القدس تحترق.. الاحتلال يقتحم الأقصى ويهاجم المعتكفين ومخاوف من تزايد العنف

أسماء حمدي
اقتحام الأقصى

كتبت – أسماء حمدي

في ليلة كاملة أخرى من الاشتباكات في القدس المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحرم القدسي الشريف صباح اليوم الإثنين، واشتبكت مع المعتكفين كما داهمت غرفة الصوتيات في المسجد القبلي وفقا لما قاله مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني.

أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن 112 فلسطينيا، تم نقلهم إلى المستشفيات، حيث اشتبكت قوات الاحتلال مع المرابطين واستمرت المواجهات حتى بعد الفجر، وأطلقت قنابل الصوت على المصلين، مما أسفر عن إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين، في حين توسعت رقعة الغضب الفلسطيني لتشمل الخط الأخضر وغزة.

وأظهرت لقطات حشودا من الناس وهم يجرون أمام المسجد وسط سحب من الدخان.

تصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة قبل صدور حكم المحكمة الإسرائيلية المؤجل الآن بشأن ما إذا كانت السلطات قادرة على إجلاء عشرات الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، الواقع خارج المدينة القديمة، ومنح منازلهم للمستوطنين اليهود.

واستمرت المواجهات الليلية على مدى ساعات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في باب العامود وباب الساهرة وحي الشيخ جراح، وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن 14 فلسطينيا أصيبوا في باب العامود وحي الشيخ جراح، مؤكدا نقل 4 منهم للمستشفى.

كما أصيب شابا فلسطينيا جراء اعتداء قوات الاحتلال عليه في حي الشيخ جراح، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت عددا من المتظاهرين في باب العامود.

ودفعت قوات الاحتلال بفرق الخيالة إلى باب العامود الذي شهد تعزيزات أمنية إسرائيلية من الأحياء القريبة، كما ألقت قنابل الصوت لمواجهة الفلسطينيين الذين كانوا يتوافدون على هذه المنطقة.

وفي السياق، شهدت مداخل الجامعة العبرية في القدس مواجهات بين طلاب فلسطينيين وإسرائيليين على خلفية التصعيد الحاصل في المدينة، وألقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل لتفريق المتظاهرين، واعتقلت عددا من الطلاب الفلسطينيين.

وفي رام الله، جابت مسيرة حاشدة شوارع المدينة رفع فيها المتظاهرون شعارات تدعو للتوجه إلى خطوط التماس، لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، فيما أطلقت قوات الاحتلال وابلا من قنابل الغاز على متظاهرين عند حاجز بيت إيل بين رام الله والبيرة، وذلك بعد قيام شبان فلسطينيين بإشعال الإطارات المطاطية.

وبالتزامن، أصيب فلسطينيون بالاختناق خلال تفريق الاحتلال مسيرات على حدود غزة خرجت للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية في القدس.

وفي خضم المواجهات بالقدس المحتلة قمعت قوات الاحتلال احتجاجات في الناصرة وحيفا، وأصيب متظاهرين اثنين واعتقل 18 خلال مظاهرة في حيفا دعما للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.

مسيرة للمستوطنين

أثارت الاشتباكات مخاوف من وقوع المزيد اليوم الإثنين، بعد أن عززت الاحتلال قواته بالقدس وفي محيط المسجد الأقصى بنحو 3 آلاف عنصر، وأعطت الضوء الأخضر لمسيرة “رقصة الأعلام” التي من المتوقع أن تخرج اليوم في المدينة المحتلة بمشاركة 30 ألف مستوطن بمناسبة ما يسمى يوم “توحيد القدس”.

وتعتبر المسيرة الاحتفالية الأبرز للمستوطنين، وستنطلق عصر اليوم من أمام مقبرة مأمن الله غرب البلدة القديمة، بتجمع المشاركين هناك والسير باتجاه باب العامود، ومن المتوقع أن تحدث مواجهات مع الفلسطينيين المحتجين في هذه المناطق.

وتشهد القدس المحتلة إجراءات أمنية مشددة في كل من البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى، ودفعت سلطات الاحتلال بتعزيزات عسكرية وأمنية عند أبواب الأقصى، كما انتشرت قوات شرطة الاحتلال في مختلف أزقة مدينة القدس الشرقية ونصبت الحواجز الحديدية.

وأرجأت المحكمة العليا الإسرائيلية جلستها المقررة اليوم الإثنين، للنطق بالحكم في قضية طرد عائلات مقدسية من منازلها في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وأعلنت أنها ستعود للنظر في القضية في غضون شهر.

في غضون ذلك، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “نرفض بشدة الضغوط لعدم البناء في القدس”، وذلك بعد تزايد الإدانات الدولية لعمليات التهجير المزمعة للفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح.

وأضاف نتنياهو أنه عقد في الأيام الأخيرة جلسات أمنية وعسكرية لتقييم الوضع، وقال إنه لن يسمح “لأي جهة متطرفة أن تضعضع الهدوء في القدس”.

قصف غزة

كما ظهرت مؤشرات على بدء انتشار العنف، حيث أصيب عدد من الشبان الفلسطينيين في قطاع غزة،  بحالات اختناق جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي المظاهرات الشعبية التي خرجت نصرة لمدينة القدس والمسجد الأقصى في عدد من نقاط التماس قرب السياج الأمني شرقي القطاع.

ووسط هتافات تدعم المرابطين في المسجد الأقصى وأهالي حي الشيخ جراح، أشعل الشبان الغاضبون الإطارات المطاطية، وألقوا قنابل صوتية وزجاجات حارقة.

وشنت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات على نقاط رصد حدودية تابعة للمقاومة الفلسطينية في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وأدى القصف لوقوع أضرار مادية في المواقع المستهدفة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.

وقال الناطق باسم جيش الاحتلال إن دبابات الجيش قصفت عددا من المواقع العسكرية التابعة لحركة حماس ردا على إطلاق بالونات حارقة ومتفجرة، وإطلاق صواريخ من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي: إن القبة الحديدية اعترضت مساء أمس الأحد، صاروخا في سماء مدينة عسقلان وإن صاروخا آخر سقط في منطقة مفتوحة بعد إطلاقهما من قطاع غزة.

وبثت وسائل إعلام إسرائيلية مقاطع للقبة الحديدية أثناء محاولة اعتراض صواريخ في سماء عسقلان يعتقد أنها أطلقت من قطاع غزة.

كما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه تم رصد إطلاق فاشل لقذيفتين صاروخيتين من غزة، مضيفا أنهما سقطتا داخل حدود القطاع، مشيرا في نفس الوقت إلى إطلاق بالونات حارقة من القطاع، مما أسفر عن حرائق في مناطق زراعية قرب مستوطنات إسرائيلية.

وفي سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي إغلاق المجال البحري أمام الصيادين قبالة شواطئ غزة ردا على إطلاق صاروخ مساء أول أمس السبت.

جريمة حرب

واجهت إسرائيل انتقادات دولية متزايدة لردها الشديد من الشرطة وعمليات الإخلاء المخطط لها، وأعرب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، عن “مخاوف جدية” بشأن الاشتباكات العنيفة في القدس في مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي مئير بن شبات، حسبما أفاد البيت الأبيض في بيان.

ووصفت هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، طرد العرب من منازلهم بأنه “جريمة حرب” محتملة.

 يوم الأحد ، وصف الأردن، تصرفات إسرائيل ضد المصلين في الأقصى بأنها “بربرية”، وأصدر الملك عبدالله الثاني، الذي يشرف على المواقع الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس، بيانا يدين فيه “انتهاكات إسرائيل وممارساتها التصعيدية في المسجد الأقصى المبارك”.

ويعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة اليوم الإثنين، لبحث التوتر المتصاعد بين الفلسطينيين وإسرائيل في القدس الشرقية.

وقال دبلوماسيون: إن ما يقرب من ثلثي الدول الأعضاء بالمجلس، البالغ عددها 15، طلبت عقد هذه الجلسة الخاصة.

وقالت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) إن 29 طفلا فلسطينيا أصيبوا في القدس الشرقية على مدى يومين، بينهم طفل يبلغ من العمر عاما واحدا.

وأضافت أنه تم اعتقال ثمانية أطفال فلسطينيين.

ودعت اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط المكونة من الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى التهدئة.

وفي روما، دعا البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى التهدئة وإنهاء العنف مطالبا الطرفين بحل المشاكل بشكل سلمي، واحترام الهوية متعددة الثقافات للقدس.

183996749 4073890229357028 5525037244108026144 n
اقتحام الأقصى

“طفح الكيل”

يشعر الفلسطينيون بتهديد متزايد من المستوطنين الذين سعوا لتوسيع الوجود اليهودي هناك من خلال شراء المنازل، وتشييد المباني الجديدة، وعمليات الإخلاء بأمر من المحكمة، مثل قضية الشيخ جراح.

وقال نبيل الكرد ، 77 عاما ، الذي تواجه عائلته فقدان منزلهم، إن عمليات الإخلاء كانت محاولة عنصرية “لطرد الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين”.

بموجب القانون الإسرائيلي، يمكن لليهود الذين يستطيعون إثبات ملكيتهم قبل حرب 1948 التي رافقت إنشاء الدولة المطالبة باستعادة ممتلكاتهم في القدس، وتم تهجير مئات الآلاف من العرب في نفس الصراع، ولكن لا يوجد قانون مماثل للفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم في المدينة.

وقال الكرد: “هذه محاولة من قبل المستوطنين، بدعم من الحكومة، للاستيلاء على منازلنا بالقوة،”لقد طفح الكيل”.

ربما يعجبك أيضا