مخاوف من التداعيات الكبيرة.. دعوة أمريكية سريعة لحل أزمة سد النهضة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

في تحرك يعد الأول من نوعه تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي مع التزامات أمريكية بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة، دعت وزارة الخارجية في الولايات المتحدة، أول أمس الجمعة، لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة على وجه السرعة، مشيرة إلى أن القرارات المقبلة ستكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة.

وفسر مراقبون الأمر بحالة عدم الاستقرار التي تحدث عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حالة مساس إثيوبيا بحصة مصر المائية. وأضافت الخارجية الأمريكية، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، أن الولايات المتحدة تبحث التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي مع احتياجات التنمية في إثيوبيا من خلال مفاوضات تحت قيادة الاتحاد الإفريقي.

360548 01

أسس المفاوضات

وأشار البيان إلى المناقشات التي أجراها المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جفري فيلتمان مع القادة في أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، موضحًا أنه يمكن التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي وسلامة وتشغيل السد مع احتياجات التنمية في إثيوبيا من خلال مفاوضات جوهرية وموجهة نحو النتائج بين الأطراف، في إطار قيادة الاتحاد الأفريقي، والتي يجب أن تستأنف على وجه السرعة.

أضاف فيلتمان: “نعتقد أن إعلان المبادئ لعام 2015 الذي وقع عليه الأطراف وبيان يوليو 2020 الصادر عن مكتب الاتحاد الأفريقي أسس مهمة لهذه المفاوضات، والولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة”.

وأشار البيان، إلى أن المبعوث الخاص سيعود إلى المنطقة مرة أخرى خلال وقت قصير، لمواصلة الجهود الدبلوماسية المكثفة، وذلك نيابةً عن الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

ورغم أن هناك تحركات أمريكية لحلحلة الأزمات في منطقة القرن الأفريقي وما يتصل بها من أزمات، عبر تعيين مبعوث أمريكي خاص للقرن الأفريقي، لم يحدد البيان الأمريكي الرسمي شكل المساعدة المعروضة، في ظل اقتراح السودان ومصر، وجود وساطة رباعية دولية مكونة من “الأمم المتحدة والاتحادين الأفريقي والأوروبي، بجانب الولايات المتحدة”، وهو ما رفضته إثيوبيا. كما لم يشر كذلك إلى محادثات واشنطن في فبراير 2020، التي انسحبت إثيوبيا في نهايتها، وأدعت انحياز إدارة دونالد ترامب إلى صالح مصر، وتقيم إثيوبيا السد منذ عام 2011، بهدف توليد الطاقة الكهرومائية، التي تقول إنها ضرورية لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة من الكهرباء.

جولة أمريكية

دعوة واشنطن أتت عقب جولة مكوكية أجراها المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، إلى كل من مصر والسودان وإثيوبيا في الفترة من 4 إلى 13 مايو الجاري، استهدفت كسر جمود المفاوضات، ووقف التصعيد الراهن في ظل إصرار إثيوبيا على ملء خزان السد في يوليو المقبل، بصرف النظر عن إبرام اتفاق مع مصر السودان.

ووصف الانغماس الأمريكي الراهن في الأزمة، بأنه تحول كبير في موقف إدارة بايدن، بحسب مراقبين يرون أن واشنطن تسعى إلى تجنب مواجهة عسكرية باتت تلوح في الأفق مع تأزم الموقف، الأمر الذي قد يهدد مصالح أمريكية في المنطقة، مؤكدة أن الأفق ليس مسدودًا، وأنه يمكن الوصول لاتفاق يلبي مطالب الدول الثلاث، وفقًا لموقع العربية نت.

محللون سودانيون، شرحوا بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، توقعاتهم للدور الأمريكي في الأسابيع المقبلة، وهو الدور الذي وصفوه بأنه قد يقود تحولًا محدودًا في الملف، مؤكدين ما بدا من حرص واشنطن على التعامل بإيجابية مع الملف.

كانت المفاوضات الدائرة بشكل متقطع منذ عقد قد توقفت بعد أن أخفقت آخر جولة عقدت مطلع أبريل الماضي، في عاصمة الكونغو الديمقراطية، في التوصل إلى أي حلول، حيث تطالب مصر والسودان باتفاق قانوني مُلزم ينظّم قواعد عملية الملء وتشغيل السد، بما يجنبهما أضراراً متوقعة للسد.

أطماع وتحذيرات

وتسعى إثيوبيا إلى إعادة توزيع مياه نهر النيل، رافضة الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية. ويقول زيريهون أبيبي، عضو فريق التفاوضي الإثيوبي على حد زعمه، لوكالة الأنباء الإثيوبية: “تحاول مصر والسودان الحفاظ على معاهدات عفا عليها الزمن.. غير عادلة وحصرية، بينما تسعى إثيوبيا جاهدة لتغييرها إلى استخدام وإدارة منصفة وعادلة لنهر النيل وفقًا لمبادئ القانون الدولي”.

وأعلنت أديس أبابا في 2020 إكمال المرحلة الأولى من عملية ملء السد محققة هدفها المحدد بـ4.9 مليار متر مكعب، ما سمح باختبار أول توربينتين من السد. وحددت لهذه السنة هدف ملء 13.5 مليار متر مكعب إضافية. لكنها تواجه بمعارضة قوية من مصر والسودان، اللذين حذرا من اتخاذ “خطوات أحادية” من شأنها التأثير على حصتيهما في نهر النيل.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد حذر قبل أسابيع من المساس بحصة مصر في مياه النيل، ووصف الأمر بأنه “خط أحمر”، وقال إن ذلك قد يؤدي لأن تشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد.

ولوح السيسي باللجوء إلى القوة بحسب تفسيرات إعلامية، قائلاً: “نحن لا نهدد أحدًا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (…) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”، مشيرًا إلى أنه “لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا”.

ربما يعجبك أيضا