إسرائيل وإيران.. حروب استخباراتية ساخنة

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد 

تزايدت الهجمات أو الضربات العسكرية المحدودة ما بين إسرائيل وإيران، فهي مستمرة في مياه الخليج بالاستهداف المتبادل للسفن، لكن في أعقاب حادثة “تخريب” مولدات الطاقة في موقع “نطنز” النووي الإيراني، انتقلت المواجهة إلى العراق وتحديدا إلى إقليم كردستان، بضرب أحد مراكز عمل إسرائيل في إقليم كردستان العراق ـ أربيل. إقليم كردستان نفى ذلك، وإسرائيل لم تؤكد ذلك، لكن التسريبات من داخل إيران تقول إنه بالفعل كانت هناك عملية، فما صحة ذلك وما تداعياته إن صحت الرواية ؟.

مجموعة مسلحة استهدفت موقعًا تابعًا للموساد الإسرائيلي في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق يوم 15 أبريل 2021. المركز للرصد والعمليات للموساد، وأدى إلى مقتل عدد من العاملين فيه. ولم يرد أي رد رسمي من قبل تل أبيب أو أربيل.

وفي سياق تصعيد المواجهة ما بين إسرائيل وإيران، تعرضت سفينة تابعة لشركة إسرائيلية لهجوم قرب ميناء الفجيرة الإماراتي،  يوم 13 إبريل 2021 وتقول مصادر إسرائيلية إن إيران تقف وراء الهجوم هذا، فيما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن لا إصابات في الهجوم على السفينة المملوكة لإسرائيل قبالة الإمارات.

وفي المقابل كشفت صحيفة نيويورك تايمز يوم 7 إبريل 2021 أن القوات الإسرائيلية ضربت سفينة إيرانية في البحر الأحمر. وأبلغت تل أبيب للولايات المتحدة أن قواتها العسكرية قامت بالهجوم على سفينة إيرانية ، مضيفة أن الهجوم جاء كرد مباشر على هجمات سابقة  استهدفت عدة سفن إسرائيلية، بحسب ما أكده مسؤول أمريكي رفيع لصحيفة نيويورك تايمز. 

هذا التوتر الجديد بين تل أبيب وطهران يأتي في الوقت الذي تباشر فيه الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الموقع في العام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. 

كردستان محطة للاستخبارات الإسرائيلية ـ الموساد

إن أنشطة إسرائيل في كردستان العراق تعود إلى سنوات طويلة، حصلت كردستان العراق على الدعم ضد الحكومة المركزية، وهذه العلاقة، موجودة، وفق المعطيات والتوجهات السياسية لكردستان، لكن سياسيا ودبلوماسيا لا تعلن كردستان علاقتها بإسرائيل بسبب أنها تابعة إلى الحكومة المركزية في بغداد والتي ترفض العلاقة مع إسرائيل.

نتيجة العداء وحرب الاستخبارات ما بين إسرائيل وإيران، فتعتبر كردستان العراق، أفضل محطة للرصد والمتابعة تحديدا ضد إيران: في التجنيد ، كون هناك عناصر إيرانية في إقليم كردستان وكذلك محطة استخباراتية نموذجية لأنشطة الموساد، لأسباب جغرافية وديموغرافية أيضا.

وفقا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية لعام 2006 ، كان هناك دليل على أن خبراء إسرائيليين قد أرسلوا إلى كردستان العراق لتوفير التدريب لبيشمركة  ورفض المسؤولون الأكراد التعليق على التقرير ونفت إسرائيل علمها بأي تورط.

نفي الإسرائيلي 

إن أنشطة الاستخبارات دوليا، تعتبر “خارجة عن القانون” أو أنشطة غير شرعية، والاعتراف بتنفيذ مثل هذه العمليات، يعتبر إدانة دوليا، ويحاسب عليه القانون الدولي ـ مجلس الأمن، إذا الرفض، وما تعلنه وزارة الخارجية الإسرائيلية لا يمكن التعويل له، ما تصرح به الدبلوماسية عادة لا يكشف ما تقوم به الاستخبارات وهذه قواعد أساسية في العمل والعلاقة ما بين الحكومة والحكومة الخفية ، الاستخبارات .

نفي إقليم كردستان

حكومة إقليم كردستان  العراق نفت الأنباء المتدولة عن وجود هجومٍ على مؤسسة استخبارية إسرائيلية في الإقليم. وذكر المتحدث باسم حكومة الإقليم جوتيار عادل، في بيان أن “مؤسسات إعلامية عديدة في المنطقة تداولت تقارير زعمت فيها استهداف مركز للمعلومات والأنشطة الاستخبارية الإسرائيلية ومقتل وجرح عدد من العاملين فيه أن نفي إقليم كردستان لوجود محطة وربما أكثر من ذلك على مستوى مراكز استخبارات ومعسكرات تدريب في كردستان، هو أمر طبيعي، يعود بحكم علاقتها مع بغداد، ويحاسب عليه القانون العراقي.

حروب الاستخبارات

اليوم العالم يشهد حروبًا استخباراتية معلوماتية بضمنها السايبر بديلا عن الحروب التقليدية، وهذا يعني أن الحروب الاستخباراتية ما بين إيران وخصومها سوف تشهد تصاعدا.

ما تهدف له إيران أيضا هو إرجاع العلاقة ما بين إقليم كردستان وبغداد إلى الوراء، وتهديد أمن كردستان، بعد أن قدم هذا الإقليم النموذج الإيجابي لإقامة نظام سياسي وتنمية، رغم ما يملكه من موارد محدودة.

تعيش الآن إيران وإسرائيل فترة حروب ساخنة في أعقاب تصعيد الأولى تخصيبها لليورانيوم، وخلافاتها مع واشنطن وأوروبا، يذكر أن إيران لديها هاجس كبير من استهداف علمائها وخبرائها ومواقعها النووية، لذا هي تقوم ” بخطوة وقائية” بنقل مواجهتها مع خصومها خارج أراضيها، وهذا يعتبر أيضا قاعدة أساسية في عمل الاستخبارات الإيرانية.

إن تعرض سفينة إسرائيلية قرب المياه الخليجية ـ الإمارات،، في أعقاب تعرض موقع “طنطز” لعملية تخريب بتوقيف الطاقة الرئيسية وسبقتها عمليات اغتيالات لقاسم سليماني ومحسن فخري زاده وشخصيات أخرى، جميعها، تقول بأن حرب الاستخبارات بين الطرفين، تبقى ساخنة ومن المتوقع أن تشهد هذه الحروب الاستخبارية تصعيدا أكثر.

إيران تعيد سيناريو الطائرات المسيرة من اليمن ـ الحوثيون، عندما استهدفت منشآت نفطية ومواقع داخل المملكة العربية السعودية، وهذا يعني أن إقليم كوردستان وكذلك باقي أجزاء العراق سوف يشهد تصعيدا من هذا النوع من الضربات : طائرات مسيرة وصواريخ، وهذا ما يعقد المشهد الأمني في بغداد وإقليم كردستان.

ويبدو أن كل من حكومة بغداد وكذلك إقليم كردستان غير قادرتين على ضبط  أنشطة الجماعات المسلحة والأحزاب السياسية الموالية لإيران، وهذا يعني أن العراق لا يوجد له خيار في مواجهة هذا النوع من الضربات، غير اعتماد سياسات وإجراءات أمنية جديدة، تتماشى مع “تكتيك” إيران بشن هجمات ضد أهداف داخل العراق.

ربما يعجبك أيضا