إخلاء المنازل بقوة السلاح.. الاحتلال يشن حربًا وجودية في الشيخ جراح

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

تسعة وأربعون عامًا وحي الشيخ جراح في القدس المحتلة يخوض حربًا قضائية على الحق في الوجود، فالحكاية بدأت منذ العام 1953، بعد اتفاق الحكومة الأردنية مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بمنح الأرض لعدد من العائلات المهجرة إبان النكبة لتأمين منازل لهم.

الأطماع الإسرائيلية في الشيخ جراح

مع بداية عام 1967 بدأت أطماع الاحتلال في المكان فاستولى على أول بيت ومغارة بالحي، وبعد خمسة أعوام ادعت جماعات المستوطنين أن هذه الأرض لهم لتبدأ أول محكمة في القضية والتي حكمت لصالح العائلات الفلسطينية.

وفي عام 1993 طرأ تغير على مسار القضية ليكتشف المحامون الفلسطينيون تزويرا في ملفات القضية وأن الأرض للاحتلال والمنازل للفلسطينيين، لتواجه العائلات قرارات جديدة بإخلاء عدد كبير من منازلهم.

الاستيلاء عليها استيلاء على القدس

وأكد أهالي الشيخ جراح أنه تم توجيه12 بيتا جديدا للمحاكم الإسرائيلية التي حكمت لصالح المستوطنين وتعويض المحامين في المحاكم على حساب الفلسطينيين.

وقال الأهالي إن القضية أصبحت مركزية فالاستيلاء على الشيخ جراح استيلاء على القدس المحتلة، وتهويدها هو تهويد للقدس لأنها في قلب المنطقة.

نكبة جديدة

ويخشى الأهالي في الشيخ جراح من عيش تجربة اللجوء للمرة الثانية، بعد تهجيرهم من البلدان والقرى التي احتلها الاحتلال عام 1948.

بدوره، قال الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو ذياب: “إن الاحتلال بإجراءاته الأخيرة في منطقتي الشيخ جراح وحي البستان، يريد حسم ملف القدس المحتلة بمزيد من السيطرة وتنفيذ مخططات تهويدية”.

ولفت إلى أن الاحتلال، يعمل على جلب مليون و200 ألف مستوطن داخل أحياء المدينة في الفترة المقبلة، “ما يعني إبعاد المواطنين وتفريغ المناطق من سكانها”.

إحداث خلل في التوازن الديمغرافي

وأوضح الباحث أبو ذياب، “أن ما يجري في القدس المحتلة وضواحيها، عبارة عن جزء من مخطط إسرائيلي لإحداث خلل في التوازن الديمغرافي لصالح المستوطنين“.

 وأضاف: “الهجمة الإسرائيلية ضد العائلات الفلسطينية، قد تأخذ أشكالا عدة أبرزها الإبعاد، وسحب الهويات، وهدم البيوت”.

28 عائلة تعيش في الشيخ جراح منذ عام 1953، يفرض الاحتلال عليهم إجراءات عنصرية بهدف تهجيرهم لتطبيق مخطط استيطاني ينهي الوجود الفلسطيني تدريجيًا في العاصمة المحتلة، من بينها تحويل الحي إلى سجن كبير خلال الأعياد اليهودية ومراقبة الحي بالكاميرات، وأخيرا وصل لـ 160 فردا قرارات بإخلاء منازلهم.  

تنديد دولي وعربي

وسادت حالة من التنديد على المستوى الرسمي والشعبي، بإجراءات الاحتلال التي تهدف بالأساس لتهويد القدس وإخلاء الأراضي من الوجود الفلسطيني لحساب المستوطنين.

ودانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان لها، بأشد العبارات، عمليات التهجير القسري والطرد التي تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، بهدف ترحيلهم عن منازلهم بالقوة بحجج وذراع واهية وغير قانونية.

وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج وتداعيات مايحصل، مؤكدة على استمرار التعاون والتنسيق المشترك مع الأردن في متابعة هذا الملف الساخن.

وثمنت فلسطين موقف الأردن في مواجهة عمليات التهجير القسري لأهالي الشيخ جراح بالقدس، مؤكدة على تسلمها نسخا مصدقة من وثائق إبرام عقود تأجير وحدات سكنية لعدد من أهالي المنطقة.

تنديد أمريكي

فيما دعت الخارجية الأمريكية، الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين للامتناع عن خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد التوترات وتقوض جهود السلام وسط خطط إسرائيل لهدم منازل في حي الشيخ جراح بالقدس.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جالينا بورتر خلال مؤتمر صحفي لها، “نعتقد أنه من المهم بالنسبة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية الامتناع عن خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد التوترات وتقوض الجهود لتفعيل حل الدولتين، مثل ضم الأراضي والنشاط الاستيطاني وعمليات هدم المنازل والتحريض على العنف وتقديم تعويضات للمعتقلين بتهم الأعمال الإرهابية.

قلق أوروبي

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء قرار إسرائيل إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها في الشيخ جراح.

ووصف ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين سفين كون فون بورغسدورف، قرارات الإخلاء بأنها «تطور مثير للقلق ويعرض المزيد من العائلات الفلسطينية لخطر الإخلاء»، ووعد بمتابعة الموضوع والاطلاع عن كثب على تطورات الوضع في الشيخ جراح.

مناشدة المحكمة الجنائية الدولية

وأرسل ممثلون وممثلات عن 28 عائلة فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، إضافة إلى 191 منظمة داعمة لهم، رسالة إلى مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، للمطالبة بإدراج التهجير القسري، في إطار التحقيق الجاري في فلسطين.

وتقول مؤسسات حقوقية، إن قرارات الإخلاء بحق المنازل في حي الشيخ جراح تأتي ضمن مخطط لتهويد مدينة القدس، بالإضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها.

تضامن شعبي

ومع اقتراب موعد الإخلاء، نظم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية، تدعو للوقوف إلى جانب أهالي الحي الذين يواجهون خطر التهجير بعد أيام.

كذلك تظاهر سكان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية احتجاجا على مخطط طرد عائلات فلسطينية من منازلها في الحي، والسماح للمستوطنين بالاستيلاء عليها.

التهجير جريمة حرب

ودعا المحتجون إلى دعم أهالي الشيخ جراح ومساندتهم، رافعين اللافتات المنددة بإخلاء الحي، والمؤكدة حق المقدسيين في إثبات ملكيتهم للأرض، مثل: «التهجير جريمة حرب»، «عاش يوم الأرض الخالد»، «30 مارس آذار تاريخ لا يُنسى»، وعبارات أخرى تدلل على الصمود والثبات، مثل، “سوف نبقى هنا”، “صامدون في حي الشيخ جراح”. 

وينفذ الأهالي اعتصاما أسبوعيا في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة ضد “سياسة الاستيطان والاستيلاء على المنازل”.

ربما يعجبك أيضا