أسباب عدم حظر تنظيم الإخوان الإرهابي في بريطانيا

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تتحكم جماعة الإخوان الإرهابية في نحو 13 مؤسسة خيرية ومالية كبرى في بريطانيا، ومنها “المنظمة الإسلامية للإغاثة” التي رأسها عصام الحداد ابتداءً من العام 1992 حتى تولى منصبه مستشارًا للرئيس المعزول محمد مرسي، بالإضافة إلى  مراكز أبحاث ومنظمات إعلامية ومؤسسات تشبه إمبراطوريات الظل، تضم قيادات هاربة لها تاريخ مشبوه في عقد التحالفات.

وتبذل بريطانيا منذ سنوات جهودًا للتخلص من الارتباط بالإخوان، وبحسب دراسة للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب يمتلك الإخوان 60 منظمة داخل بريطانيا، بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، بل وقنوات تلفزيونية. ولا تزال الجماعة تفتتح مقرات لها في بريطانيا كافتتاح مكتب الجماعة في حي “كريكلوود” شمالي لندن.

وبعد محاولات بدأت منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، يطالب نواب مجلس العموم بحظر تنظيم الإخوان الإرهابي، لأنه يمثل خطرًا واضحًا على أمن المملكة المتحدة، إلا أن الحكومة البريطانية أعلنت رفضها نشر التقرير الكامل عن تقييمها لجماعة الإخوان الإرهابية، في مارس الماضي، مكتفية بنشر ملخصه منذ نحو 5 سنوات.

ورغم انتفاض كثير من الدول الأوروبية ضد تنظيم الإخوان الإرهابي، وعلى رأسهم فرنسا والنمسا وألمانيا، وقيامهم بمحاصرة التنظيم محاصرة شبه كاملة، الأمر الذي كان دائمًا يثير الكثير من التساؤلات وعلى رأسها: “لماذا لم تقوم بريطانيا بحظر التنظيم؟”.

مخاوف بريطانية

دارسة حديثة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أجابت على هذا التساؤل، قائلة: “احتضنت بريطانيا قيادات جماعة الإخوان ومنحتهم فرصة للمشاركة المجتمعية في بريطانيا، واستغل تنظيم الإخوان تلك الفرصة لتوسيع نفوذهم في بريطانيا من خلال الخطاب المزدوج الذي يدعو إلى تأجيج مشاعر العنصرية والكراهية، ما دفع العديد من النواب داخل البرلمان البريطاني للمطالبة بحظر تنظيم الإخوان.

وأكد عضو مجلس العموم البريطاني، إيان بيزلي، أن جماعة الإخوان لديها أنشطة غير قانونية في المملكة المتحدة، كما تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الكراهية والتطرف في بريطانيا والشرق الأوسط. وأشار عضو مجلس العموم البريطاني، إلى أن هناك عددًا من طلبات الاستجواب داخل البرلمان حول قيام أعضاء من تنظيم الإخوان بأنشطة مشبوهة، مطالبين الحكومة بطردهم من البلاد خشية من تأثيرهم على الأمن القومي البريطاني.

وأضافت الدراسة التي أعدتها الباحثة بسمة فايد: “طالب البرلمان البريطاني بدوره، وزيرة الداخلية (بريتي باتل) بتقييم سريع لنشاط جمعيات الإخوان الاقتصادي، للتأكد من عدم استخدامها في تمويل التطرف، والتأكد من منعها من استخدام الإنترنت في نشر عقائد التطرف للدعاة التابعين لها، ومراقبة الخطب والدروس التي تبثها لأتباعها لتعويضهم عن ارتياد المساجد التي أغلقت بسبب الوباء، كما رفضت لندن منح تأشيرات لعدد من أعضاء الجماعة لدخول البلاد، وسعت لتقييم زيادة النشاط الاقتصادي للمؤسسات التابعة للإخوان خلال فترة انتشار كورونا.

جهود برلمانية

ووضعت الدراسة تقييمًا عن جماعة الإخوان في بريطانيا قائلة: “تشهد بريطانيا سلسلة من الإجراءات والجهود المبذولة داخل البرلمان لدفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بحظر تنظيم الإخوان والمنظمات التابعة له في البلاد، وذلك بعد ما أثبتت تقارير اللجان المتخصصة والمعلومات الأمنية المخاطر التي تهدد البلاد من جراء هذا التنظيم الذي ينتهج أجندة سرية تخدم الإرهاب والتطرف، مضيفة: “تمتلك جماعة الإخوان أسطول من الشركات في بريطانيا، وحصلت شركات الإخوان ومؤسساتها على الوضع القانوني، وربما لم يتم حصرها من قبل الحكومة البريطانية، ويرجع ذلك إلى تخوف بريطانيا من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السري لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها”.

وتابعت الدراسة: “النتائج الرئيسية لمراجعة جماعة الإخوان في بريطانيا تدعم الاستنتاج القائل بأن عضوية جماعة الإخوان أو الارتباط بها أو تأثيرها يجب اعتبارها مؤشرًا محتملًا على التطرف، وعلى الرغم من دعوات بعض الجهات لحظر الجماعة والشركات التابعة لها في المملكة المتحدة بموجب قوانين الإرهاب، قالت الحكومة إنها ستبقيها قيد المراجعة من خلال حظر دخول أعضائها الذين يدلون بتعليقات متطرفة ومراقبة الجمعيات الخيرية المرتبطة بها.

العاصمة الثانية

وقال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة والإرهاب، عمرو فاروق، إن لندن تعتبر العاصمة الثانية لجماعة الإخوان ويوجد بها مقر التنظيم الدولي، وأنها احتضنت عددًا كبيرًا من قيادات الإخوان ومنحت بعضهم حق اللجوء السياسي، والجنسية البريطانية إضافة لمعونات مالية، لافتًا إلى أن الأجهزة الأمنية البريطانية وظفت جماعة الإخوان منذ تأسيسها كأداة ضغط لتحقيق مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، والهيمنة على الأوضاع السياسية في المنطقة العربية.

ونقل فاروق تصريحات عمدة لندن ﻛﻴﻦ ﻟﻔﻨﺠﺴﺘﻮﻥ، للصحفيين عام 2008، أنه لا يمكن تصنف الإخوان على قوائم الإرهاب، مؤكدا أنها جماعة نشأت برعاية بريطانية، وتلقت تمويلات من الخارجية البريطانية منذ حسن البنا، بحسب موقع الوطن الإخباري.

وأوضح الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، أن لجنة برئاسة السير جون جينكينز، تشكلت لمراقبة جماعة الإخوان، وأصدرت تقريرًا في ديسمبر 2015، يفيد بأن جماعة الإخوان روجت لسياسيات أكثر تشددًا، وأن تمويلاتها غير معلومة، وأن الانتماء للجماعة بداية للتطرف، لافتًا إلى أن لجنة العلاقات الخارجية أجبرت وزارة الخارجية البريطانية على التراجع عن تقريرها، وأصدرت تقرير في عام 2016، يبرأ الإخوان من التطرف والإرهاب، كما أجبرتهم على عقد لقاءات موسعة مع قيادات التنظيم الدولي وفي مقدمتهم إبراهيم منير.

الجماعة ولندن

في سياق متصل، يرى الكاتب الصحفي بالأهرام والمتخصص في شؤون الإرهاب والجماعات المسلحة، هشام النجار أنه هناك عقدتان رئيسيتان تحولا دون اتخاذ بريطانيا- تحديدًا- إجراءات جذرية شاملة ضد تنظيم الإخوان على أراضيها على خلفية ما تكشف لدول أوروبا مؤخرًا عن مسؤولية مزدوجة للجماعة أولًا عن التطرف الفكري ونشر التكفير ومعادة التعددية والقيم الإنسانية، وثانيًا عن العنف والإرهاب، وهاتان العقدتان هما العقدة التاريخية والعقدة الأمنية المخابراتية.

وأضاف هشام النجار في تصريحات لـ”رؤية”: تاريخيًا هناك استدعاء دائم للعلاقة الوطيدة التي ربطت بين الجماعة والحكومات البريطانية التي استعانت بالجماعة لتنفيذ مهام استراتيجية حيوية بثقل مهمة التخلص من نظام الرئيس جمال عبدالناصر وقبلها مهمة إبقاء الواقع المجتمعي والسياسي المصري منقسمًا حتى لا تنعم مصر يومًا بالسلام المجتمعي والاستقرار السياسي الذي يقودها لتحقيق قوتها ونهضتها.

وثانيها العقدة المخابراتية المتعلقة بتوظيف ورقة الإخوان مخابراتيًا كحالة لا تنفك عن توظيف الأدوات القذرة لتحقيق أغراض مشبوهة في مختلف بلدان العالم وليس في دول الشرق الأوسط فحسب، لكن مؤخرًا بعد التغييرات التي تجري في دول أوروبا والإفاقة الغربية ضد هذا التنظيم بدأت نخب سياسية وفكرية بريطانية تضغط لفك تلك العقد والتعاطي مع جماعة الإخوان كخطر يهدد المجتمع البريطاني ذاته، ولذلك فنحن في مرحلة تنازع إرادات بين فريقين داخل بريطانيا ولم يحسم أحدهما بعد الأمر لصالحه حيال الجماعة.

ربما يعجبك أيضا