لقاء بوتين وزيلينسكي.. قمة مرتقبة على صفيح روسي أوكراني ساخن

حسام السبكي

حسام السبكي

بينما تمر الحدود الروسية الأوكرانية بأزمة وتوتر متفاقم، والذي يأتي في الحقيقة استكمالًا، لحالة التحول السياسي في أوكرانيا منذ 2014، والتي تلتها أحداث أخرى، مثل بروز الميليشيات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، فضلًا عن “استقلال” شبه الجزيرة القرم، بعد “استفتاء صوري”، جاء برعاية روسية، ومؤخرا حشدت روسيا قواتها على الحدود مع أوكرانيا، دعمًا كما وصفته دوائر سياسية روسية عدة، للموالين لها في الشرق الأوكراني، الأمر الذي أثار حفيظة الغرب بشدة، وتوالت التصريحات المنددة، والمطالبة بالتهدئة.

58850

وفي الأيام القليلة الماضية، أُثيرت أزمة أخرى، ليست ببعيدة عن الشأن الأوكراني أيضًا، في البحر الأسود، حيث أجرت القوات الروسية تدريبات بحرية، دفعت الناتو وبريطانيا وغيرهم، للتدخل، بشكل جعل المنطقة على شفا مواجهة غير مأمونة العواقب، وهو ما استعرضناه، بالأمس، في تقرير بعنوان وسط دعوات للتهدئة.. هل يتحول البحر الأسود لساحة مواجهة روسية غربية؟.

في غضون ذلك، كشفت مصادر إعلامية وسياسية، فضلًا عن تصريحات رفيعة المستوى، عن قمة روسية أوكرانية وشيكة، تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لم يتحدد مكانها حتى الآن، وسط تصريحات متضاربة من الجانبين.

مبادرة أوكرانية

1555839056 2747

يسعى الرئيس الأوكراني منذ توليه مقاليد السلطة في البلاد، قبل نحو عامين، إلى تجنيب بلاده الدخول في صراعات جديدة، خاصة في مواجهة “الدب الروسي”، وهو يعرض المبادرات ويطلب وساطات غربية عدة، في حين يبدو الإيقاع الروسي أقل حماسًا في هذا الشأن.

وفي أحدث تصريحاته على هذا الصعيد، أعرب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن أمله بأن يسمح لقاؤه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إذا عقد، بمنع تفاقم الوضع الأمني في منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا.

وفضلًا عن الغموض الزماني والمكاني للقمة المرتقبة، في مقابلة مع صحيفة إيطالية، نُشرت، أول أمس الثلاثاء، صرح زيلينسكي خلالها، بأنه لا يتصور دائرة المواضيع التي سيناقشها مع بوتين قائلا: “ما هي الأجندة التي يجب مناقشتها خلال هذه المحادثات؟ ما هي الخطوات التي ستقودنا إلى السلام؟ أين ومتى سيتم تنسيق هذه الخطوات؟ كلها أسئلة لا تزال بلا رد”.

وتابع: “من الواضح أن الوقت قد طال ولم يكن بين أوكرانيا وروسيا حوار مباشر حقيقي، ولا شك أن ذلك لا يسهل بدء محادثات بناءة، لذا فيبدو لي أن اللقاء الأول يجب أن يعقد في أرض بجسد السلام والحوار“.

وفي المقابلة طرح الرئيس الأوكراني، بعد إعلانه استعداده للقاء بوتين في دونباس، مبادرة جديدة بشأن إمكانية عقد هذا اللقاء، هذه المرة في الفاتيكان باعتبار أراضيها “المكان الأمثل” لإجراء حوار بين كييف وموسكو حول سبل إحلال السلام في دنوب شرق بلاده.

وأضاف زيلينسكي، أن “الكرسي الرسولي هو سلطة أخلاقية عالمية تعمل دائمًا بشكل فعال كوسيط، وتتسم بالحياد والمصداقية لدى جميع أطراف النزاع. ولهذا السبب غالبًا ما دُعي الفاتيكان في التاريخ إلى حل النزاعات بين الدول من أجل مستقبل سلمي“.

ولفت زيلينسكي إلى أن “الفاتيكان يختلف عن اللاعبين الدوليين الآخرين ولا يزال قوة أخلاقية استثنائية بعيدا عن أي انحياز ولا يملك أي مصالح سياسية وعسكرية واقتصادية”.

وكان الرئيس الأوكراني، قد أبدى قبل أيام، استعداده للقاء نظيره الروسي “في أي مكان”.

وقال زيلينسكي في حديث لصحيفة “فاينانشال تايمز”، الإثنين الماضي: “المكان ليس مهما، والحديث يدور عن المحتوى”.

رد روسي

putin

كما أسلفنا، فالدبلوماسية الروسية، تتعامل مع الأزمة الأوكرانية، بهدوء شديد، لحسابات عدة، من بينها عدم رغبتها في خسارة حلفائها والموالين لها في الشرق الأوكراني، ومن جهة لا تريد استفزاز أوكرانيا والغرب في الوقت الحالي، والذي تعاني فيه موسكو، بشكل أو بآخر، تحت وطأة العقوبات الغربية، فضلًا عن رغبتها في إقامة علاقات أفضل مع الإدارة الأمريكية الجديدة والاتحاد الأوروبي.

وفي سياق دعوة الرئيس الأوكراني لمحادثات سلام يحتضنها الفاتيكان، علق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، على خيار زيلينسي قائلا إن “الكرملين لم يتلق اقتراحًا رسميا محددا بشأن فكرة لقاء الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الفاتيكان“.

وأضاف بيسكوف قائلا: “بعد كل شيء قال الرئيس زيلينسكي إن هذا يمكن أن يكون مكانا مثاليا للقاء. بالطبع لا يعلم الفاتيكان رسميا بهذا الأمر، إذا فهمنا بشكل صحيح ولا الجانب الروسي تلقى حتى الآن دعوة رسمية”.

كان الرئيس الروسي قد طالب في وقتٍ سابق، وبشكل يشبه الشروط المسبقة، أو إن شئنا “الشروط التعجيزية”، بلقاء يجمع القيادة الأوكرانية، بنظرائهم فيما يسمى بـ”جمهورتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد”، قبل لقاء المسؤولين الروس.

كما أكد بوتين استعداده لقبول زيلينسكي في موسكو في أي وقت مناسب، إذا رغب الأخير في بحث العلاقات الثنائية بين البلدين.

وردا على ذلك عبر نائب رئيس الوزراء الأوكراني، أليكسي ريزنيكوف، عن اعتقاده أن زيلينسكي لن يذهب إلى موسكو لإجراء محادثات مع بوتين، مضيفا أن المحادثات بينهما يجب أن تجري في إطار مجموعة “النورماندي” (روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا).

من جهته قال رئيس وفد كييف في مجموعة الاتصال حول دونباس، ليونيد كرافتشوك، إن زيلينسكي يمكن أن يجري محادثات مع بوتين في دولة محايدة وليس في روسيا.

Putin Macron Zelensky Normandy Format Meeting 39wadwi6ptulzl2dq1ygao

ربما يعجبك أيضا