بعد عام من التراجع التاريخي.. الاتزان يعود للخام الأمريكي

كتب – حسام عيد

قبل عام، وتحديدًا في صباح يوم الإثنين الموافق 20 أبريل 2020، تداولت أسعار غرب تكساس الأمريكي حول 18 دولارًا للبرميل، لم يكن هناك ما يدعو للتفاؤل بشأن النفط بعد أن هوت الأسعار منذ مطلع العام بنحو 70%، متأثرة بأزمة غير مسبوقة، فكانت جائحة “كوفيد-19” الوبائية قد قضت على أكثر من 30% من الطلب العالمي على الخام.

ولكن ورغم كل ذلك لم يكن كثير من المستثمرين والمراقبين يتوقعون أن يحدث اللا ممكن وأن تباع السلعة الاستراتيجية في العالم بسعر سالب.

انخفاض الأسعار إلى ما دون الصفر يعني أنّ بائعي النفط يدفعون للشارين لكي يحرّروهم من براميل النفط المكدّسة، لكن لم يحدث ذلك.

لتمر بعدها أسواق النفط بفترة تقلبات، حتى أخذت دفعة للصعود بفعل جهود تحالف “أوبك+”، إضافة للتراجعات المتتالية بالمخزونات الأمريكية، وزخم اللقاحات المضادة لكورونا، وتزايد حملات التطعيم حول العالم. اليوم، يمكننا القول إن هناك اتزان نسبي في أسواق النفط مع الانتعاشة المستمرة في الأسعار.

أكبر تراجع يومي للخام الأمريكي

بلغت التراجعات في جلسة 20 أبريل 2020، مستويات تجاوزت الـ300%، حيث أغلق خام غرب تكساس الأمريكي الخفيف تداولاته ما دون الـ37.6 دولار للبرميل في المنطقة السالبة، وذلك جراء تداعيات الإغلاق العالمي الناتج عن فيروس كورونا.

وحينما نتحدث عن النفط، فإننا على الأرجح هنا نقصد العقود الآجلة، وهي عقود تحدد سعر السلعة وموعد التسليم، قد يكون بعد شهر أو شهرين أو غير ذلك.

وعقوم خام غرب تكساس الأجلة هنا بموجبها يتم تسليم الخام في شهر مايو لعام 2020، بينما ينتهي التداول عليها في جلسة الثلاثاء 21 أبريل، وقبيل نهاية الجلسة تزايد زخم الهبوط في أسعار الخام بقوة من 18 إلى 10 ثم إلى 5 دولارات ثم إلى الصفر، لقد أصبح النفط الأمريكي مجانيًا، ولكن هذا لم يكن كافيًا لإقناع المتاجرين بالشراء، لا أحد يرغب في استلام الخام والكثير من حملة العقود على استعداد لدفع أموال لمن يرغب في الاستلام، المهم أن يسقطوا هذا الحمل الثقيل عن كاهلهم.

استمر التراجع ليسجل سعر الخام -37 دولارًا للبرميل، سعر لم يكن أشد المتشائمين يتوقع حدوثه حتى في أسوأ الظروف.

المضاربة وتراجع الطلب

ويتعلق انهيار سعر النفط الأمريكي بسببين، “الأول مؤقت، وهو انتهاء صلاحية عقود نفط تكساس، يوم الثلاثاء 21 أبريل 2020، وبالتالي، لا يرغب المستثمرون في الحصول على خام النفط، ففضلوا بيع العقد بأي سعر قبل انتهاء صلاحيته.

إن انهيار عقود شهر مايو “يعود إلى أن المستثمرين الذين اشتروا خام تكساس في يناير وفبراير ومارس، لم يجدوا سعة تخزينية له بعد توقف حركة الشراء، فقرروا المضاربة وحرق الأسعار للتخلص من كل العقود الخاصة بمايو”.

وقد لجأ المستثمرون إلى التخلص من العقود النفطية، وذلك بسبب عدم وجود طرف آخر لشراء العقود، وهذا بسبب ضيق الوقت.

إن لمستثمرين الذين يضيق عليهم الوقت يلجأون إلى استلام الشحنات بدلًا من المضاربة الورقية، وهذا يعد كارثة للبعض لعدم وجود سعة تخزينية للنفط.

أما السبب الثاني فهو مرتبط بأزمة تراجع الطلب وتخمة النفط المعروض في السوق، وذلك إثر توقف حركة السفر والنقل وقيود التباعد الاجتماعي، وتوقف النشاط الاقتصادي للسيطرة على تفشي فيروس كورونا.

نفاذ المخزونات يرفع الأسعار

وكانت بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية أفادت بنفاذ مخزونات النفط المتراكمة في مرافق التخزين أثناء جائحة كورونا حول العالم مما قد يزيد أسعار الخام خلال النصف الثاني للعام 2021.

و لفتت وكالة أنباء “بلومبيرج” إلى أن مخزونات النفط المتراكمة في مرافق التخزين حول العالم في شهر يوليو 2020 كانت في الوقت نفسه أعلى خمس مرات تقريباً حيث بلغت نحو 249 مليون برميل و أشارت البيانات إلى أن المخزونات انخفضت في الأشهر الأخيرة بشكل كبير نتيجة زيادة الطلب عليها.

علمآ بأن مخزونات النفط في الاقتصادات المتقدمة عالميآ أعلى بـ57 مليون برميل من متوسط بيانات هذا المؤشر للأعوام 2015 / 2019.

وقالت الوكالة أن أكبر احتياطات نفطية مخزنة حاليًا في الصين بينما عادت احتياطات الهيدروكربونات الأمريكية إلى المستوى الذي كان موجودًا بالفعل قبل ظهور وباء كورونا وبلغت في فبراير الماضي 1.8 مليار برميل.

كانت “بلومبيرج”” قد أشارت إلى أن المخزونات النفطية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية سجلت خلال الأسبوع الماضي أدنى مستوى لها في الـ30 عاماً الأخيرة.

وتوقعت “بلومبيرج” ارتفاع أسعار الخام على خلفية انخفاض مخزونات النفط في النصف الثاني من العام الجاري ليصل نحو 74 دولار للبرميل حيث انخفضت خلال الأسبوعين الماضيين احتياطات النفط المخزنة في ناقلات بنسبة 27% لتصل لنحو 50.7 مليون برميل.

كانت تكلفة العقود الآجلة لخام “برنت” لشهر يونيو في بورصة لندن قد وصلت يوم الجمعة الماضية لـ67.8 دولار للبرميل.

وقد ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوى فيما يزيد عن شهر، خلال تداولات جلسة يوم الثلاثاء 20 أبريل 2021؛ إذ دعم هبوط الدولار الأميركي السلع الأولية وجراء توقعات بتراجع مخزونات الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للوقود في العالم، ولكن تزايد الإصابات بفيروس كورونا في آسيا حد من المكاسب.

وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم مايو والذي ينتهي العمل به اليوم 70 سنتًا ما يعادل 1.1% إلى 64.08 دولار للبرميل. وسجل عقد يونيو الأكثر نشاطًا 64.02 دولار مرتفعًا 59 سنتا ما يوازي 0.9%.

ويصبح النفط أرخص للمشترين بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي وهي العملة المقوم بها النفط في حالة ضعف العملة الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا