الـ«سوبر ليج» تُزلزل القارة العجوز.. وتضع الكرة الأوروبية في مفترق طرق!

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

اشتعل الوسط الرياضي العالمي خلال الساعات الأخيرة، وتحديدًا في القارة العجوز بشدة، بعد أن زلزل إعلان 12 ناديًا من أهم الأندية الكروية في أوروبا توصلهم إلى اتفاق لإطلاق مسابقة جديدة، قد تغيّر وجه كرة القدم الذي نعرفه تمامًا وتضعه على مفترق طرق!

فتحت مسمى دوري السوبر الأوروبي “سوبر ليج” شرعت هذه الأندية، في تطبيق فكرة متعلقة، بإقامة بطولة منفصلة عن دوري أبطال أوروبا، تقتصر على أباطرة دوريات كرة القدم الكبرى في القارة العجوز، في وقت أدت فيه جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى تسريع تداعى النظام الاقتصادي الراهن لكرة القدم الأوروبية.

الأندية المؤسسة

EzSuKoYVUAstHwE

في خطوة أشعلت الأجواء وتصدرت تبعاتها كبرى عناوين الصحف العالمية الرياضية، قام 12 ناديًا أوروبيًا، الأحد، بالموافقة بشكل رسمي على إنشاء بطولة كروية جديدة، من خلال بيان مشترك، وقع عليه كلًا من ميلان، أرسنال، أتلتيكو مدريد، تشيلسي، برشلونة، إنتر ميلان، يوفنتوس، ليفربول، مانشستر سيتي، مانشستر يونايتد، ريال مدريد، وتوتنهام.

وأفادت الأندية في بيانها بأنه: “من المتوقع أن تنضم 3 أندية أخرى كأندية تأسيسية قبل الموسم الافتتاحي، والذي يجب أن يبدأ في أقرب وقت ممكن”.

وتابعت: “المسابقة الجديدة تضم 20 فريقًا بواقع 15 عضوًا مؤسسًا و5 فرق تتأهل للبطولة”.

وأضافت: “الأندية المؤسسة ستتلقى 3.5 مليار دولار من أجل خطط البنية التحتية وتعويض تأثير فيروس كورونا”.

وأشارت الأندية المؤسسة في بيانها إلى إنها تتطلع مستقبلًا، إلى عقد محادثات مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” للبحث عن أفضل الحلول للبطولة الجديدة “السوبر ليج” من ناحية ولكرة القدم العالمية من ناحية أخرى.

كذلك كشف البيان عن أن “فلورنتينو بيريز” رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، سيكون هو رئيس الرابطة الخاصة بمسابقة دوري السوبر الأوروبي الجديدة.

نظام المنافسة

أرشيفية 4

تعتمد المسابقة الجديدة في منافساتها على مشاركة 20 نادي، منها الأندية التأسيسية الـ15 وخمسة فرق أخرى سيتم تصنيفها سنويًا بناءً على أداء الموسم السابق.

وستُلعب جميع المباريات خلال الأسبوع، وستواصل جميع الأندية التنافس في الدوريات الوطنية الخاصة بها، للحفاظ على جدول المباريات التقليدي لكل نادٍ.

وسيبدأ الموسم في شهر أغسطس بمشاركة الأندية في مجموعتين من عشرة، وستلعب الفرق المباريات ذهابًا وإيابًا؛ على أن تتأهل الفرق الثلاثة الأولى من كل مجموعة تلقائيًا إلى ربع النهائي، في حين ستلعب الفرق التي تحتل المركزين الرابع والخامس مواجهة إضافية بنظام المباراتين.

بعد ذلك، سيقام “البلاي أوف” بنظام المباراتين من ربع النهائي وصولًا إلى النهائي، التي سيقام بنظام المباراة الواحدة، في ختام شهر مايو، في ملعب محايد.

غضب عارم.. وتهديدات صارمة

فور الإعلان عن المسابقة الجديدة، لم يلق المشروع ترحيبًا ووقع أمام معارضة شرسة، من الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والاتحادات المحلية لكرة القدم في الدوريات الكبرى (إنجلترا، وإسبانيا، وإيطاليا)، ولو أن الأندية كانت قد أشارت إلى رغبتها في التحدث مع “فيفا​” و”​يويفا​” للعمل معًا من أجل تفعيل هذه المسابقة.

وفي هذا الصدد أدان “يويفا” هذا المخطط، وتحدث عن “مشروع متهكم” كما أدان الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” الأمر ذاته.

إذ علق “فيفا” في بيان له قائلًا: “في رؤيتنا، فإن أي منافسة كرة قدم محلية أو دولية يجب أن تقوم على التكافل والشمولية والنزاهة وتوزيع مادي عادل، وفيفا يعبر عن عدم موافقته على إقامة دوري أوروبي مغلق خارج إطار كرة القدم الدولية ولا يحترم المعايير السابقة”.

وتابع بقوله: “فيفا يدعم دائمًا وحدة عالم كرة القدم ويدعو كل الأطرف المنخرطة في نقاشات ساخنة أن تتحاور بشكل هادئ وبنّاء ومتوازن لمصلحة اللعبة ودعما للعب النظيف”.

ومن جانبه، قال “يويفا” واتحادات الدوريات الثلاث الكبرى، في بيان مشترك: “علمنا أن بعض الأندية الإنجليزية والإيطالية والإسبانية يخططون لإعلان دوري مغلق، تحت اسم دوري السوبر الأوروبي”.

وتابع البيان: “نشدد أن الأطراف المصدرة لهذا البيان، ومعهم فيفا، متحدون لإيقاف هذا المشروع المثير للسخرية، لأنه مبني على مصالح ضيقة لفئة قليلة من الأندية، في وقت يطمح فيه المجتمع ويحتاج أكثر للتضامن”.

وتابع: “نعتبر أن كل الطرق لإيقاف المشروع متاحة، سواء كانت رياضية أو قانونية.. كرة القدم مبنية على المنافسة المفتوحة والاستحقاق الرياضي”.

وأكد البيان المشترك على أن “الفرق التي ستشارك في هذا الدوري، لن تشارك في أي بطولة محلية أو أوروبية أو عالمية أخرى، وسيُمنع لاعبوها من المشاركة مع منتخباتهم الوطنية.. وتم التهديد برفع دعاوى قضائية وتدابير رياضية قاسية”.

وأتم: “نشكر كل الفرق خاصة الألمانية والفرنسية التي رفضت المشاركة في هذا الدوري، وندعو كل محبي كرة القدم لرفض هذا المشروع”.

كذلك انضم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى موجه الغضب هذه، ومؤكدين على معارضة هذا المشروع.

تمويل المسابقة

في الوقت الذي اشتعلت فيه الأجواء وكثرت فيه الأطراف المعارضة للمسابقة الجديدة شكلًا وموضوعًا، أعلن مصرف جي بي مورجان الأمريكي، إنه سيمول البطولة الجديدة، متعهدًا بدفع مبلغ يصل إلى 5 مليارات دولار لتمويل المشروع.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم “جي بي مورجان” في رسالة عبر البريد الإلكتروني نقلتها صحيفة “الجارديان” البريطانية: “نعلن المشاركة في الدوري الجديد، الذي سيكون خير منافس لدوري أبطال أوروبا، وسيضم أندية كبرى مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد”.

وجيه بي مورجان، هو بنك أمريكي متعدد الجنسيات للخدمات المالية المصرفية، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة، مع إجمالي أصول الولايات المتحدة 2.515 تريليون دولار.

كما يعد المزود الرئيسي للخدمات الماليَّة، استنادًا إلى ترتيب مجلة فوربس، وهو ثالث أكبر شركة مساهمة عامة في العالم.

وفي سياق آخر، أكدت الأندية المؤسسة للبطولة السنوية الجديدة، على أنها ستوفر نموًا اقتصاديًا كبيرًا، بما يساهم في دعم كرة القدم الأوروبية عبر التزام طويل الأجل، بحيث تنمو المساهمات الخيرية بما يتماشى مع إيرادات المسابقة الأوروبية الجديدة.

وستكون المساهمات التضامنية أعلى من تلك التي يدرها نظام المنافسة الأوروبية الحالي، ومن المتوقع أن يتجاوز 10 مليارات يورو خلال فترة التزام الأندية.

ومن ناحية أخرى، سيتم تشكيل المسابقة الجديدة وفقًا لمعايير الاستدامة المالية، حيث تلتزم جميع الأندية المؤسسة بتبني إطار للإنفاق، لقاء التزامها.

وستتلقى الأندية المؤسسة، بشكل جماعي، دفعة لمرة واحدة بقيمة 3,5 مليارات يورو مخصصة لتنفيذ خطط الاستثمار في البنى التحتية والتصدي لآثار جائحة “كوفيد19”.

رؤى المؤسسون

EzQ85SsVgAUVy66

دافع فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد ورئيس دوري “السوبر ليج”، وبعض رؤساء الأندية المؤسسين عن فكرة المسابقة الجديدة، شارحين أهميتها وسط موجة الغضب العارم التي لاقتها.

فمن جانبه، علق بيريز قائلًا: “سنساعد كرة القدم على جميع المستويات لتحتل مكانتها المناسبة في العالم.. كرة القدم هي الرياضة العالمية الوحيدة في العالم التي تحظى بأكثر من 4 مليارات مشجع، ومسؤوليتنا كأندية كبيرة هي الاستجابة لرغبات الجماهير”.

أما أندريا أنييلي، رئيس نادي يوفنتوس ونائب رئيس “السوبر ليج” فقد قال: “تمثل الأندية المؤسسة الـ12 مليارات من المشجعين حول العالم.. لقد اجتمعنا معًا في هذه اللحظة الحاسمة لتغيير المسابقة الأوروبية، لمنح الرياضة التي نحبها أساسيات الاستدامة، مع تعزيز الأعمال الخيرية ومنح المشجعين والهواة حلمًا وتقديم مباريات عالية الجودة ستزيد من شغفهم بكرة القدم”.

وقال جويل جليزر، الرئيس المشارك لمانشستر يونايتد ونائب رئيس “السوبر ليج”: “من خلال الجمع بين أفضل الأندية واللاعبين في العالم للعب ضد بعضهم البعض على مدار الموسم، سيفتح الدوري الممتاز فصلًا جديدًا لكرة القدم الأوروبية، مع ضمان مسابقة ومرافق على أعلى المستويات، ودعمًا ماليًا أكبر لهرم كرة القدم بشكل عام”.

عصيان.. واستقالات بالجملة

مانشستر يونايتد

في تبعات الأحداث، أكد تقرير صحفي، صباح اليوم، أن نادي مانشستر يونايتد غادر رابطة الأندية الأوروبية، في إعلان للعصيان على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا”، بعد معارضته للمسابقة الجديدة.

واستمرارًا لموجه الاعتراضات، استقال أيضًا نائب الرئيس التنفيذي للنادي الإنجليزي إد وودوارد من منصبه في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

كما أكدت صحيفة سكاي سبورت في إيطاليا، انسحاب يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان من رابطة الأندية الأوروبية.

وأوضحت الصحيفة قائلة: “استقال رئيس يوفنتوس أندريا أنيلي من منصبه كرئيس للرابطة، وهو المنصب الذي شغله منذ عام 2012، وترك منصبه كعضو في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم لتولي منصب نائب رئيس الدوري الممتاز”.

وأرسلت مجموعة الأندية الإنجليزية والإسبانية والإيطالية رسالة بشأن هذه الاستقالات إلى رئيس الفيفا جياني إنفانتينو ونظيره في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفرين.

في نهاية الأمر، وما بين تمسك الفرق المؤسسة بالمسابقة الجديدة، ومعارضة “فيفا ويويفا”، يبدو أن كرة القدم الأوروبية قد أشعلت الأجواء، ووضعت مشجعي كرة القدم العالمية قيد الانتظار لمعرفة ما هو قادم، هل سيكونوا على الموعد مع مسابقة جديدة أم سيشاهدون عقوبات رادعة قد تحرمهم من مشاهدة فرقهم في كبرى بطولات الساحرة المستديرة؟

ربما يعجبك أيضا