من يوقف حقداً أسود.. ليلة دامية من داخل المسجد الأقصى

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بعد ليلة ملحمية في باحات المسجد الأقصى وبين جدرانه، أصيب خلالها 205 فلسطينيين جراء اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني المصلى القبلي والاعتداء على المصلين بالقنابل الصوتية والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، في مواجهات حمّلت السلطة الفلسطينية الدولة العبرية «المسؤولية الكاملة» عنها، انسحب جنود الاحتلال بشكل كامل من المسجد الأقصى ودخول المصلين فجرا مكبرين تكبيرات العيد.

الاقصى2 4

ليلة دامية

وكالة «معا» الفلسطينية ذكرت عن شهود عيان قولهم: إن «قوات الاحتلال أطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع في المصلى القبلي لإجبار المواطنين على الخروج منه، وأخلته وسط مواجهات عنيفة دارت في المكان، ما أدى إلى إصابة أكثر من 205 مواطنا تركزت إصاباتهم في الرأس والعيون، نقل 88 منهم إلى مستشفيات القدس، وتم اعتقال آخرين، كما اقتحمت قوات الاحتلال غرفة الأذان في الأقصى، وقطعت أسلاك مكبرات الصوت لمنع الأوقاف الإسلامية من الحديث مع المواطنين».

ولفتت الوكالة الفلسطينية، إلى أن القوات الإسرائيلية، أجبرت المصلين على الخروج من المسجد الأقصى بالقوة، بعدما اقتحم أكثر من 200 عنصر من أفراد الشرطة باحات المسجد والمصليات المسقوفة.

لم تتوقف جرائم قوات الاحتلال عند هذا الحد، إذ أغلقت المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى بالسلاسل الحديدية، بعدما اقتحمته وأطلقت قنابل صوتية تجاه المصلين، كما منعت الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف من الوصول إلى باحات المسجد الأقصى لإسعاف المصابين، واعتدت على عدد من الصحفيين بهدف منع نقل الأحداث، وأصابت الصحفيين فايز أبو أرميلة وعطا عويسات بجروح، وفق ما ذكرت «معا».

النفير العام

في هذه الأثناء وبالتزامن مع انتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق المقدسيين، تواصلت الدعوات الشعبية والرسمية لـ«النفير العام»، إذ أعلنت مجموعات شبابية تطلق على نفسها «سواعد الانتفاضة» ووحدات الشهيد وديع حداد» التابعة للجبهة الشعبية، حالة النفير العام في قطاع غزة، ردا على أحداث القدس.

وقالت وحدات «الشهيد وديع حداد للشباب الثائر» التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان لها أن عناصرها بدأوا بالتجهيز لتفعيل أدوات المقاومة الخشنة وفي مقدمها إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة، والبدء بمعركة مفتوحة مع الاحتلال بكل الوسائل، مع التأكيد على عدم ترك المقدسيين وحدهم في مواجهة الاحتلال الغاشم.

ودعا الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إلى هبّة شاملة في كلّ أنحاء فلسطين إسناداً للأقصى والقدس في وجه القمع والتنكيل والتطهير العرقيّ.

وتوجه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالقول: «لا تلعب بالنار، وهذه معركة لا يمكن أن تنتصر بها وعلى صخرة الأقصى سوف يتحطم كبرياؤك»، مشدداً على أنه «سندافع عن الأقصى بالروح والدم وبكل ما أوتينا من قوة وبسالة وشجاعة وجرأة لمواجهة هذا المحتل».

من جهتها، لفتت كتائب المجاهدين الذراع العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية، إلى أن رفع حالة التأهب والاستعداد لدى مقاتليهم وأنهم منتظرين الإشارة من قادتهم للدفاع عن أبناء شعب فلسطين وعن المسجد الأقصى وهم على الجهوزية الكاملة.

الاقصى1 2

جريمة حرب

ردود الفعل الدولية على انتهاكات الاحتلال بحق المقدسيين جاءت قوية، إذ أعلنت مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن الخطوات التي تقوم بها إسرائيل ضد أهالي حي الشیخ جراح بالقدس الشرقیة قد ترقى إلى «جرائم حرب».

وأكد المتحدث الإعلامي باسم مفوضة الأمم المتحدة السامیة لحقوق الإنسان روبرت كولفیل عبر الاتصال المرئي من جنیف«أن القدس الشرقیة لا تزال جزءا من الأراضي الفلسطینیة المحتلة ویسري علیھا القانون الدولي الإنساني»، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

وشدد المتحدث خلال مؤتمر صحفي على «ضرورة احترام سلطة الاحتلال القائمة للممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة لا سیما وأنھا محمیة من المصادرة».

ودعا الاتحاد الأوروبي سلطات الاحتلال إلى العمل على تخفيض التوتر بشكل عاجل في القدس، محذرا من أن طرد العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح والقدس الشرقية مقلق وغير قانوني ويزيد التوتر، ويتعين على القادة السياسيين والدينيين ضبط النفس وتحمل المسؤولية لتهدئة الوضع المشتعل بالقدس.

عربيا، أدانت الجامعة العربية اقتحام باحة المسجد الأقصى واستهداف الفلسطينيين العُزل بقنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي، معتبرة أن الهجوم يستفز مشاعر المسلمين حول العالم، ويعكس سياسة إسرائيلية متعمدة في تصعيد الموقف، محذرا من مغبة إشعال الموقف.

بينما وصف شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، تهجير أهالي الشيخ جراح بالقدس بـ«الإرهاب الصهيوني الغاشم»، مؤكدا تضامن «الأزهر، علماء وطلابا، كليّا مع الشعب الفلسطيني المظلوم في وجه استبداد الكيان الصهيوني وطغيانه.

باعة الشعارات

بينما القدس تنتفض ويتصدى أبناؤها للاحتلال، يختبئ زعيم ميلشيا «حزب الله» حسن نصر الله في سردابه وميلشياتُه تقاتل مع نظام الأسد ضد أطفال سورية وأحرارها. أما إيران فترسل «فيلق قدس» ليبطش بالعرب ولا يتجرأ على إطلاق رصاصة واحدة تجاه المحتل، فـ«باعة الشعارات» تفضحهم انتفاضة الأقصى وتسقط عنهم ورقة التوت.

«خبزنا في القدس مجبول بالدماء، حتى لا ننسى مع كلّ لقمة ولا في أي زفرة أنّ الأقصى دونه الدماء والمُهج والأرواح».. يقول مقدسيون، بصمود وصلابة سيواصلون دفاعهم عن أقصاهم، حتى وإن خذلهم العالم أجمع. فمهما كانت قوة الاحتلال الصهيوني قوية ومدعومة من النظام العالمي، فإن إرادة الشعب الفلسطيني الآبي ترفض الانكسار، حتى وإن قدموا أرواحهم دفاعا عن أقصاهم، فالقدس لا تتسع لهويتين.

ربما يعجبك أيضا