الهجرة ما زالت تثير الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

ما زال ملف الهجرة، يمثل تحديا كبيرا إلى الاتحاد الأوروبي من الداخل، فرغم نجاح دول الاتحاد الأوروبي، ربما بالحصول على إجماع حول مجمل القضايا، أبرزها، “البريكست “، ملف الإرهاب والتطرف، وجائحة كورونا والمخاطر شرق المتوسط، فان “مسألة الهجرة” ما زالت تفرض بظلالها على هذا الاتحاد.

اقترحت المفوضية الأوروبية في بروكسل يوم 12 مارس 2021 انه على الدول الأوروبية الـ27 تحديد قائمة بالدول التي ينحدر منها المهاجرون لتحسين التعاون معها لاستعادة رعاياها، الذين هم في وضع غير قانوني. وذكرت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي “يلفا جوهانسون” في أعقاب ذلك، أن التكتل يجب أن يكثف الضغط على الدول غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لاستعادة مهاجرين بالتهديد بتغيير سياساتها الخاصة بالتأشيرة. وقالت إنه من أصل نصف مليون ” قرار عودة – أي الأوامر التي صدرت للمهاجرين لمغادرة التكتل- في 2019، لم يتم فعليا إعادة سوى عدد يتراوح بين 140 ألف و 150 ألف شخص. 

اتفاقية اللجوء الموقعة ما بين الاتحاد الأوروبي وتركيا

ما زالت اتفاقية اللجوء الموقعة ما بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، عام 2016، موضع جدل، فالبعض يعتبرها اتفاقية، غير فاعلة ويطالب بإلغائها، والبعض الآخر يطالب، بتعديلها من اجل مواجهة أزمة اللاجئين. الاتفاقية تنص، أن تتلقى أنقرة بموجبه مساعدات سياسية ومالية مقابل التصدي للمهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون لدخول دول الاتحاد . وأدى الاتفاق بالفعل حينها  إلى خفض أعداد المهاجرين نسبيا الذين يصلون إلى أوروبا، وتلقت تركيا الجزء الأكبر من ستة مليارات يورو 15,7 مليارات دولار خصصها الاتحاد الأوروبي كمساعدات لأنقرة بموجب الاتفاق. وعلى الرغم من ذلك، تقول أنقرة إن بروكسل لم تف بوعودها بتخفيف شروط منح تأشيرات الدخول للأتراك، وتوسيع الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي. ورغم انخفاض عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا بشكل ملحوظ منذ توقيع الاتفاق، إلا أنه لم تتم إعادة سوى 2740 مهاجراً إلى تركيا، بينما استقبلت الدول الأوروبية 28621 مهاجراً من تركيا في إطار الاتفاقية، وهو أقل مما كانت قد وعدت به. وقالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أولريكه ديمر، 17 مارس 2021  إن الجانبين تمسكا بالاتفاق ونفذاه معاَ (..).

وترى النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب اليسار “كورنيليا إرنست”  أن المعسكرات في الجزر اليونانية هي “رمز لانتهاكات الحقوق الأساسية”. ويعتقد عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر، إريك ماركوارت، أن اتفاق اللجوء مع تركيا “أهمل حقوق الإنسان وإن نجاحه يقاس بمدى عزل أوروبا نفسها”. وينتقد ماركوارت أن الاتفاق توصلت إليه الحكومات “دون مناقشتها أو تمريرها في البرلمانات”.

وأوشك اتفاق اللجوء بين أنقرة وبروكسل على الانهيار خلال عام 2020، عندما احتشد آلاف المهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من أفغانستان وباكستان والعراق، على الحدود بين تركيا واليونان، حيث فتحت أنقرة الحدود أمام الساعين إلى دخول أوروبا، ولكن أزمة الحدود توقفت بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد. ويستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتفاقية للضغط على الاتحاد الأوروبي، إذ هدد مراراً وتكراراً بفتح الحدود إن لم ترسل أوروبا المزيد من الأموال.

ويرى خبراء أن الاتفاق الآن بحاجة إلى مزيد من التمويل، وإلى أن يمتد  ليشمل مجموعات أخرى من المهاجرين في تركيا، وذلك بحسب ما ذكرته سينم آدار، الباحثة في مركز دراسات تركيا التطبيقية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية. وقالت آدار: يجب أن تدعم البرامج المستقبلية في هذا الشأن أيضاً عمليات الاندماج، حيث من المرجح أن يفضل معظم السوريين البقاء في تركيا.

ويقول “جيرالد كنوز”، من مبادرة استقرار أوروبا، إن اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي سيفشل، إذا لم يتم تحديثه أو التوصل إلى اتفاق آخر بدلاً منه. وقال كنوز في ندوة عبر الإنترنت نظمتها رابطة أبحاث الهجرة، مقرها إسطنبول، إن على الاتحاد الأوروبي زيادة المساعدات للمهاجرين الموجودين في تركيا، والبدء في استقبال المزيد منهم. ويرى مراد أردوغان أنه إذا لم يحدث ذلك، فمن الممكن أن تميل أنقرة إلى السماح للمهاجرين بعبور حدودها الأوروبية واستخدام ذلك كورقة مساومة.

بيد أن هناك من يرى أن الاتفاق لن يعيش مطولًا، ومنهم” بانو بوتفارا”، من معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية، إذ يقول إن أنقرة “شرعت في آخر عملياتها العسكرية دون أن تتشاور مع حلفائها في الناتو، وهو ما رفع من أعداد اللاجئين”. ويضيف المتحدث: “في هذا السياق، لا يمكن منطقيًا أن ننتظر من الاتحاد الأوروبي أن يقدم لتركيا شيكًا على بياض، فإذا ما أرادت أوروبا أن تستمر في الدعم المالي لتركيا، فعلى هذه الأخيرة ألاّ تكرّر مثل هذه العمليات العسكرية”.

ويسعى الاتحاد الأوروبي الحفظ على الاتفاق مع تركيا، من اجل استضافة ما يقارب أربعة ملايين من اللاجئين في سوريا وقالت “فون دير لاين” رئيسة المفوضية الأوروبية، يوم 06 أبريل 2021 ، إن المفوضية ستقدم مقترحا إلى تركيا خلال وقت قريب لضمان تدفق الأموال للاجئين، مضيفة أن أوروبا تريد “علاقات أفضل بكثير” مع أنقرة لكن الأمر “لا يزال “مبكرا”. وخلال زيارة يجريانها إلى أنقرة  يوم 06 أبريل 2021 لإنعاش العلاقات الثنائية، أعرب رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الزيارة عن قلقهما حيال ملف حقوق الإنسان في تركيا، مشدّدين في المقابل على أهمية الشراكة معها. 

اتفاقية دبلن 

أنشئ نظام دبلن الخاص باللاجئين بموجب معاهدة دبلن التي أقرت يوم 15  يونيو 1990، ووقعت عليها (12) دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، ودخلت حيز التنفيذ في 1  (سبتمبر) 1997،ويأتي الهدف من اتفاقية دبلن أنه لا يمكن لطالبي اللجوء التقدم بطلب اللجوء إلا في دولة واحدة فقط من دول الاتحاد الأوروبي ، حيث تنص اتفاقية دبلن بأن طالب اللجوء  في دول الاتحاد الأوروبي  يخضع إلى أخذ بصماته  وفقا إلى اتفاق (System Eurodac) يتم إدراج بصمات طالب اللجوء في بنك المعلومات ومن خلال ذلك يمكن تحديد إذا ما كان تقدم بطلب لجوء في دولة أوروبية أخرى.

تتناول معاهدة دبلن في مضامينها الكثير من المعايير القانونية والإجراءات العملية المنظمة لتعاطي الدول الأعضاء فيها مع قضايا اللجوء أبرزها: لا يُسمح لأي شخص بتقديم طلب لجوء في أكثر من دولة من دول المعاهدة، وسيتم إعادته إلى الدولة الأولى التي أخذت بصماته فيها، منع تعدد طلبات اللجوء من الشخص الواحد داخل أوروبا، بحظرها على صاحب الطلب أن يقدم طلبات لجوء في دول أوروبية أخرى أعضاء في معاهدة دبلن، وحصره في دولة واحدة فقط.

وكالة “فرونتيكس، وتحدي السيطرة على حدود الاتحاد الخارجية

تمتلك وكالة فرونتكس حاليا أكثر من (800) موظف وميزانية سنوية تبلغ حوالي (450) مليون يورو.  وكان قد وقع الاتحاد الأوروبي وجمهورية الجبل الأسود في 9 أكتوبر 2019 اتفاق تعاون يسمح لوكالة حماية حدود الاتحاد الأوروبي “فرونتكس” بمساعدة الجبل الأسود على إدارة حدودها المشتركة مع دول الاتحاد من أجل السيطرة على الهجرة وحظي الاتفاق بموافقة المفوضية الأوروبية. أعرب “فابريس ليجيري” المدير التنفيذي لفرونتكس، في 4 مايو 2020عن أن مصلحتنا المشتركة هي مكافحة الإرهاب وضمان سلامة مواطنينا أثناء التنقل وأننا نحن بحاجة إلى تحسين أمن الحدود باستمرار دون جعل الحياة أكثر صعوبة للمسافرين الشرعيين. وكانت قد اعتزمت وكالة فرونتكس تقديم عدد من الموظفين وطائرات الهليكوبتر والعربات والتجهيزات لتأمين حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. 

اليمين المتطرف يستثمر “أزمة” اللاجئين

يسعى اليمين المتطرف الأوروبي إلى تحقيق مكاسب انتخابية من خلال اعتماد خطاب مضاد للهجرة ومشكك في شرعية الاتحاد الأوروبي وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية. وجاءت النتائج الانتخابية في كل من ألمانيا وهولندا والنمسا لتعطي الأحزاب اليمينية المتطرفة أملا بوصولها إلى السلطة وإعادة تشكيل المشهد السياسي للقارة العجوز. وتأتي الانتخابات الإيطالية القادمة في هذا الإطار حيث يسعى اليمين المتطرف إلى تحقيق مكاسب تخوله احتلال جزء من المشهد السياسي العام في بلاده.

أعلن حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف عن نيته ترحيل الآلاف من طالبي اللجوء في إيطاليا، كجزء من مخطط جذري يهدف إلى إعادة صياغة سياسة اللجوء الإيطالية. هذا جزء من خطاب الحزب المتطرف الانتخابي، الذي وعد جمهوره بوقف الهجرة إلى جانب الكثير من الوعود الأخرى المثيرة للجدل. ولم يكتف الحزب، ضمن برنامجه الانتخابي، بالحديث عن وقف الهجرة  بل وعد مناصريه باتخاذ تدابير وإجراءات قضائية تزيد من صعوبة الحصول على موافقة على طلبات اللجوء.

مشروع جديد يلزم دول الاتحاد الأوروبي بتقاسم استقبال اللاجئين

في مشروع جديد للمفوضية الأوروبية تمت مناقشته في 23.09.2020 سيكون التضامن إلزامياً بين دول الاتحاد في حال وقوع ضغط نتيجة استقبال اللاجئين، وأن تتم مساعدة أيّ دولة عضو من بقية الأعضاء، خاصة من لدن دول كانت دائماً تتهرب من المساهمة في العملية.وترغب المفوضية الأوروبية في إخراج “آلية تضامن إلزامية” بين الدول الأعضاء في الاتحاد، لأجل مساعدة أيّ دولة عضو إذا ما تعرّضت لضغط في استقبال اللاجئين القادمين من دول كاليونان أو مالطا أو إيطاليا، وكذلك فيما يخصّ التعامل مع الذين ترفض طلباتهم لحق اللجوء. ويأتي هذا المشروع بعد رفض مستمر من بعض دول الاتحاد، على غرار بولندا والمجر والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا استقبال طالبي اللجوء، ما أدى إلى فشل توزيع حصص تقاسم عبء اللاجئين الذي تقرر بعد أزمة اللاجئين عام 2015.

قال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر يوم 07 يوليو 2020، خلال تولي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، إنه من “المخزي” أن الاتحاد الأوروبي لم يجد حتى الآن حلاً لاستقبال طالبي اللجوء، بعد سنوات من أزمة الهجرة. ووجه الوزير هذا الانتقاد خلال اجتماع لوزراء الداخلية الأوروبيين عبر الفيديو ، فيما سُمح للمهاجرين الـ180 على متن السفينة الإنسانية “أوشن فايكينغ” في نهاية المطاف بالنزول في صقلية بعد تسعة أيام من الانتظار.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورزولا فون دير لاين”، قد أعلنت   يوم 22 سبتمبر سبتمبر 2020، أنها تعتزم إلغاء “نظام دبلن” الذي يفرض على أول بلد يدخله المهاجر، النظر في طلب اللجوء. وستعوض ذلك “بنظام إدارة أوروبي جديد للهجرة”. وأضافت أن النظام “ستكون له هياكل مشتركة حول اللجوء والإعادة، وستكون له آلية تضامن قوية جديدة”، ما أثار دهشة بعض العواصم المشككة، إذ ما تزال مجموعة من دول الاتحاد منقسمة بشكل حاد تجاه هذه المسألة.

اتفاقية داخل الاتحاد الأوروبي لتوزيع اللاجئين تثير الانقسام

وافق وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي خلال شهر أوغست 2015  على إعادة توزيع 160 ألف طالب لجوء في جميع أنحاء أوروبا، ضمن خطة يفترض أن تنتهي في أيلول 2017، تحت ما يعرف باتفاقية “توزيع اللاجئين”. الهدف منها كان تخفيف الأعباء على بعض الدول الأعضاء التي أبدت تعاطفًا مع طالبي اللجوء، ومنها ألمانيا والسويد والنمسا، ومع دول استقبلت، مرغمة، عددًا كبيرًا من اللاجئين كونها بوابة الاتحاد الأوروبي، ومنها إيطاليا واليونان.

ووفقًا للاتفاقية فإن على ألمانيا أن تستقبل 31443 لاجئًا وفرنسا 24031 وإسبانيا 14931 وبولونيا 9287 وهولندا 7214 ورومانيا 4646 وبلجيكا 4564 والسويد 4469 والنمسا 3640 والبرتغال 3074 وفنلندا 2398.أما التشيك فألزمت باستقبال 2978 لاجئًا وبلغاريا 1600 وسلوفاكيا 1502 وكرواتيا 1064 وسلوفينيا 631 ولاتفيا 526 ولوكسمبورغ 440 وإستونيا 373، ومالطا 133 لاجئًا والشطر الجنوبي من قبرص 274 لاجئًا.وتتلقى تلك الدول، حال التزمت بالأرقام، دعمًا ماديًا من خزينة الاتحاد الأوروبي، وصلت ميزانيته إلى 780 مليون يورو.

ذكرت  مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، يلفا يوهانسون يوم 07.07.2021، أن خطة تقسيم اللاجئين داخليا، وإصلاح نظام الهجرة يفترض أنه تم إعدادها الربع الأخير من ذات العام 2020، فيما تواجه الخطة وعلى نطاق واسع رفض دول الجنوب للخطة ما يطرح تساؤلات بشأن جدية هذه الدول في تجاوز الأزمة المستفحلة. ويعتبر اقتراح الوثيقة ودفع العواصم الـ27 للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، المنقسمة بشدة، على الاتفاق عليها هي المهمة الأكثر أهمية وتحديًا للمفوضية الأوروبية.إلا أن مجموعة فيسغراد (بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا) التي تحظى في موقفها بدعم من فيينا ترفض مقترحات المفوضية الأوروبية، بينما ترى روما وأثينا التي تطالب على غرار البرلمان الأوروبي بتقاسم أعباء الاستقبال بشكل دائم وليس في فترات الأزمات أن هذا الإجراء جيد لكنه غير كاف.

تسعى دول الاتحاد الأوروبي  إلى إيجاد مخرج وآلية تمكن الدول الأعضاء أن تظهر التضامن فيما بينها في الحالات التي يتعرض فيها نظام اللجوء لأحداها لضغوط كبيرة. ويمكن العثور على مؤشرات هامة حول آليات تقاسم الأعباء في الاتحاد الأوروبي في الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء. وفي هذا السياق، اتفقت الدول الأعضاء على وضع إجراءات، في حالة الأزمات في إحدى الدول الأعضاء التي تواجه مجموعة ضخمة من طالبي اللجوء، لتمكين إعارة موظفين من دول أعضاء أخرى لمساعدة تلك الدولة وإثبات فاعليتها في التضامن مع تلك الدولة عن طريق تعبئة برامج الاتحاد

تقييم “مسألة الهجرة” داخل الاتحاد الأوروبي 

لقد تقدم ملف الهجرة غير الشرعية على ملف الإرهاب والتطرف داخل دول الاتحاد الأوروبي، وتصدر أيضا اهتمام الطبقة السياسية والشارع الأوروبي. تحاول أوروبا أن تحد من الهجرة، باعتماد تمويل العودة الطوعية للمهاجرين والاستثمار في التنمية الاقتصادية المحلية للدول المصجرة للهجرة خاصة في غرب أفريقيا، أما موجات الهجرة من سوريا والعراق، فهي تحاول تفعيل اتفاقها مع تركيا الموقع عام 2016، من أجل الحد من موجات الهجرة.

يذكر أن دول أوروبا، خلال السنوات الأخيرة، وفي أعقاب موجات الهجرة عام 2015، اتخذت جملة إجراءات أمنية، “احترازية” للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، خاصة من خلال دول البلقان. بعض الدول أبرزها هنغاريا و النمسا، شيدت أسيجة وجدران عازلة من أجل الحد من موجات الهجرة، ودول أخرى مثل ألمانيا والدنمارك وفرنسا، فرضت رقابة مشددة على حدودها الخارجية وكذلك داخل فضاء الشنغن. 

أما الهجرة من دول شمال وغرب أفريقيا عبر ليبيا إلى شواطئ إيطاليا وإسبانيا، فما زالت هي الأخرى مثار انقسام داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تطالب ألمانيا وإسبانيا بالحصول على مزيد من الدعم وتقسيم اللاجئين والعودة إلى اتفاقية دبلن التي لم تعد فاعلة بالقدر الممكن.

وتعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين نحو أوروبا وظلت موجة الهجرة المتدفقة من ليبيا وتونس والجزائر ودول مغاربية أخرى تمثل هاجساً يقلق دول أوروبا. رغم  جملة المعوقات القانونية، توصلت بعض دول أوروبا أبرزها ألمانبا، بإعادة قسرية إلى المهاجرين غير الشرعيين إلى بعض الدول المغاربية أبرزها المغرب والجزائر وتونس، ضمن اتفاقات ثنائية. 

تبقى اليونان، هي من اكثر دول أوروبا تضررا من الهجرة غير الشرعية، وربما يتعلق الأمر بحدودها البحرية، عند بحر إيجه، التي تعتبر وجهة مفضلة إلى المهاجرين من تركيا.

ما ينبغي أن تعمله دول أوروبا، هو تصعيد برامجها التنموية في دول غرب أفريقيا وشمال أفريقيا، وفي سوريا والعراق هو إيجاد الحلول السياسية للنزاعات والصراعات السياسية والعرقية وتشجيع ودعم المشاريع التنموية من اجل تحسين الوضع المعاشي وتخفيف البطالة، ومعالجة الجذور الحقيقية للهجرة غير الشرعية.

ربما يعجبك أيضا