بفعل كارثة الهند.. القلق يعود إلى أسواق النفط

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تخلت أسعار النفط بنهاية تعاملات أمس الجمعة -آخر أيام شهر أبريل- عن أعلى مستوياتها في ستة أسابيع، إذ بددت مخاوف تتعلق بزيادات قياسية في معدلات الإصابة بفيروس كورونا  في الهند والبرازيل، مفعول التوقعات الإيجابية بزيادة الطلب على النفط خلال الفترة المقبلة، والتي كانت كفيلة في أن تدفع الأسواق للارتفاع على مدار ثلاث جلسات متتالية، لتسجل بنهاية تعاملات الخميس الماضي أعلى مستوياتها منذ مارس عند 65.2 و68.7 دولار للبرميل لخامي غرب تكساس الوسيط وبرنت على الترتيب.

ماذا يحدث في أسواق النفط؟

في نهاية جلسة أمس، هبط خام “برنت” بنسبة 0.5 % إلى 68.2 دولار للبرميل، فيما بلغ خام “غرب تكساس الوسيط” الأمريكي 64.5 دولار للبرميل، بانخفاض نسبته 0.7 %، في أشارة إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن تعافي الطلب بصورة كاملة واستهداف مستويات مثل الـ70 دولارا للبرميل، إذ ما زال “كوفيد” يتفشى بصورة مذهلة في بلدان مثل الهند -ثالث أكبر مستهلك للنفط- والتي سجلت بالأمس نحو 400 ألف إصابة جديدة، في حصيلة تشكل سابقة بين بلدان العالم منذ بداية انتشار الوباء.

فيما عادت البرازيل أيضا لتسجيل معدلات إصابة قياسية، فخلال الساعات الـ24 الماضية سجلت أكثر من 68 ألف حالة إصابة جديدة و2595 حالة وفاة، ما رفع إجمالي الإصابات إلى أكثر من 14.6 مليون حالة بينها ما يزد عن 403.7 ألف وفاة، لتسجل بذلك ثاني أكبر حصيلة وفيات جراء الوباء بعد الولايات المتحدة وثالث أكبر حصيلة إصابات بعد أمريكا والهند.

 والكارثة في الهند خرجت عن السيطرة، حيث تجاوز إجمالي الإصابات بكورونا الـ19 مليونا، ما دفع الولايات المتحدة اليوم إلى الإعلان عن حظر السفر من وإلى الهند اعتبارا من الثلاثاء المقبل، وهو قرار ستتبعه سلسلة من القرارات المشابهة من بلدان أخرى، الأمر الذي غذى مخاوف العودة إلى الوراء في أسواق النفط.

يقول محللو شركة “إنرجي أسبكتس” -في مذكرة اطلعت عليها “رويترز”-  تعافي الطلب على النفط بعد كوفيد-19 ما زال متفاوتا، والارتفاع في حالات الإصابة بالهند بمثابة تذكير بأن أي ارتفاع إلى 70 دولارا حاليا سابق لأوانه، لكن من المرجح بلوغ مثل هذا المستوى خلال الربع الثالث.

خلال أبريل ارتفع خام برنت بنحو 8% والخام الأمريكي بنحو 10%، إلا أن هذه الزيادة قد تختفي وتنقلب إلى مسار هابط في مايو، في حال استمرت الأوضاع في الهند والبرازيل كما هي وتفاقمت الأزمة في اليابان – التي أعلنت حالة الطوارئ الأسبوع الماضي، في العاصمة وثلاث مناطق رئيسية، بسبب زيادة في معدل الإصابات الجديدة-  ما من شأنه تعزيز مخاوف انتكاسة الطلب، فالحديث هنا عن بلدان تشكل رقما في استهلاك النفط، والدخول في عمليات إغلاق وطني أو فرض قيود على السفر إليها سيؤثر سلبا على تعافي الطلب.

“أوبك” تحذر

 بحسب تقرير للجنة الفنية المشتركة لتحالف “أوبك بلس” – منظمة أوبك وحلفاء من خارج المنظمة أبرزهم روسيا- صدر في 27 أبريل المنصرم، من المتوقع أن يرتفع استهلاك النفط العالمي بمقدار 6 ملايين برميل يوميا خلال 2021، وأن تتبدد معظم وفرة مخزون الوقود المتراكمة خلال الجائحة بنهاية الربع الثاني، إذ تتوقع اللجنة انخفاضا في مخزونات الوقود العالمية بمعدل قدره 1.2 مليون برميل يوميا هذا العام.

لكن اللجنة حذرت في تقريرها من أن زيادة معدلات الإصابة بكورونا في الهند والبرازيل واليابان قد تؤثر سلبا على نمو الاقتصاد العالمي، كما أن تدهور الأوضاع بهذه البلدان من شأنه عرقلة تعافي الطلب على النفط.

شركة “كوبلر” الهندية للخدمات الاستشارية قالت في تقرير صدر أمس الجمعة: إن ارتفاع حالات الإصابة بكورونا سيضر بالطلب على النفط، لافتة إلى أن واردات النفط إلى البلاد ربما تتراجع بأكثر من مليون برميل يوميا أو بأكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا خلال الأسابيع المقبلة.

على الرغم من ذلك، قررت أوبك وحلفاؤها الثلاثاء الماضي، استمرار السياسات المتفق عليها منذ اجتماع الأول من أبريل، الخاصة بالتخفيف التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط من مايو إلى يوليو، المجموعة التي تضخ  أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من النفط، كانت تدعم الأسعار منذ أكثر من عام بتخفيض إنتاجها بنحو ثمانية ملايين برميل يوميا، ما يتجاوز 8% من الطلب العالمي، إلا أنها مع بدء التوسع في توزيع لقاحات كورونا حول العالم ورصد مؤشرات لتعافي الطلب عالميا، قررت في اجتماع الأول من أبريل عودة 2.1 مليون برميل يوميا من إنتاجها إلى السوق في الفترة من مايو إلى يوليو، تدريجيا لتقلص التخفيضات إلى 5.8 مليون برميل يوميا.

قرار أوبك قد يبدو مخالفا لتحذيرها، لكنه يعكس حقيقة أن السوق ما زال يتمتع بقدر جيد من التوازن بين العرض والطلب، يسمح بتقليص تخفيضات الإنتاج تدريجيا، كما أن توقعات المحللين تراهن على ارتفاع الأسعار إلى مستويات الـ70 دولار للبرميل خلال النصف الثاني من العام، لكن حاليا لا يوجد ما يسمح بالوصول إلى هذه المستويات في ظل استمرار ضبابية الأوضاع في الهند والبرازيل وحتى بعض البلدان الأوروبية فيما يتعلق بمعدلات الإصابة وقرارات الإغلاق الجزئي، وبحسب مسح أعلنت نتائجه اليوم “رويترز” من المتوقع أن يبلغ سعر خام برنت في المتوسط 64.17 دولار للبرميل هذا العام ارتفاعا من استطلاع سابق توقع أن يبلغ متوسط السعر 63.12 دولار للبرميل، وهذا هو أعلى توقع لمتوسط السعر في العام الجاري منذ يناير 2020، كما توقع المسح أن ينمو الطلب على النفط بنحو 5.5 أو 6.5 مليون برميل يوميا خلال العام، وهو ما يتسق مع توقعات الوكالة الدولية للطاقة بأن المنتجين ربما يحتاجون إلى ضخ مليوني برميل إضافية يوميا لتلبية الطلب المتوقع، ما يعني أن “أوبك” تسير على الطريق الصحيح، والأهم أن آمال التعافي ما زالت قائمة.

ربما يعجبك أيضا