ما الذي يجري في تل رفعت السورية ؟!

محمود سعيد
قوات سوريا الديمقراطية "قسد"

رؤية – محمود سعيد

تشهد بعض مدن الشمال السوري تحركات غريبة ، من قبل القوى المتحكمة فيه، فقبل 48 ساعة انسحبت القوات الروسية من مدينة تل رفعت الاستراتيجية بريف حلب الشمالي، والمدينة تسيطر عليها مليشيات سوريا الديمقراطية التي تعرف إعلاميا باسم “قسد” والتي تتحالف مع روسيا في بعض المدن ومع الولايات المتحدة الأمريكية في مدن أخرى!، وسرعان ما دخل سلاح الجو التركي على الخط وألقى منشورات على المدينة مهددا “قسد” التي سماها بـ”عصابات جبال قنديل” بالانسحاب والاتعاظ مما جرى في عفرين من قبل، وسريعا بعد انسحاب نحو 100 جندي روسي من المنطقة برفقة آليات عسكرية، سارعت مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني بالانتشار فيها.

والجدير بالذكر أن “قسد” سيطرت في 2016م مدعومة بالطائرات الروسية على مدينة تل رفعت، مستفيدة في حينها من انشغال الفصائل السورية المعارضة بصد اجتياح داعش للريف الشمالي.

هذه التحركات العسكرية فتحت الباب للحديث عن صفقة روسية تركية متعلقة بأوكرانيا وهي حليفة لتركيا ، وتعتبر مدينة “تل رفعت” من أبرز أهداف فصائل السورية المعارضة والقوات التركي المستقبلية، ويعرب أهالي المدينة المهجرين عن أملهم في إخراج “مليشيا قسد” من المدينة، ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم.

وأمام كل هذه السيناريوهات والتحليلات، عادت القوات الروسية إلى قاعدتي تل رفعت وكعشتار، بعد يومين من انسحابها من المنطقة التي شهدت احتجاجات من عناصر قسد ترفض خروجها.

تركيا على الخط

فيما ألقت طائرات مسيرة تركية مناشير تحذيرية في مدينة “تل رفعت” في ريف حلب الشمالي، والخاضعة لسيطرة ميليشيا “قسد”، المنشورات حذرت سكان مدينة “تل رفعت” من الوثوق بميليشيا “قسد”، وجاء في المنشور: “من يثق بقادة عصابات قنديل كمن يثق بالماء بالغربال، وما حدث قبل ثلاثة سنوات بعفرين أوضح دليل على ذلك”.

وأضاف “انتفضوا على هذه العصابة التي تكذب عليكم وانجوا بأنفسكم وبأولادكم وغادروا المنطقة، فبوادر عودة الحق لأصحابه قد لاحت لكم”، وأشار المنشور إلى أن “أبناء الأرض الحقيقيين سيعودون إلى أرضهم”، وأضاف محذراً “وقد أعذر من أنذر”.

وألقيت المنشورات بعد ساعات من تداول أنباء عن انسحاب قوات روسية من مدينة تل رفعت، نحو مدينة حلب.

المعارضة السورية المسلحة

من جانبه، قال الناطق باسم “الجيش الوطني”، الرائد يوسف حمود: “لا معلومات واضحة عن التحركات الروسية في تل رفعت، ومن غير الواضح بعد ما إن كان الانسحاب اعتياديا، أم دائما”، ولم يستبعد حمود في هذا السياق، أن يكون الهدف من الانسحاب الروسي، هو الضغط على “قسد”، في ملف شرق الفرات، مستدركاً: “للآن لا نستطيع الحكم على الهدف النهائي من التحركات الروسية المفاجئة”.

بدوره، قال القيادي في “الجيش الحر” المقدم عبد السلام عبد الرزاق، إن “القوات الروسية أجرت عمليات إعادة انتشار لأكثر من مرة في الشريط الذي تحتله “قسد” منذ سنوات، حيث أخلت بعض النقاط وتمركزت في مناطق أخرى”، وأضاف في تصريحات صحفية أن روسيا كما يبدو “تعيد حساباتها ومدى استفادتها من التواجد شمال حلب، وغالباً تبدو روسيا ذاهبة نحو خيار الانسحاب الكامل من شمال حلب، في ظل الخلافات مع “قسد” على توريد النفط وفتح المعابر”.

من جانب آخر، أشار عبد الرزاق إلى التنافس الروسي الإيراني في المنطقة، وقال: “قد يكون لحسابات الصراع على النفوذ دور، حيث تأتي أهمية تل رفعت من قربها من بلدة نبل التي تعد معقلا للقوات الإيرانية في حلب”.

إعلام قسد

فيما قالت وكالة أنباء “هاوار” الكردية منذ يومين إن القوات الروسية انسحبت من عدة نقاط لها في “مقاطعة الشهباء”، وأشارت إلى أنها ستنسحب من كامل الشهباء، وذكرت الوكالة المرتبطة بـ”قسد”، أن إحدى الوحدات الروسية انسحبت من نقاطها في كل من ناحية “تل رفعت” و”شيراوا وكشتعار”، بريف حلب.

ولفتت إلى أن القوات الروسية تستعد للخروج من كامل “مقاطعة الشهباء”، والتوجه نحو مدينة حلب، دون ذكر سبب هذا التحرك، وسط غموض أسباب إخلاء تلك النقاط العسكرية.

خلافات روسيا وقسد

مركز “جسور” رأى أنّ روسيا تحاول الضغط على قسد من أجل زيادة كمية النفط المورّد إلى مناطق سيطرة النّظام مع تسهيل مروره، وكذلك فرض ضرائب على الأشخاص والبضائع القادمة من مناطق الإدارة الذاتية، وأضاف: يأتي ذلك بعد أن تعثّرت جهود الضغط على (قسد) عندما تم تعطيل أسواق التصدير الأساسية التي كانت تعتمد عليها قوات سورية الديمقراطية في بيع إنتاجها، وذلك بإغلاق معبر شعيب الذكر غرب الرقة من قبل النّظام، وبقصف مصافي التكرير البدائية (الحراقات) في مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب.

وأردف: “مع ذلك، لا يبدو أنّ لدى روسيا نيّةً للانسحاب الكامل من منطقة تل رفعت؛ مما يجعل هامش المناورة والضغط على قوات سوريا الديمقراطية محدوداً، ويتيح لهذه الأخيرة القدرة على عدم الاستجابة؛ على غرار ما قامت به في عين عيسى، وإخلاء روسيا من مواقعها شمال حلب بشكلٍ كامل ودائم يعني إتاحة المجال لإيران كي تملأ الفراغ وبالتالي تَراجع التأثير في الملف لصالحها؛ سواءً بالمفاوضات مع تركيا أو مع قوات سورية الديمقراطية”.

ربما يعجبك أيضا