تسريبات «ظريف».. إيران باعت الدبلوماسية من أجل الحرب!

يوسف بنده

رؤية

فشل الاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة 5+1، عام 2015؛ بسبب أن طهران عندما استعادت جزءًا من أموالها المجمدة في الخارج، وأنفقتها في تمويل عملياتها ودعم مليشياتها العسكرية في الخارج. وهو ما أظهر سيطرة المتشددين والعسكريين على قرار السلطة في إيران، بشكل أنهم أرادوا إفشال الاتفاق النووي الذي جاء نتاج سنوات من التفاوض والمباحثات.

هذه النتيجة أكدتها التصريحات المسربة التي جاءت على لسان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف،  التي كشفت عنها صحيفة الجارديان البريطانية، من خلال تسجيل صوتي يبرز تصريحات منسوبة لوزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، ينتقد فيها تدخل قائد الحرس الثوري السابق، قاسم سليماني في العمل الدبلوماسي، قبل مقتله في غارة أمريكية في العراق.

وحسب تقرير لقناة إيران انترنشنال المعارضة؛ فالملف الصوتي المنسوب لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عبارة عن مقابلة كان من المقرر نشرها بعد انتهاء الحكومة الحالية، أشار فيها إلى تدخلات قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، مضيفًا أنه ضحى بالدبلوماسية من أجل العمليات الميدانية للحرس الثوري.

وفي هذه المقابلة التي استمرت أكثر من 3 ساعات مع الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز، والتي أجريت في مارس/آذار من الماضي، أجاب ظريف على أسئلة حول سياسات وزارة الخارجية خلال فترة ولايته.

وبخصوص فرض سياسات الحرس الثوري على وزارة الخارجية، وصف ظريف استراتيجية النظام الإيراني بـ”الحرب الباردة”، قائلاً: “ضحيت بالدبلوماسية لصالح ساحة المعركة أكثر مما ضحيت بساحة المعركة لصالح الدبلوماسية”.

يشار إلى أن ما يقصده  ظريف بساحة المعركة هو العمليات العسكرية وتدخل قوات الأمن في الاستراتيجية الدبلوماسية للبلاد.

التضحية بالدبلوماسية

وردا على سؤال حول سبب هذا التدخل العسكري في قرارات الحكومة، وجه خطابه إلى مؤيدي النظام، قائلا: يحدث هذا عندما يكون الوسط العسكري هو من يقرر. يحدث ذلك عندما يريد الميدان العسكري الهيمنة على استراتيجية البلاد، وبإمكانهم اللعب معنا”.

واستشهد في هذا الصدد، بمثال معاملة الحكومة الروسية مع إيران خلال قضية الاتفاق النووي.

وعندما سأله سعيد ليلاز عما إذا كانت هذه القرارات والتدخلات تستحق العناء، وفي المقابل هل تم الحصول على شيء للدبلوماسية أم لا؟ رد ظريف: “ما الذي حصلنا عليه؟ قولوا أنتم”.

سليماني لم يكن يأخذ بكلامي

وفي جزء من هذه المقابلة، أشار الوزير الإيراني إلى علاقته بقاسم سليماني، قائلاً: “لم أتمكن أبدا في مسيرتي المهنية من القول لقائد ساحة المعركة- سليماني وغيره أن يفعل شيئًا معينا لكي أستغله في الدبلوماسية”.

وأضاف: “في كل مرة، تقريبًا، أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار. كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة”.

وقد استشهد ظريف بمثال مشاركة الحرس الثوري في محادثات وزارة الخارجية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قائلاً: إن سليماني أعطاه قائمة بالنقاط التي كان يجب أخذها في الاعتبار.

وقال ظريف: “لم أتفق مع قاسم سليماني في كل شيء. كان سليماني يفرض شروطه عند ذهابي لأي تفاوض مع الآخرين بشأن سوريا، وأنا لم أتمكن من إقناعه بطلباتي. مثلا طلبت منه عدم استخدام الطيران المدني في سوريا ورفض”.

وفي هذا الجزء من المقابلة، طلب ظريف من ليلاز “أن لا ينشر هذا الجزء من المقابلة أبدًا”.

ساحة المعركة هي الأولوية للنظام

وبشأن الاختلاف بين الجيش والدبلوماسية في إيران، وضرورة ترك الأمور للدبلوماسيين، قال وزير الخارجية الإيراني: “لقد كانت ساحة المعركة هي الأولوية بالنسبة للنظام”.

وأشار إلى العلاقة بين الحرب والدبلوماسية في سياسات النظام الإيراني، قائلاً: “لقد أنفقنا الكثير من المال، بعد الاتفاق النووي، حتى نتمكن من المضي قدماً في عملياتنا [عمليات الحرب] الميدانية”.

ووصف ظريف، مرة أخرى، دوره في السياسة الخارجية للبلاد بـ”الصفر”، قائلاً: “يجب أن تكون سياسة ساحة المعركة أيضًا إحدى وظائف استراتيجية الدولة، لكن هذا ليس هو الحال، فسياسة ساحة الحرب هي التي تحدد ماهية سياسة البلاد”.

رحلة سليماني إلى موسكو كانت تهدف للقضاء على إنجازنا

وقال ظريف إنه بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي، في يوليو/تموز 2015 وحتى يوم تنفيذ الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، وقعت أحداث ضد الاتفاق النووي، كان آخرها الهجوم على السفارة السعودية في ديسمبر من ذلك العام، مضيفا: “في هذه الأشهر الستة، كان الحدث الأول هو زيارة قاسم سليماني إلى موسكو”.

وأشار الوزير الإيراني إلى أن الزيارة تمت بإرادة روسية ودون سيطرة وزارة الخارجية الإيرانية، وكانت تهدف إلى “تدمير إنجاز وزارة الخارجية” بإرادة روسية.

غضب داخلي

علقت عدة صحف إيرانية صادرة اليوم الاثنين على تسريبات ظريف، التي أقر فيها بسيطرة المرشد وسليماني على السياسة الخارجية لإيران. فقد هاجمت صحيفة “وطن امروز” المقربة من الحرس الثوري، محمد جواد ظريف، بعد انتشار مقطع صوتي له ينتقد فيه سياسات إيران الإقليمية، وعنونت بالقول: “جلد الذات”، وذكرت أن المقطع تضمن تصريحات غير مدروسة من جانب ظريف استهدف فيها قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس.

وأضافت الصحيفة: “في تصريحات ظريف الغريبة تمت مهاجمة سياسات النظام في المنطقة وكذلك توجيهات سليماني”، واصفة تصريحات ظريف بأنها تأتي مكملة للحرب النفسية التي تمارس ضد “محور المقاومة” من قبل معارضي الثورة الإسلامية.

كما أشارت الصحيفة إلى تعليق المتحدث باسم الخارجية الذي ذكر أن المقطع لم يكن من المقرر أن ينتشر وليس معلوما بعد ماهية الأطراف التي بادرت بنشر المقطع الصوتي بشكل مقتضب، منوها إلى احتمالية انتشار مقاطع أخرى من المقابلة.

كما نشرت صحيفة “همدلي” مقالا للكاتب صلاح الدين هرسني، الذي يبدو أنه كتبه قبل انتشار المقطع الصوتي، ولمح الكاتب إلى وجود هذه المقابلة لظريف قبل أن تنشر، وذكر أن ظريف أجرى مقابلة تطرق فيها إلى كواليس الدبلوماسية الإيرانية وشكا من التضاد الموجود في السياسة الخارجية لإيرانية والازدواجية وتعدد الأصوات وفقدان الاستقلالية في القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية للبلاد.

ونوه الكاتب الذي يبدو أنه لم يكن يتوقع نشر هذه المقابلة في هذه الفترة القريبة إلى مشكلة ظريف، وقال إن المشكلة الرئيسية لظريف هي حجم تدخلات الجهات الموازية في السياسة الخارجية، كما أن معظم التيار الأصولي يعتبر ظريف جزءا من خطة المندسين (عملاء الغرب)، وأن مهمته الرئيسية تتمثل في تهيئة الظروف للغرب وأمريكا.

ربما يعجبك أيضا