مع انسحاب الناتو وأمريكا.. طالبان تتقدم في ولايات أفغانية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

سريعا بدأت حركة طالبان الأفغانية في استغلال انسحاب الجيش الأمريكي وقوات الناتو من أفغانستان، فمن البداية كانت قوات طالبان تحيط بعدد من المدن الكبيرة في أفغانستان، ولكنها كانت تعلم أنها ستكون صيدا سهلا إن اقتحمت تلك المدن في ظل التفوق الجوي الأمريكي، واليوم هي تعتقد أن الطريق بات مفتوحا لها رغم التصريحات الغربية بعدم تخليهم عن الحكومة الأفغانية.

طالبان اقتربت بشكل كبير من السيطرة على كامل ولاية هلمند الأفغانية، وأتى ذلك بمجرد تسليم القيادة المركزية الأمريكية قاعدة “نيو أنتونيك” في ولاية هلمند إلى الجيش الأفغاني، كما تقدمت الحركة في ولاية بغلان.

يأتي ذلك مع إعلان الجيش الأمريكي إتمامه ما بين 2 إلى 6 بالمائة من عملية سحب قواته من أفغانستان، كما أعلنت سحبت أيضا نحو 60 طائرة شحن من طراز “C-17″، الغريب أن الجيش الأمريكي أكد أنه تم تخصيص 1300 قطعة من المعدات العسكرية لتدميرها ، بدلا من تسليمها للجيش الأفغاني للاستفادة منها.

تلك الحرب كلفت الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الضحايا وتريليونات من الدولارات أنفقت دون طائل لهزيمة حركة طالبان التي لم تهزم بل سيطرت في السنوات الماضية على المزيد من الأراضي الأفغانية.

طالبان أصدرت بيانا كذلك قالت فيه إن انتهاك الاتفاقية (تأخر الانسحاب الأمريكي إلى سبتمبر بدل من يونيو) قد يدفعهم إلى اتخاذ “كل عمل مضاد يرونه مناسبًا ضد قوات الاحتلال”، وقالت بحسب “سي إن إن”: “جنودنا سينتظرون الآن القرار الذي تتخذه قيادة الإمارة الإسلامية في ضوء سيادة الدولة وقيمها ومصالحها العليا، ثم يتخذون الإجراءات وفقًا لذلك إن شاء الله”.

المحلل الاستراتيجي والخبير في شؤون أفغانستان “روح الله عمر” قال “إن مقاتلي حركة طالبان يحاصرون ولاية هلمند من كل الجوانب، وهم الآن على نقطة صفر لمركز الولاية، وأضاف: “خلال ثلاثة أيام فقط،  وصلت طالبان إلى أبواب أربع ولايات رئيسية، فهم كانوا على أبواب ولاية قندهار من قبل، والآن وصلوا إلى مركز ولاية هلمند، وولاية غزني، وولاية لوجر، و ولاية فراه، وختم بالقول: “الوضع خطير للغاية بالنسبة للحكومة”.

هلمند             

من جانبه، أوضح شاهد العيان الملا جان، وهو مقيم بإحدى ضواحي مدينة لشكركاه عاصمة ولاية هلمند، لـ”رويترز” أنه “كانت هناك عاصفة من زخات الأسلحة الثقيلة والانفجارات في المدينة، ودوي طلقات الأسلحة الصغيرة”، وقال الملا جان: “آويت مع جميع أفراد أسرتي إلى ركن بالغرفة، وكانت أصوات الانفجارات والطلقات كما لو كانت خلف جدراننا”، في حين أن الأسر التي كان بمقدورها الرحيل، غادرت المدينة”.

كما أشار رئيس المجلس المحلي لولاية هلمند، عطا الله أفغان، إلى أن “طالبان شنت هجومها، أمس الإثنين، من عدة اتجاهات، وهاجمت نقاط تفتيش الجيش الأفغاني على مشارف لشكركاه، وسيطرت على عدد منها”.

التقدم في بغلان

كما أعلنت مصادر أمنية أفغانية، سقوط أنحاء من مقاطعة بوركا في ولاية بغلان شمالي أفغانستان بيد حركة طالبان، إثر اشتباكات، ونقلت قناة طلوع نيوز المحلية عن المصادر الأمنية قولها إن المسؤولين المحليين نقلوا مكاتبهم إلى أماكن أخرى في مقاطعة بوركا بعد سيطرة طالبان على أنحاء من المقاطعة، وأعلنت طالبان أنها استولت على مقر الشرطة ومكتب حكومة المنطقة والعديد من النقاط الأمنية، وفق القناة الأفغانية.

وقال وكيل مجلس شورى باغلان أسد الله شهباز، في مؤتمر صحفي إن المخفر العسكري بمنطقة جيرهوشك، تعرض لهجوم من قبل مسلحي طالبان.

مستقبل أفغانستان

من جانبه، اعتبر رئيس هيئة الأركان الأمربكية المشتركة الجنرال مارك ميلي الأربعاء أنه من المستحيل التنبؤ بمستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية، وأشار إلى مخاطر “سقوط كابول” مؤكدا أن ذلك “ليس نتيجة محسومة”.

وقال الجنرال خلال مؤتمر نظمه “معهد ماكين” إن “هناك مجموعة من النتائج المحتملة، بعضها سيئ للغاية، والبعض الآخر أقل سوءا”.

وأضاف العسكري الأعلى رتبة في الجيش الأمريكي أنه “في أسوأ الحالات، ستنهار الحكومة الأفغانية والجيش الأفغاني، وتقع حرب أهلية وكارثة إنسانية مصاحبة لها، مع عودة محتملة للقاعدة”.

فيما أعلن البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة تنسحب عسكريا من أفغانستان لكن وجودها الدبلوماسي سيستمر.

استراتيجية طالبان

أخيرا يبدو واضحا أن حركة طالبان تريد السيطرة على كامل أفغانستان فقبل أيام سيطرت على نقاط تفتيش أمنية بإقليم فارياب شمال أفغانستان، والغريب أن نائب رئيس مجلس ولاية فارياب صبغة الله سلاب أكد أن “نقطة التفتيش قد سلمها قائدها إلى جانب الأسلحة إلى الملا نسيم وهو قائد محلي في طالبان”، طالبان تتجهز من الآن للتقدم نحو العاصمة الأفغانية كابول، وإلى مراكز المدن التي تحاصرها من جميع الجهات، الأمر مسألة وقت ليس إلا، خصوصا إذا دعمت من الحكومة الباكستانية التي تنظر للحركة كعمق استراتيجي لها ضد إيران والهند.

دعوات لطالبان

دعا الرئيس الأفغاني أشرف غني، الأربعاء، حركة طالبان المشاركة في السلطة، بشرط إنهاء الحرب وإراقة الدماء.وقال غني في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى الـ29 لإسقاط الحكومة السوفييتية في العاصمة كابل: “يجب أن نتعلم الدروس من التجارب المريرة للماضي، والحكمة المستخدمة في عملية السلام”، وأضاف: “لا أحد في أفغانستان يستطيع أن يفرض إرادته على الشعب من خلال الحرب والعنف، وحان الوقت لطالبان أن تتخلى عن الحرب، واللجوء إلى الآليات الديمقراطية لتقاسم السلطة”.كما أوضح أن أفغانستان يمكنها الوصول إلى سلام دائم وعادل من خلال “موقف متماسك وموحد”.

ربما يعجبك أيضا