الاحتلال ومستوطنوه يلاحقون أهل الكهف‎

محمود

محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – في قصة أهل الكهف الشهيرة، لاحق جنود الاحتلال الروماني آنذاك، فتية آمنوا بالله وأخلصوا في إيمانهم، ويروى أن جاسوسا “يهوديا” يدعى عزرائيل كان السبب في اكتشاف أمر الفتية، أحفاد عزرائيل وبعد كل هذا الوقت هم الاحتلال والجواسيس أيضا، والضحية هم أيضا أصحاب الأرض والقضية من أهل الكهوف المتجذرين بأرضهم.

فجر اليوم الجمعة وفي جنوب الضفة الغربية وتحديدا قرب مستوطنة “حفات ماعون” المقامة عنوة على أراضي المواطنين شرق يطا، استولى مستوطنون على “كهف”، تعود ملكيته لعائلة داود، وأطلقوا أغنامهم في أراضي المواطنين وأتلفوا محاصيلهم الزراعية، رغم وجود حكم قضائي من المحاكم الإسرائيلية يمنع دخول المستوطنين لتلك المنطقة، انتزعه أصحاب الأرض بعد محاولة المستوطنون الاستيلاء على تلك المنطقة قبل عدة أعوام.

وفي المنطقة المذكورة، وفي مسافر يطا بمدينة الخليل تقاوم 19 عائلة فلسطينية تقسم في كهوف حجرية بأجسادها وصمودها في ارضها مخططات أعتى جيش في المنطقة، مصحوب باعتداءات المستوطنين، وخططهم التوسعية في ارض المفقرة (التي كان لها من اسمها نصيب، وهي التي تعني الأرض البور الفقيرة).

الحياة في الكهوف قاسية، خاصة مع برد الشتاء وأمطاره الغزيرة التي تجتاح الكهوف مع كل مرة تمطر فيها السماء، الرطوبة تنخر أجساد قاطني الكهوف، فالشمس تعجز عن الدخول إلى قلب الكهف إذ لا نوافذ فيه والعتمة بداخله قاتمة، تعكس سوداويته الحال، حتى أن الأسمنت الذي حاول أرباب تلك الأسر إسناد جدران الكهوف به، تشي تسطحاته بعجزه وضعفه أمام ثقل الصخور القاسية التي قد تتهاوى على قاطني الكهف.

وتعتبر خربة المفقرة، جنوب يطا، إحدى القرى الثماني في منطقة مسافر يطا المستهدفة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه والمهددة بالهدم والترحيل، حيث أنّ سكان الخربة جميعهم حاصلون على إخطارات هدم وترحيل، ومنازل عدّة تمّ ترميمها مهدّدة في الوقت الحالي بالدمار تحت عجلات الجرافات.

تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة مسجداً هُدم مرات عدّة بذريعة البناء من دون ترخيص، أولاها في عام 2011 قبل أن يُعاد بناؤه ويُهدم ثانية في عام 2012.

وفي بداية العام الماضي، هُدم للمرة الثالثة وبُني من جديد، ليحصل أخيراً على إخطار بالهدم. وقد حرمت سلطات الاحتلال أهالي خربة المفقرة من التزوّد بالكهرباء عند محاولتهم مدّ شبكة خاصة من خربة التوانة القريبة، فخلعت أعمدة الكهرباء ودمّرتها.

تقع خربة المفقرة بين ثلاث مستوطنات، الأقرب إليها مستوطنة “أفيغال” التي تتميّز بمبانيها العصرية والحديثة وتمتد وتتوسع على حساب أراضي الفلسطينيين هناك. بالتالي، فإنّ سلطات الاحتلال تطمع بالخربة وتسعى إلى طرد أهاليها والسيطرة على أراضيهم وسرقتها لصالح تلك المستوطنة.

ويقول منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الخليل، راتب الجبور، أنّ “سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى إلى طرد أهالي الخربة والاستيلاء على أراضيهم لمصلحة المستوطنات، بالتالي يجدون أنفسهم ملاحقين من قبل جمعية صهيونية مهمتها مساعدة عناصر الإدارة المدنية التابعة لقوات الاحتلال وتصوير أيّ عملية بناء جديدة في الخربة أو أيّ إضافة هناك. هكذا يُرسل إخطار إلى المعنيين ويُهدم البناء أو يُصادَر”.

من جهة أخرى، تُسجّل اعتداءات من قبل المستوطنين على رعاة الأغنام، ويُلاحقون في مراعيهم في حين تُحرَق محاصيلهم الزراعية وتُقطع الأشجار، كون تربية المواشي هي عصب الحياة هناك. هكذا، تسهّل قوات الاحتلال المهمة أمام المستوطنين لشنّ هجمات على نحو 60 شخصاً يعيشون هناك وتهديد حياتهم وملاحقتهم في أدقّ التفاصيل.

ويشير الجبور إلى أنّ “الاحتلال الإسرائيلي يصنّف موقع خربة المفقرة من ضمن المنطقة المصنفة 918، وهي مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين في مسافر يطا تُعَدّ مصادرة بموجب قرار عسكري بذريعة أنّها منطقة رماية وإطلاق نار. لكنّها تُصادر في الحقيقة لأنّها أراض تصلح لبناء المشاريع الاستيطانية”.

وأشار إلى الحياة البسيطة والقاسية التي يعيشها أهالي المقفرة والتي لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة الضرورية، حتى أن الأطفال في خربة المقفرة يضطرون للسير مشيا على الأقدام حوالي 5 كيلو متر للوصول للمدرسة في القرية المجاورة لخربتهم والواقعة في بلدة لتواني.

كهف فراسين يقاوم الاستيطان في شمال الضفة الغربية أيضا

الفلسطيني أحمد عمارنة (30 عاما)، يعيش مع زوجته الحامل وطفلته الصغيرة، وأغنامه التي يسترزق من حليبها في كهف لا تتعدى مساحته 50 متراً، في قرية “فراسين” بالقرب من جنين بالضفة المحتلة، استصلحه وأعاد ترميمه، بعد أن فقد الأمل في الحصول على رخصة للبناء من الجانب الإسرائيلي،  لكن واقع الاحتلال جعل كل شيء في فلسطين مستهدفا ومهددا بالهدم والتجريف، حتى جدران الكهف التي أوجدتها الطبيعة وحفرها الأجداد القدامى منذ مئات السنين، لم تكن بمنأى عن ذلك .

حالة من الخوف والقلق والترقب تسيطر على عائلة عمارنة، بعد أن باتت حياتهم مهددة بالترحيل والتهجير، فالكهف الذي يأويهم معرض للهدم والردم، حيث تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية التضييق على السكان الفلسطينيين، فكلما حاولنا بناء منازل من الطوب والإسمنت يهدمها الاحتلال، حتى المغارات والكهوف لم تسلم من غطرستهم، بهدف طرد السكان من مساكنهم وأراضيهم والسيطرة عليها لصالح مشروع الضم والاستيطان، مخترقة كافة القوانين الدولية والإنسانية.

ومنذ فترة تم إنشاء بؤرة استيطانية جديدة هناك محاذية لمستوطنة “حرميش” المقامة على أراضي جنين.

ربما يعجبك أيضا