بعد مغامرات أردوغان وأزمة الليرة.. تركيا تبحث عن أسواق للبضائع الراكدة

يوسف بنده

رؤية

علق الكاتب الروسي إيغور سوبوتين في صحيفة ‘نيزافيسيمايا غازيتا’ الروسية، على محاولات تركيا تطبيع علاقاتها مع السعودية بعد سنوات من التوتر بسبب خلافات كثيرة تفاقمت في العام 2018 على إثر قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول وهي القضية التي حاولت أنقرة الاشتغال عليها ضمن حملة شرسة لدفعها إلى التدويل بالإضافة إلى محاولاتها الزج باسم ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان بنية الإضرار بسمعة الرياض ودورها الإقليمي.

وأشار كاتب المقال إلى أن زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو إلى المملكة وهي الأولى لمسؤول تركي رفيع منذ أربع سنوات تأتي في خضم مسعى أنقرة لترميم الشروخ في علاقاتها الخارجية مدفوعة بأزمة مالية وعزلة في محيطها آخذة في التنامي.

وتأتي المحاولات التركية لتطبيع العلاقات مع المملكة بعد أن اتخذت الأخيرة إجراءات ضغط غير مسبوقة من ضمنها حملة مقاطعة شعبية غير رسمية هوت بشكل كبير بحجم الإيرادات التركية.

وتعتمد تركيا على أسواق الخليج لتصدير منتجاتها الغذائية والصناعية وتشكل تلك الأسواق شريانا ماليا حيويا ومتنفسا اقتصاديا نهما بالنسبة لأنقرة.

موجة تضخم

ستبدأ موجة جديدة من التضخم في تركيا إذا بقيت الليرة التركية عند 8.50 ليرة تركية للدولار الأمريكي بعد عطلة العيد، وذلك بحسب ما أكّد الخبير الاقتصادي عطالله يشيل أدا لصحيفة سوزكو اليوم الأحد.

وحسب تقرير أحوال تركية، فعلى الرغم من أنّ الليرة كانت عند 8.45 ليرة للدولار، وسجلت 10.27 ليرة للدولار، إلّا أنّ يشيل أدا حذّر بالقول: “انتبهوا إلى الدولار يوم الإثنين”. وأضاف “سعر 8.50 ليرة مقابل الدولار الذي وصلته الليرة لفترة وجيزة خلال العطلة ربما لا يمكن الحفاظ عليه، ولكن إذا لم يعد إلى المستوى 8.20 ليرة تركية مرة أخرى يوم الإثنين، فستتبع ذلك موجة تضخم على الفور.”

يتوقع يشيل أدا أن العديد من الشركات المحلية ستدخل السوق وتبدأ في شراء العملات الأجنبية. علاوة على ذلك، سينضم العديد من المستثمرين إلى الجوقة التي تطالب البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة. لذلك، من الضروري توخي الحذر الشديد يوم الإثنين.

وتساءل يشيل أدا: هل سيتدخل البنك المركزي أو البنوك المملوكة للدولة أم ستنخفض قيمة الليرة بالدولار في التداول؟ ثم أضاف: إذا لم يكن الأمر كذلك، فنحن في مشكلة سيئة للغاية.. حان الوقت لتوخي الحذر والقليل من التشاؤم بالنسبة للأسواق التركية.

كما حذر يشيل أدا من أن تركيا ستواجه عجزًا خطيرًا في الحساب الجاري إذا خسرت عائدات السياحة هذا الصيف. وقال: “انخفاض قيمة الليرة سلبي للنمو. بعبارة أخرى، نحن نحل عجز الحساب الجاري من خلال الانكماش وليس أزمة العملة”.

كما حذر يشيل أدا من أن اندلاع موجة أخرى من فيروس كورونا، ربما بسبب التحوّرات التي تطرأ عليه، سيكون مدمراً للاقتصاد.

وفي سياق اقتصادي متصل، يعتمد إجمالي ديون تركيا بشكل كبير على العملات الأجنبية، وفقًا لـ “تقرير مراقبة الديون العالمية” الصادر عن معهد التمويل الدولي، الذي نُشر في 13 مايو.

ويحذر التقرير من أن “الاعتماد على العملات الأجنبية زاد من بين الدول النامية بشكل أكبر في تركيا وتشيلي”.

وبلغت نسبة إجمالي الدين إلى الدخل القومي، والتي كانت 144.3٪ في الربع الأول من عام 2020 في تركيا، 163.4٪ في الربع الأول من عام 2021. عند حسابها وفقًا للدخل القومي لعام 2020، والذي تم الإعلان عنه بمبلغ 717 مليار دولار من قبل معهد الإحصاء التركي، وبلغ إجمالي ديون تركيا 1.17 تريليون دولار. وشكل الدين المقوم بالعملة الأجنبية 87.2 في المئة من هذا الدين.

البحث عن أسواق للبضائع الراكدة

وقد حولت تركيا ليبيا ليس فقط ساحة لقواتها العسكرية ومرتزقتها الذين تستقدمهم من شمال سوريا ولكن كذلك لتصدير بضائعها ومنتجاتها التي شهدت ركودا بسبب المقاطعة من قبل عدد من الدول إضافة إلى تداعيات تفشي وباء كورونا والذي أثر على الصادرات التركية المختلفة.

وفي هذا الصدد أعلنت وكالة الأناضول التركية الحكومية ارتفاع حجم الصادرات التركية إلى ليبيا، بنسبة 58 بالمئة، خلال الأشهر الـ 4 الأولى من عام 2021، مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت.

وارتفعت قيمة الصادرات التركية إلى ليبيا، خلال هذه الفترة، إلى 826 مليون دولار حيث شهد الشهر الماضي لوحده ارتفاعا بنسبة 228 بالمئة، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.

وأفاد مرتضى رئيس مجلس العمل التركي الليبي في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، إن اهتمام حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بالمستثمرين الأتراك، انعكس إيجابياً على أرقام التبادل التجاري بين البلدين مشيرا إلى أن الفرص متاحة في ليبيا للاستثمارات السريعة في بعض القطاعات، مثل الطاقة، والصناعات الدفاعية، والمواد الغذائية، وإعادة التدوير.

وأكد أنهم يهدفون لرفع حجم الصادرات التركية إلى ليبيا، إلى مستوى 10 مليارات دولار سنوياً، مشدداً أن بلوغ الرقم المذكور ليس بالأمر الصعب.

ومن خلال هذه الأرقام يفهم سبب تمسك تركيا بتواجدها العسكري في ليبيا التي تحولت إلى ساحة لأطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإنعاش اقتصاده المتدهور بسبب عوامل عديدة.

وقد تأثر الاقتصاد التركي بفعل المقاطعة التي تشنها السعودية ضد البضائع التركية وهو ما دفع المستثمرين الأتراك إلى التحايل عبر السوق السوداء لبيع بضائعهم في المملكة.

ورغم محاولات أنقرة تحسين العلاقات مع الرياض عبر التصريحات المخففة للتوتر أو الزيارات الرسمية لكن يبدو أن المقاطعة ما زالت مستمرة لتعمق عزلة تركيا في المنطقة.

وقد وجدت تركيا في الساحة الليبية متنفسا اقتصاديا وتجاريا لها عبر الاتفاقيات التي عقدتها مع حكومة الوفاق السابقة أو التمسك بها وتعزيزها من خلال الحكومة الانتقالية الحالية.

وتريد تركيا أن تسيطر على النسبة الأكبر من جهود إعادة الإعمار في ليبيا في منافسة مع قوى إقليمية أو دولية على غرار مصر وفرنسا والولايات المتحدة وهو ما سعت إليه من خلال مباحثات الدبيبة مع أردوغان في زيارته الأخيرة.

وكانت قوى ليبية وفي مقدمتها الجيش الوطني الليبي حذر مرارا من الأهداف الحقيقية للتدخل التركي وهي أهداف اقتصادية بحتة لاستنزاف الثروات الليبية والهيمنة على مواردها ومدخراتها المالية.

ربما يعجبك أيضا