في العراق.. هل تستهدف رصاصات الغدر انتخابات 2021؟

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

عادت الاغتيالات من جديد للعراق، وسط حالة من الغضب الشعبي والرافض لعجز الحكومة العراقية الصامتة أمام انتهاكات المليشيات الإيرانية التي باتت تسيطر على مفاصل الدولة العراقية، واليوم انعكست سلبًا على العملية الانتخابية المقررة في أكتوبر المقبل بعد الحملات التي دعت لمقاطعتها ومحاولات عرقلة أصوات الناخبين، فهل اغتالت رصاصات الغدر انتخابات العراق 2021؟

الاغتيالات تعود

بعد سلسلة من الاغتيالات شهدها العراق خلال الفترة الماضية، ما لبث أن عادت مرة أخرى للواجهة بعد محاولة اغتيال الصحفي العراقي أحمد حسن الذي أُصيب بجروح خطيرة في الديوانية، وذلك بعد ساعات من مقتل الناشط المناهض للحكومة إيهاب الوزني بهجوم مماثل في كربلاء.

وبعد اغتيال الوزني اندلعت احتجاجات تخللتها أعمال حرق قرب القنصلية الإيرانية في كربلاء، فيما قامت قوات مكافحة الشغب بتفريق المحتجين الذين خرجوا احتجاجًا على مقتل ناشط مدني في كربلاء.

ويعد إيهاب الوزني من أبرز الأصوات المناهضة للفساد وسوء إدارة الدولة والمنادية بالحدّ من نفوذ إيران والجماعات المسلّحة في المدينة المقدّسة لدى الشيعة.

ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتيال الوزني، وهو أمر تكرّر في هجمات سابقة اختفى بعدها الفاعلون تحت جنح الليل في بلد تفرض فيه فصائل مسلّحة سيطرتها على المشهدين السياسي والاقتصاد.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق في أكتوبر 2019، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً لعملية اغتيال أو محاولة اغتيال، في حين اختطف عشرات آخرون لفترات قصيرة، وبالأمس أعلنت شرطة كربلاء أنّها لن تدّخر جهداً للعثور على “الإرهابيين” الذين قتلوا الوزني.

بدوره أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان أنّ “قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتصّ من كل مجرم سوّلت له نفسه العبث بالأمن العام”.

عجز الكاظمي

بعد مرور عام على توليه الحكم، يرى الناشطون أن حكومة الكاظمي لم تنصف الناشطين الذين تم اغتيالهم، فمثل كل مرة، تكتفي الجهات المسؤولة بإعلان عدم قدرتها على كشف هوية مرتكبي هذه الاغتيالات التي تقف وراءها دوافع سياسية في بلد شهد حربُا أهلية بلغت ذروتها بين 2006 و2009.

يذكر أنه في فبراير الماضي، خاطب الوزني رئيس الوزراء على صفحته على موقع فيسبوك، قائلا “هل تدري ما يحدث؟ هل تعلم أنهم يخطفون ويقتلون أم أنك تعيش في بلد أخر غيرنا؟”. 

من جانبه، اتهم عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية علي البياتي السلطات بالضعف، قائلا: إن اغتيال الوزني “يطرح السؤال مرة أخرى: ما هي الإجراءات الحقيقية التي اتخذتها حكومة الكاظمي لمحاسبة الجناة على جرائمهم”.

 بدوره، قال حزب “البيت الوطني” الذي خرج من رحم “ثورة تشرين”، ويسعى للمشاركة في الانتخابات المقرّرة في أكتوبر، في بيان “كيف يمكن لحكومة تسمح بمرور مدافع كاتمة الصوت وعبوات أن توفر مناخا انتخابيا آمنا؟”. ودعا البيان إلى “مقاطعة النظام السياسي بالكامل”.

بدوره، أوضح رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أن البعض حاول أن “يشيطن” رئيس الوزراء، لكن ثبت ما وعدتُ به شعبنا العظيم بأن أكون محايداً في هذه المرحلة” .

وأوضح الكاظمي أن” السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، وهذه الحكومة حاربت السلاح المنفلت منذ اللحظة الأولى وتحارب أي جهة تحاول أن تستغل أي عنوان لحمل السلاح، لو أردنا أن نبني عراقاً حقيقياً علينا أن نفكر بمعالجة هذه القضية”.

وذكر أن “هناك من حاول في أكثر من مرة اتهام الحكومة ورئيس الوزراء باتهامات باطلة، وعندما تم تكليفي كانت هناك رسالة واضحة للنخب السياسية بأن ندعم الانتخابات القادمة والكتل السياسية الفائزة بتشكيل هذه الحكومة، وأن نأتي برئيس للوزراء من هذه الكتل لكي تتحمل المسؤولية الكاملة”.

لكن يبدو أن وعود الكاظمي بملاحقة الجناة لم تنجح في كبح جماع المليشيات المسلحة والتي تستهدف كل من يناهض وجودها في العراق، في إشارة للمليشيات الموالية لإيران والتي باتت تستخدم أسلحتها المنفلتة في وأد الأوضاع المعارضة كما حدث مؤخرًا مع الوزني، والتي قد ينعكس بدوره على الانتخابات المقبلة في العراق.

انتخابات 2021

تأتي الانتخابات العراقية هذا العام على وقع اغتيالات واحتجاجات وحملات داعية لمقاطعتها، في ظل التمدد والنفوذ الإيراني المتحكم في مفاصل الدولة والداعي لوأد الأصوات المناهضة له.

رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أعلن بدوره عدم الترشح لخوض الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة التي ستجرى في العراق في العاشر من أكتوبر المقبل، فيما دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى الالتزام بالأطر الشرعية والعقلية والوطنية وليست الاغتيالات عند المشاركة بالانتخابات.

وعلى خلفية حوادث الاغتيال، قرر حزب البيت الوطني -الذي يعتبر نفسه ممثلا للحراك الشعبي بالعراق- مقاطعة الانتخابات المبكرة المقررة في 10 أكتوبر الأول المقبل.

كما دعا ناشطون إلى مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة بعد اغتيال الوزني واستمرار مسلسل اغتيال الناشطين.

وأطلق عراقيون وسم #مقاطعون على منصات التواصل الاجتماعي للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، فيما رأى آخرون أن المقاطعة لن تجدي نفعا في ظل عزم الجهات المحلية والدولية على إجراء الانتخابات.

فيما رأى الناشط السياسي الفاروق الصالحي أن قرار مقاطعة الانتخابات سيعيد سيناريو المقاطعة في انتخابات عام 2018 وسيزيد من حظوظ من سماهم بـ “القتلة” في العودة إلى الحكم مجددًا.

ويبدو من عمليات الاغتيالات الأخيرة  أن هناك رسالتين تريد الجهات المتورطة إيصالها، الأولى إضعاف حكومة الكاظمي أمام الرأي العام العراقي، والثانية موجهة للنشطاء بأنكم مستهدفون في أي وقت، وهو أمر فيه تحد كبير للحكومة العراقية، ومن ثم فمن المتوقع أن يؤجج الاغتيال الشارع العراقي من جديد وربما ستتوجه هذه المرة ضد الأحزاب السياسية الحاكمة.

ربما يعجبك أيضا