الاحتلال يعتقل رمضان القدس..والمقدسيون يتصدون‎

محمود

محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – “مستوطنون بالآلاف يجوبون شوارع القدس مرددين اليهودي هو الروح، والعربي ابن زانية، إيقاف واستجواب أي شارب مقدسي يمر بالشارع ومضايقته لساعات من قبل رجال “الأمن”، عنف من قبل رجال الشرطة وعساكر على الخيول وقنابل صوت تنفجر، ورش المياه العادمة، في الشوارع وخاصة في باب العامود التي تستخدمها العائلات المقدسية للتنزه بعد وجبة الإفطار والصلاة، ولزيادة بلة الطين جاء إغلاق المدرج في ميدان باب العامود ليشكل إهانة لتقاليد شهر رمضان وعلى الفضاء الفلسطيني في المدينة، وفي الخلفية مستوطنون يغنون: “سأنتقم من العرب، محا الله اسمهم”، ابلغ الوصف هي لشاهد من أهله، والقول هنا لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في وصف لما يحدث في القدس المحتلة منذ أيام.

في غضون ذلك، نشرت مجموعات استيطانية، وفي مقدمتها منظمة «ليهافا» الإرهابية، فيديوات ومنشورات تدعو فيها إلى المشاركة في مسيرات الانتقام الليلة في مدينة القدس. كما أنشأ هؤلاء مجموعة على تطبيق «واتساب» تناقش كيفية الانتقام من العرب.

وفي السياق نفسه، نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، عن زعيم منظمة «ليهافا»، بينتسي غوبنشطاين، قوله: سنصل بتظاهرة إلى باب العمود، حاملين الأعلام الإسرائيلية، من أجل الدفاع عن الاحترام والشرف اليهودي، مؤكدين أن هذه الأرض لنا. أريد أن أقول للشرطة إنه يجب تطبيق القانون في يافا وفي قلب القدس، ويجب ألا يخاف اليهود.

تأتي هذه التظاهرة بعد أيام على سعي سلطات العدو الإسرائيلي لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، يقضي بمنع الفلسطينيين من البقاء في المسجد بعد الصلاة، أو حتى الجلوس على مدرجات باب العمود لقضاء سهرات ليالي رمضان. وقد خلّفت المواجهات اليومية أكثر من 400 إصابة في صفوف المقدسيين، واعتقال أكثر من 50 منهم.

في إطار محاولاته الرامية لإحكام السيطرة على كل مناحي الحياة في القدس عموماً، والبلدة القديمة خصوصاً، وبعد سيطرته على آثارها تحت الأرض وخلق ما يُعرف بـ«القدس التحتي»، يستمر العدو الإسرائيلي بأذرعه المختلفة في السعي لتهويد المنطقة الممتدة من وادي قدرون إلى جبل الزيتون ثم البلدة القديمة، ضمن مخطط «الحوض التاريخي» التوراتي. وآخر فصول ذلك هو محاولة السيطرة على باب العَمود: أهم وأكبر أبواب البلدة القديمة، حيث تدور المواجهات منذ عشرة أيام، في القدس المحتلة بين، يمكن الاستنتاج أن المعركة لإرساء مخطط «الحوض التاريخي» التوراتي وتثبيته، انتقلت إلى فصل جديد يهدف لإحكام السيطرة على البلدة القديمة، من خلال أكبر مداخلها المؤدية إلى المسجد الأقصى.

هذه الأهداف، قابلتها هبّة الفلسطينيين في القدس من الذين أخذوا على عاتقهم إحباط المساعي الإسرائيلية، مهما كلّف الأمر. استخدم هؤلاء الشبان الحجارة والمفرقعات النارية وقبضات أيديهم لمواجهة عنف الشرطة، ما أدى إلى إصابة المئات واعتقال العشرات، إلى أن وصلت المواجهات إلى ذروتها ليلة أمس، بعد استقدام الشرطة تعزيزات مكثّفة.

لم تنحصر المواجهات في ساحة باب العَمود، بل خرجت إلى شوارع البلدة القديمة ومحيطها، لتمتد إلى شارع يافا وحي الشيخ جراح، لتطاول أخيراً محيط «الجامعة العبرية»، التي أحرق الشباب الفلسطينيون الأحراج حولها، بعدما كسروا كاميرات المراقبة في شوارع القدس المختلفة.

لم تُحبَط الشرطة عند هذا الحد، فبعدما فشلت في منع الاحتشاد رغم التعزيزات الأمنية، انتقلت إلى محيط باب حطة، الذي أغلقته قبيل صلاة الفجر، في محاولة منها لتسجيل إنجاز بعد كل الفشل، ولكن مسعاها هذا فشل أيضاً، بعد إصرار المصلّين على كسر الحواجز الحديدية، وأخيراً دخولهم بالتكبير والهتاف.

وفي هذا الإطار، جاءت النجدة التي أرسلتها أم الفحم إلى الأقصى عند صلاة الفجر عقب تظاهرتها هي الأخرى في الليلة نفسها، كان لها أثر بالغ في كسر حاجز باب حطة وتشديدات الأقصى، إذ أنهم منعوا استفراد العدو بشباب القدس وشكّلوا رافداً بشرياً ومعنوياً في اللحظة المناسبة.

ولذلك دلالات مهمة، أبرزها أن الفلسطينيين الذين تظاهروا في أم الفحم احتجاجاً على تفشي العنف والجريمة وتواطؤ الشرطة، يدركون أن القضية التي يتظاهرون لأجلها هي قضية وطنية لا تنفصل عما يحصل من اعتداءات على إخوانهم في القدس، أو أنها يمكن أن تشغلهم عما يحصل هناك.

ما حصل أيضاً بحسب الباحث في شؤون القدس، يقود إلى نتيجة مفادها بأن ما تحقّق على مدى الأيام العشرة الماضية، يؤكد أن المحتل عاجز أمام الإرادة الجماهيرية، ولا بد من مواصلة فتح ساحة باب العَمود من دون شروط.

ومنذ احتلال المدينة عام 1967، هدم الاحتلال أكثر من 2000 منزل في القدس، كما اتبع سياسة عدوانية عنصرية ممنهجة تجاه المقدسيين، بهدف إحكام السيطرة على القدس وتهويدها وتضييق الخناق على سكانها الأصليين، وذلك من خلال سلسلة من القرارات والإجراءات التعسفية والتي طالت جميع جوانب حياة المقدسيين اليومية.

ربما يعجبك أيضا