واشنطن وطهران.. نحو «اتفاق» وشيك والقرار بيد «خامنئي»

يوسف بنده

رؤية

بدأت الجولة الثانية من المحادثات، الخميس الماضي 15 أبريل/نيسان، في فيينا، وتهدف إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وفي المقابل، يجب على طهران العودة إلى كامل التزاماتها بموجب هذا الاتفاق.

وفي السبت الماضي 17 أبريل/نيسان، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، على “التطور” في محادثات فيينا، قائلًا: نعتقد أن الوقت قد حان للبدء في كتابة نص الاتفاق، على الأقل في المجالات التي يوجد فيها رأي مشترك.

وتابع أن الوفد الإيراني أعد نصوصه الخاصة في المجال النووي ورفع العقوبات، وعرض ذلك على جميع الأطراف، مردفًا: “نعتقد أن هذه النصوص التي عرضناها يمكن أن تكون أساس المفاوضات والتوصل إلى اتفاق نهائي”.

ولكنه أوضح أن هذا المسار لن يكون سهلًا، فإن اختلاف وجهات النظر لم ينتهِ بعد، وهناك اختلافات جدية في وجهات النظر التي يجب تقليصها خلال المحادثات المقبلة.

وشدد المساعد السياسي لوزير الخارجية الإيرانية على موقف المرشد الإيراني الأخير، قائلًا: لا نرغب على الإطلاق بالمفاوضات الاستنزافية وطويلة الأمد، يجب ذكر القضايا بقدر الحاجة.

وقد وصف مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، الأحد 18 أبريل/نيسان، المباحثات النووية مع إيران بـ”البناءة”، قائلا إن العقوبات لن ترفع حتى نتأكد من عودة إيران إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي.

كما أعلن إنريك مورا، نائب الأمين العام والمدير السياسي لدائرة العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي ورئيس اجتماع أعضاء الاتفاق النووي، أعلن عن “تقدم” في المحادثات، قائلا إنه حان الوقت لمناقشة تفاصيل الاتفاق.

علما أن طهران تقول إنها لن تعود إلى التزاماتها النووية حتى تعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وتقوم بإلغاء العقوبات. وتقول الولايات المتحدة أيضًا إنه من أجل رفع العقوبات، يجب على إيران أولاً أن تعود إلى التزاماتها.

وفي غضون ذلك، أعلن ممثلو روسيا وإيران، بشكل منفصل، أنهما قدما نصا مقترحا يتضمن قائمة بالعقوبات التي سيتم رفعها والخطوات التي ستتخذها إيران للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي.

كما أكدت مصادر مقربة من المفاوضين الأميركيين والأوروبيين لمجلة “فورين بوليسي” مؤخرًا أن المبعوث الأميركي في الشؤون الإيرانية، روبرت مالي، من المتوقع أن يقدم حزمة من المقترحات التي بموجبها ستعود طهران إلى التزاماتها في الاتفاق النووي مقابل رفع بعض العقوبات.

وترفض إيران مثل هذا الخيار وتقول إن العقوبات التي تصل إلى “1500” عقوبة على حد قولها، يجب رفعها بالكامل.

كما انتقد المرشد الإيراني، علي خامنئي، في 14 أبريل/نيسان الحالي محادثات فيينا، واصفًا المقترحات الأميركية بأنها “غالبًا ما تكون متعجرفة ومهينة”، قائلاً إن هذه المقترحات “ليست جديرة حتى بالنظر فيها”.

القرار بيد خامنئي

أصوات المحافظين والمتشددين في إيران ترفض نتائج هذه المحادثات؛ ما يعني أن قرار اسكاتهم بيد المرشد الأعلى، علي خامنئي، خاصة أن يطمحون من هذه المعارضة إلى إفشال حكومة حسن روحاني حتى النهاية، من أجل الاستعداد لحصولهم على مقعد الرئاسة في الإنتخابات المقبلة.

فقد اعتبرت صحيفة “كيهان” المقربة من معسكر المرشد الأعلى، أن التساهل في موضوع شرط إيران القاضي برفع كامل العقوبات وعدم التأكد من صحة ذلك قبل العودة إلى الاتفاق النووي سيكلف إيران أضرارا جسيمة في مصالحها الوطنية، موضحة أن الرئيس حسن روحاني يعتبر قضية التأكد من صحة إجراءات واشنطن قضية سهلة ويسيرة.

ولفتت الصحيفة إلى تصريح عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية، حول استعداد أطراف الاتفاق النووي لكتابة نص الاتفاق الجديد، وأكدت أن الولايات المتحدة ستقدم على رفع بعض العقوبات وذلك بعد حصولها على امتيازات جديدة من إيران، مستنتجة أن الحديث عن تدوين نص الاتفاق المشترك في مثل هذه الظروف يتعارض تماما مع مطلب إيران المتمثل برفع كامل العقوبات.

ومن  جانب الإصلاحيين، توقع الخبير في العلاقات الدولية، علي بيكدلي، في مقال له بصحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بعد تفاهمات محادثات فيينا برفع العقوبات المتصلة بالاتفاق النووي بشكل مباشر مثل بيع النفط وفتح التعاملات المصرفية مع إيران، مقابل أن تتراجع إيران عن التخصيب بنسة 60 بالمائة وتكتفي بتخصيب 5 بالمائة فقط.

كما نوه “بيكدلي” إلى أن المفاوضات بين إيران وأطراف الاتفاق النووي سوف تكون عبر مرحلتين، المرحلة الأولى ستتم مناقشة قضية الاتفاق النووي، فيما تشمل المحادثات الثانية الحديث عن القضايا الإقليمية، موضحًا أن واشنطن سوف تقنع طهران بإظهار مرونة أكثر في مسألة الدور الإقليمي لإيران في المنطقة.

وأضاف “بيكدلي” قائلًا: “أعتقد أن طرفي الأزمة لم يعودا يطيقان استمرار الوضع، لا سيما بالنسبة لطهران، حيث تواجه أزمة اقتصادية وأخرى ناجمة عن جائحة كورونا، كما أنه تبين عدم صواب الآمال المعلقة على الصين وروسيا، وأدرك الإيرانيون أنهم ما داموا لم يحلوا أزمة العقوبات فلا يمكن حل مشاكل البلد الاقتصادية”.

ربما يعجبك أيضا