بعد تصريحات يهود أولمرت.. لا خيار للفلسطينيين سوى الانتفاضة

محمود

محمد عبدالكريم

لم تمض سوى أيام على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت والتي حذر فيها من أنّ مواصلة استهداف الفلسطينيين لا تترك لهم خيارًا سوى الانتفاضة، معتبرا في مقال نشرته صحيفة “معاريف” العبرية أن الأحداث التي شهدتها مدينة القدس مؤخرًا، مؤشر على أن الوضع على شفير الانهيار، وقد يتطور في أي لحظة”.

اليوم الجمعة مثّل عاملا حاسما في توقعات أولمرت وفي توقعات المؤسسة العسكرية للاحتلال من أن تمثّل عملية إطلاق النار يوم الأحد على حاجز “زعترة”، جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية، قتل خلالها مستوطن وأصيب آخرون،

ويسري القلق من أن تكون مقدمة لموجة جديدة من العمليات الفلسطينية، حيث قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: إن المقاومين الثلاثة الذين أطلقوا النار تجاه قوات الاحتلال صباح اليوم في حاجز سالم قرب جنين كانوا في طريقهم إلى الداخل الفلسطيني المحتل.

وأضافت الصحيفة العبرية -اليوم الجمعة 7 مايو 2021- إن المقاومين على ما يبدو خططوا لتنفيذ عملية فدائية كبيرة بالداخل المحتل، وبحسب الصحيفة العبرية فإن الشبان كانوا على متن حافلة صغيرة تحمل لوحة أرقام إسرائيلية

وقد كانت تقل شبان فلسطينيين لا يحملون التصاريح بطريقهم إلى وسط فلسطين المحتلة.

وذكرت يديعوت أحرونوت أن قوات الاحتلال أوقفت حافلتين صغيرتين تقلان شباناً، وجرى نقل هذه الحافلات إلى حاجز سالم، وعندما اقترب الجنود من المقاومين قاموا بإطلاق النار تجاههم، وقد استشهد شابين فيما أصيب الثالث بجروح حرجة.

وبحسب تقديرات المؤسسة للاحتلال كما أوردتها صحيفة “يسرائيل هيوم”؛ فإن العملية تدل على أن إسرائيل تقف أمام موجة جديدة من العمليات وأن جيش الاحتلال عمد أخيراً إلى تعزيز قواته بشكل كبير في الضفة وأن الجيش

مُطالب بدفع مزيد من الكتائب إلى هناك، بافتراض أن كثافة الوجود العسكري يمكن أن تقلّص من دافعية الفلسطينيين لتنفيذ عمليات.

أما عاموس هارئيل، معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”؛ فقد أشار إلى أن الضفة الغربية والقدس شهدت أخيراً جملة من التطورات التي توفر بيئة تسمح بتصعيد الأوضاع الأمنية، على رأسها قرار رئيس السلطة الفلسطينية

محمود عباس تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ورد فعل الفلسطينيين الغاضب على توجه إسرائيل لتدمير منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح، في القدس المحتلة.

من ناحيته كان إليكس فيشمان، المعلق العسكري في “يديعوت أحرونوت” أكثر تشاؤماً، حيث رأى أن عملية “زعترة” تمثل “بداية محتملة لزلزال يهز الحي بأكمله”، عازياً ذلك إلى تداعيات قرار عباس تأجيل الانتخابات.

وفي تحليل نشرته الصحيفة اليوم، زعم فيشمان أن قرار عباس تأجيل الانتخابات فتح الباب على مصراعيه أمام حرب الوراثة، والتنافس على قيادة داخل السلطة الفلسطينية، هو كفيل بحد ذاته بتفجّر فوضى تتخلّلها عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

عباس متهم بالتواطؤ ضد المقاومين

أكدت مصادر «فتحاوية»، أن رئيس السلطة يرى نفسه غير معنيّ بإجراء الانتخابات على أقلّ تقدير حتى نهاية العام الجاري، أو منتصف العام المقبل، وتشمل خطوات عباس للفترة المقبلة، تفعيل الضغط والاعتقالات في الضفة الغربية، لمنع تصاعد الأحداث الميدانية، ولم تتوقّف خطوات عباس على ما بعد الانتخابات، بل وصلت إلى حدّ حضوره شخصياً اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في رام الله أمس، والطلب إلى رئيس الحكومة، محمد اشتية، تجميد

جزء من القرارات الأخيرة القاضية بتقليص العقوبات ضدّ غزة، بالإضافة إلى إيقاف كلّ خطوة من شأنها زيادة فاتورة الإنفاق على القطاع، ومنها وقف تثبيت تفريغات 2005.

في المقابل، بحث عباس استمرار الاتحاد الأوروبي في تجميد تحويلات الأموال والمساعدات للسلطة الفلسطينية، وهو ما أثّر على قدرة السلطة على دفع مستحقّات أكثر من 70 ألف أسرة فقيرة تتلقّى مساعدة من بروكسل من طريق

وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية. ولذا، سيبعث الرئيس الفلسطيني رسالة تطالب الأوروبيين بالإيفاء بتعهّداتهم، فيما سيسعى، بحسب المصادر، إلى دعوة جميع الفصائل الفلسطينية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت عنوان

«حكومة وحدة للجميع وبشرعية الجميع»، مشروطة بنيل ثقة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتجديد الدعم المالي للسلطة، فيما لا تزال حركة «حماس»

ترفض مثل هذا الطرح الذي يُحتِّم عليها الاعتراف بكيان الاحتلال وبشروط

الرباعية الدولية

في هذا الوقت، بدأت المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تدرس سيناريوات ما بعد الرئيس محمود عباس الذي يبلغ من العمر 86 عاماً، في ظلّ خشية من أن تؤدّي وفاته إلى صراعات كبيرة داخل حركة «فتح»، فضلاً عن

توتّر أمني وانتفاضة جديدة ضدّ الاحتلال.

 وفي هذا الإطار، قال المحلِّل في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أليكس فيشمان، إنه منذ إعلان «أبومازن» تأجيل الانتخابات، بدأ العدّ التنازلي لنهاية فترة حكمه. وعليه، فإن كلّ ما يحدث الآن في المجالَين السياسي والنضالي الفلسطيني في الضفة وغزة، ينتمي إلى فصل من صراع الخلافة، الذي يهدِّد بـ»إحداث فوضى فلسطينية داخلية ونضال عنيف مع إسرائيل»، وهو ما يستعدّ له جهاز الأمن العام «الشاباك»، والجيش الإسرائيلي منذ سنوات.

بالتوازي مع ذلك، كشفت «القناة 12» العبرية في تقرير بعنوان «التعاون بين أجهزة الأمن الفلسطينية والجيش الإسرائيلي»، أن الأمن الفلسطيني أبلغ الاحتلال بخطّ سير منفّذ العملية والمكان الذي ترك فيه مركبته، فيما وجّه

مسؤول إسرائيلي انتقاداً للجيش بسبب تأخّره في الوصول إلى المنطقة التي توجد فيها سيارة المنفّذ، وهو ما أتاح للسكّان إحراقها لإخفاء الأدلّة، وسط عجز أربعة أفراد تابعين للأمن الفلسطيني عن منع ذلك.

إسرائيل تتخوف الذئاب المنفردة وصواريخ غزة

يوماً بعد يوم، تتعاظم التحدّيات أمام العدو الإسرائيلي على الجبهة الفلسطينية؛ فمن الضفة الغربية حيث يخيّم شبح عودة «الذئاب المنفردة»، إلى القدس المحتلّة حيث يتزايد القلق من غضبة الفلسطينيين، إلى قطاع غزة حيث «همّ» الصواريخ لا ينتهي، تجد تل أبيب نفسها إزاء سيناريوات صعبة لا خيارات كثيرة بين يديها للتعامل معها.

وجاءت عملية  اليوم الجمعة التي حاول تنفيذها شبان من طولكرم وقبلها

عملية حاجز زعترة جنوب نابلس لتُمثّل ذروة جديدة في «جبل الجليد» الذي لا يبدو أنه بلغ ذروته إلى الآن. إذ بحسب التقديرات الإسرائيلية، ثمّة إشارات، في عملية الأحد التي أعادت التذكير بعملية الأسير عاصم البرغوثي، إلى تخطيط محكَم يستهدف إرعاب المستوطنين وحكومتهم، خصوصاً على أعتاب «يوم القدس الإسرائيلي» حيث يُتوقّع تجدّد الاستفزازات والاعتداءات على نحو أكبر وأوسع.

ربما يعجبك أيضا