إن هذه القيمة التاريخية، من الحيازات الخارجية تشكل 11% من إجمالي الدين العام المحلي، وهي نسبة مماثلة لما كانت عليه الحال قبل عام 2011.

وتوقع حدوث المزيد من التدفقات الخارجية في المرحلة المقبلة، بخاصة بعد دخول مصر مؤشر جي بي مورجان للسندات، موضحاً أن أسباب هذه التدفقات أكبر بكثير من مجرد ارتفاع العائد، من بينها وضوح خطوات الاصلاح الاقتصادي، وعدم وجود ضغوط على العملة المصرية.

ويغذي الإقبال ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية في مصر، والذي يحتل المرتبة الثانية بعد فيتنام من بين أكثر من 50 اقتصادًا رئيسيًا، بالإضافة إلى عوائد بنسبة 1.7% منذ نهاية ديسمبر.

ويقارن ذلك مع متوسط انخفاض بنسبة 2.6% عبر الأسواق الناشئة، وفقاً لمؤشرات بلومبرج باركليز.

ميزان المدفوعات يحقق فائضًا كليًا

من ناحية أخرى، أظهرت بيانات ميزان المدفوعات الصادر عن البنك المركزي، تجاوز معاملات الاقتصاد المصري الصدمة مع العالم الخارجي خلال الفترة من يوليو وحتى ديسمبر 2020.

ليحقق ميزان المدفوعات فائضا كليا بلغ 1.5 مليار دولار مقارنة بعجز بلغ نحو 9 مليارات دولار خلال الفترة السابقة مباشرة يناير/يونيو 2020، ذورة انتشار الموجة الأولى للجائحة، وفائض بلغ 410.9 مليون دولار خلال الفترة المناظرة يوليو/ديسمبر من العام المالي السابق 2019\2020.

وقال البنك المركزي: إن المعاملات الجارية بميزان المدفوعات شهدت ارتفاعا بمستوى العجز بمعدل 66.9% ليصل إلى نحو 7.6 مليار دولار مقابل نحو 4.6 مليار دولار خلال الفترة المناظرة، على خلفية الصدمة التي تعرض لها قطاع السياحة، حيث اقتصرت على ربع ما تم تحقيقه خلال الفترة المناظرة والتي اتسمت بأعلى إيرادات سياحية قبل جائحة كورونا نحو 1.8 مليار دولار مقابل نحو 7.2 مليار دولار.

وأضاف البنك المركزي: أن صافي التدفق للداخل في الحساب الرأسمالي والمالي ارتفع بمعدل 75.2% ليحقق نحو 9.2 مليار دولار مقابل نحو 5.2 مليار دولار خلال الفترة المناظرة.

وضخ الأجانب مليارات الدولارات في سوق الدين المصري منذ تحرير سعر الصرف في أواخر عام 2016 في إطار برنامج اقتصادي شامل مدعوم بقرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

يذكر أن التدفقات انعكست مؤقتًا عندما ضرب الوباء، مع خروج حوالي 17.5 مليار دولار من البلاد في ربيع عام 2020.

وتهدف وزارة المالية المصرية إلى تسوية ديونها المحلية من قبل Euroclear Bank ومقره بلجيكا في وقت لاحق من هذا العام، حيث استوفت متطلبات إدراج أوراقها النقدية في مؤشر السندات الحكومية التابع لشركة جي بي مورجان للأسواق الناشئة، والتي تجذب الاستثمارات من الصناديق السلبية التي تتبع المؤشرات.

كما تحرز مصر تقدمًا في خطط خفض تكاليف الاقتراض من خلال تمديد متوسط آجال استحقاق ديونها.

وبحسب حجازي، فإن نسبة صافي إصدارات السندات ارتفعت إلى 110% من الطروحات المحلية بنهاية فبراير، متجاوزة الهدف البالغ 80% الذي أرادت الدولة بلوغه بحلول يونيو.

وقال حجازي إن أدوات الدين الجديدة الصادرة في 2021 يمكن أن تجتذب المزيد من المستثمرين وتخفض تكاليف الاقتراض.

لماذا يتهافت الأجانب على أدوات الدين المصرية؟

قالت وكالة بلومبرج الإخبارية، إن العائدات الجذابة واستقرار العملة المصرية جعلت الاستثمار في أدوات الدين من أفضل الاختيارات بالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين يستهدفون الاستثمار في الأسواق الناشئة؛ حيث وصلت الحيازات الأجنبية في ديونها المحلية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند مستوى 28.5 مليار دولار في شهر فبراير الماضي.

وأوضحت الوكالة أن قرار المركزي المصري بالإبقاء على أسعار الفائدة يُحافظ على تصدر مصر لتقديمها أعلى سعر فائدة حقيقي في العالم، والذي يُسهم بالتالي في حفاظها على الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، وذلك في ظل تخارج المستثمرين من الأسواق الناشئة الأخرى.

ولفتت إلى أن المعدل الحقيقي لسعر الفائدة في مصر – الفرق بين معدلات التضخم والسياسة النقدية المُعلنة – هو الأعلى من بين أكثر من 50 اقتصادًا عالميًا ترصد الوكالة بياناتها.

يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت صناديق السندات في الأسواق الناشئة أكبر تدفق خارج خلال ما يقرب من عام خلال الأسبوع الماضي، بعد أن تسبب ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية في تراجع الطلب على الأصول ذات المخاطر العالية، وتراجعت على إثر ذلك عملات الدول النامية بنحو 1% من أعلى مستوى سجلته في منتصف فبراير.

جدير بالذكر أن لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركزي أبقت على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 8.25٪ و9.25٪ على الترتيب، وكذلك على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 8.75٪.

ربما يعجبك أيضا