صفر لاجئين!.. الدنمارك تدشن سياسة متشددة تجاه السوريين

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

تعرضت السلطات الدنماركية لانتقادات جديدة على خلفية حرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة، لاعتبار الوضع “آمناً” في دمشق، في مسار قالت الأمم المتحدة إنّه يفتقر إلى المبرر.

وشرعت كوبنهاغن منذ نهاية يونيو 2020 في عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في كلّ ملف من ملفات 461 سوريًا من العاصمة السورية على اعتبار أنّ “الوضع الراهن في دمشق لم يعد من شأنه تبرير منح تصريح إقامة أو تمديده”.

قلق أممي

أعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، عن “القلق” حيال قرار كوبنهاغن العائد إلى الصيف الماضي، رغم تعليق عمليات الترحيل في الآونة الراهنة في ظل غياب الروابط بين الحكومة الدنماركية والنظام السوري.

وقالت في بيان صدر في نيويورك: “لا تعتبر المفوضية التحسنات الأمنية الأخيرة في أجزاء من سوريا جوهرية بما فيه الكفاية، ومستقرة أو دائمة لتبرير إنهاء الحماية الدولية لأي مجموعة من اللاجئين”.

وقالت إن المفوضية “تواصل دعوتها لحماية اللاجئين السوريين وتطالب بعدم إعادتهم قسراً إلى أي مكان في سوريا، بغض النظر عمن يسيطر على المنطقة المعنية”.

صفر لاجئين!

الهدف البعيد للحكومة الدنماركية الاشتراكية الحالية، برئاسة فريدريكسن، اليسارية في سياستها الاجتماعية واليمنية المتشددة مع اللاجئين، هو عدم دخول أي لاجئين جدد إلى البلاد مستقبلا، أي سياسة “صفر لاجئين”. أما اللاجئون الذين يغادرون الدنمارك طواعية فتمنحهم الحكومة دعما ماليا. ومن خلال لهجتها المتشددة، تريد الحكومة الدنماركية أن تجعل المهاجرين لا يفكرون باللجوء إلى الدنمارك.

أما مستند الحكومة الدنماركية في سياستها العامة تجاه اللاجئين والتي تقضي بترحيلهم بأسرع ما يمكن، فهو التعديل القانوني في عام 2019. حيث صوت الاشتراكيون مع اليمين الشعبوي لصالح خطط الحكومة السابقة، والتي قضت بمنح اللاجئين إقامات محددة زمنيا، وإذا ما أصبح الوضع في بلد اللاجئ يسمح بترحيله، يجب سحب إقامته أو عدم تمديدها.

سوريا لم تعد خطر!

الدنمارك هي أول دولة من الاتحاد الأوروبي تعيد اللاجئين السوريين بزعم أن سوريا لم تعد خطرة، وهو ما يتوافق مع أهداف رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسون التي لا تخفي نيّة بلادها الوصول إلى درجة “صفر طلب لجوء”، في الوقت الذي تشهد البلاد أقل عدد من طلبات اللجوء منذ عام 1998.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ معظم اللاجئين السوريين الذين تم إلغاء تصاريح إقامتهم أو سيتم إلغاؤها قد أعادوا بناء حياتهم بالفعل في الدنمارك منذ عدة سنوات، إذ درسوا وعملوا واندمجوا في المجتمع الدنماركي، ما يشير إلى أنّ السياسة الجديدة ستهدد الوضع القائم لهؤلاء اللاجئين الذين طوّروا، بفضل إقامتهم الطّويلة، روابط أسرية واجتماعية واقتصادية قوية في البلاد.

وحذّر من أن أولئك اللاجئين قد ينتهي بهم المطاف بالعيش في معسكرات التّرحيل في الدّنمارك لسنوات طويلة نظرًا لأنها ترفض التفاوض أو التعاون مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد ولا يمكنها إعادة اللاجئين السوريّين قسراً، إذا رفضوا العودة طواعية.

وقالت الباحثة في شؤون الهجرة في المرصد الأورومتوسطي “ميشيلا بولييزي” إنّ “هذه السّياسة تبدو بعيدة كل البعد عن إيجاد حل دائم علاوة على أنّها تعطل الحياة التي بناها مئات اللّاجئون، في حال وضعهم في مخيمات التّرحيل إذا رفضوا العودة إلى سوريا التي مزقتها الحرب”.

وأضافت أن قرار إلغاء حالة اللجوء وتصاريح الإقامة عن اللاجئين وطالبي اللجوء، الذي لا يستند على أسس كافية، لن يؤدي إلاّ إلى خلق مناخ من عدم اليقين والخوف بين اللاجئين، مما سيهدد اندماجهم في الدّنمارك بشكل كبير.

ولفت الأورومتوسطي إلى أن المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن إلغاء وضع اللاجئ نصّت على أنّ “التّغييرات التي تطرأ على جزء من بلد منشأ اللاجئ يجب ألّا تؤدي إلى إلغاء وضع اللاجئ” وكذلك لا يمكن أن تنتهي الحماية الدولية إلا إذا أزيلت أسباب الاضطهاد “دون شرط مسبق بأن اللاجئ يجب أن يعود إلى مناطق آمنة معينة من البلاد لكي يكون آمنًا من الاضطهاد”.

ربما يعجبك أيضا