بسبب تواطؤ النظام.. تسلل إيراني للاستحواذ على عقارات السوريين

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

في محاولة لتغيير الخريطة السكانية، تسعى الميلشيات الإيرانية في سوريا لتوسيع تمددهم عبر شراء المزيد من الأراضي والعقارات وتحديدًا من دمشق إلى حمص ودير الزور، وسط تحذيرات من عواقب التمدد الإيراني على البنى الاجتماعي السكانية والاقتصادية في البلد المنكوب منذ سنوات بسبب الحرب والصراعات الإقليمية التي تشهدها الساحة السورية ويدفع ثمنها المدنيون،الأمر الذي ساهم في نزوح السوريين قسريًا وانتشار تجارة المخدرات، فيما يتهم النظام السوري بالتواطؤ لصالح بيع الممتلكات للميلشيات لإحكام سيطرته ومن ثم دعم النظام على حساب أملاك الشعب السوري.

تسلل إيراني عقاري

 تصاعدت في الآونة الأخيرة حملة شراء العقارات من قبل مجموعات موالية لإيران، وذلك حسبما أفادت مصادر من داخل الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق.

كما نبهت تلك المصادر إلى خطورة ما يجري في مثلث دمشق – حمص – دير الزور، النشط في مجال الاستحواذ العقاري الإيراني، محذرةً من العواقب على البنى الاجتماعية السكانية والاقتصادية للبلاد، بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”.

يذكر أن العديد من التجار الذين يتحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، ويرتبطون بشكل مباشر بميلشيا “لواء العباس” العراقية الموالية للقوات الإيرانية، يواصلون شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية، عبر المدعو “أبو ياسر البكاري”، الذي سبق له أن اشترى العديد من العقارات في مناطق متفرقة من الغوطة الشرقية بأوامر من “ع.ا” قائد ميلشيا موالية لإيران، بحسب ما أكد سابقا المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتركزت عمليات الشراء خلال الفترة الأخيرة في مناطق القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، وتحديداً في “زبدين – دير العصافير – حتيتة التركمان – المليحة”، حيث تم شراء مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمنازل والمطاعم والمتنزهات التي تضررت بفعل العمليات العسكرية في السنوات الأخيرة، كما تم شراء نحو 100 منزل في مدينة المليحة، بعض من تلك المنازل مدمر بشكل شبه كامل.

وسطاء بفعل الحرب

ونتيجة لظروف الحرب التي تشهدها سوريا، هناك مساعي جارية للاستيلاء على مساكن وعقارات من هم خارج البلاد، حيث أفاد المرصد أن هناك مفاوضات تجري بين التجار الوسطاء، وأصحاب المكاتب العقارية، لشراء أبنية تعود ملكيتها لأشخاص غالبيتهم خارج البلاد، سُوّيت ممتلكاتهم بالأرض بفعل الضربات الجوية خلال العمليات العسكرية للنظام في المنطقة، وخلال الفترة الماضية بدأ الوسطاء التجار في البحث عن أبنية مدمرة لشرائها من أصحابها.

وبحسب المراقبين تتصاعد خطورة التغيير الديموغرافي الذي جرى خلال السنوات الماضية ولا يزال يجري في سوريا، سواء من قبل قوات النظام أو الميلشيات والفصائل المتحاربة على طول مساحة الأراضي السورية.

ووفقا للمرصد السوري، تنشط الميلشيات الموالية لإيران في شراء ومصادرة أراض وعقارات على الحدود بين لبنان وسوريا وسط صمن من النظام السوري، حيث تم نقل ملكية مئات الأراضي والعقارات إلى مليشيات موالية لإيران وبرعاية حزب الله، وهي عمليات مخالفة للقانون السوري الذي يمنع بيع الأراضي الحدودية.

التهجير القسري 

بالإضافة إلى ذلك ساهمت عمليات التهجير القسري في إخلاء العديد من المدن لصالح الميلشيات الموالية لإيران، فالخبير في الشؤون السورية، فابريس بالانش، قال في تقرير سابق له” إن ما يحدث في سوريا “عملية تغيير ديموغرافية سياسية وإتنية”.

وأشار إلى أن اتفاقات الإجلاء كرست عمليات نقل السكان من مناطق إلى أخرى، حيث شهدت سوريا عمليات إجلاء عدة، أبرزها من الغوطة الشرقية قرب دمشق خلال 2019، وفي ديسمبر 2016 من الأحياء الشرقية في مدينة حلب.

ومنذ العام 2015، وبموجب اتفاق بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة، تم على مراحل إجلاء الآلاف من سكان قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمحاصرتين من الفصائل الإسلامية في إدلب، مقابل خروج الآلاف من بلدتي مضايا والزبداني قرب دمشق اللتين كانتا محاصرتين من النظام.

تجارة المخدرات

مع استيلاء الميلشيات الإيرانية على العديد من المواقع انتشرت تجارة المخدرات، حيث كشف تقرير سابق للمرصد السوري نقلا عن مصادر بوجود ما لا يقل عن 14 معملا للمخدرات على الحدود السورية – اللبنانية، حيث تقوم ميلشيات بالتعاون مع وكلاء حزب الله في المنطقة بإنتاج المخدرات والحشيش والترويج لها.

وذكرت المصادر أن سوريا تشكل المنفذ الرئيسي حاليا لميلشيات حزب الله المتخصصة في تجارة الحشيش والمخدرات مستغلة حالة الانفلات الأمني والمعارك التي تدور في البلاد.

وفي مطلع العام 2020 شهدت منطقة القلمون الغربي، قتال مسلح بين ميلشيات حزب الله وعناصر من جيش الدفاع الوطني، والتي أسفرت عن إصابات من الطرفين، والتي تبين فيما بعد أن سببها يعود لخلافات مادية بين قادة “الدفاع الوطني” وقادة ميلشيات حزب الله، والمتعلقة بأرباح مبيعات المخدرات والحشيش.

من المسؤول؟

برغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على سيطرة قوات النظام والميلشيات الإيرانية على مدينة دير الزور، إلا أن معظم أحيائها ما يزال مدمّراً وخارج خطط “إعادة الأعمار” وإزالة أنقاض المنازل المدمرة، بالإضافة إلى التهميش والإهمال الخَدَمي.

ويتعمد النظام إهمال الأحياء بهدف إجبار الأهالي على بيع عقاراتهم لجهات إيرانية عبر سماسرة وشخصيات مقربة من الميلشيات الإيرانية.

وبحسب مصادر خاصة بتلفزيون سوريا، فإن النظام يشترط لإعادة إعمار المباني المدمرة، تنفيذ بيع العقارات بمختلف حالاتها للميلشيات الإيرانية، حيث يتم إطلاق يد السماسرة في المنطقة لشراء المنازل المدمرة كمرحلة أولى ومن ثم شراء ما أمكن من المنازل الصالحة للسكن.

وأوضحت المصادر أن من أهم هؤلاء السماسرة في مدينة دير الزور هم: مختار حي “البعاجين”، كاسر الحبش، ومنسق مركز “الكشاف الإيراني” بدير الزور، راشد الفيصل، بالإضافة إلى منسق المركز الثقافي،

وبسبب تعمد النظام كثف الحرس الثوري الإيراني خلال الأشهر الماضية من عمليات شراء العقارات في كل المحافظات السورية ، بحسب ما أكد المحامي السوري بشير البسام ، لافتًا إلى أن بيع مئات العقارات سيكون لها تبعات سلبية في المستقبل على مئات السوريين وعلى الاقتصاد السوري ككل، بعد استحواذ الحرس الثوري على ملكيات مئات العقارات للسوريين الهاربين خارج البلاد أو النازحين بفعل تواطؤ النظام السوري.

ربما يعجبك أيضا