المغرب وإسبانيا.. من جوار حذر لـ«توتر متصاعد»

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تتفاقم أزمة المهاجرين بين المغرب وإسبانيا، بعد أن صعّدت مدريد لهجتها تجاه الرباط واتهمتها بما أسمته بـ«الاعتداء والمساومة» بشأن أزمة المهاجرين في سبتة. وزيرة الدفاع الإسبانية وصفت ما يحدث بأنه اعتداء على الحدود الإسبانية وحدود الاتحاد الأوروبي مؤكدة أنه أمر غير مقبول بموجب القانون الدولي.

على الأرض، اقتحم مئات المهاجرين من أفريقيا والمغرب والصحراء السياج المحيط بمدينة مليلية، وهي المرة الأولى التي يحاول فيها المهاجرون اقتحام هذه المدينة منذ بدء التوتر في العلاقات بين الرباط ومدريد قبل بضعة أسابيع.

تطورات تعمق الأزمة بين الرباط ومدريد وسط مخاوف أن تمضي الأزمة في منحنى أكثر تعقيدا وتتجاوز الحدود المغربية الإسبانية خاصة بعد دخول المفوضية الأوروبية على الخط وتشديدها على أن أوروبا لن تسمح لأحد بترهيبها، داعية المغرب إلى الاستمرار في منع الراغبين بالهجرة إلى أوروبا.

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة

علاقات على المحك

في أحدث فصول الأزمة استدعت المغرب سفيرتها في مدريد للتشاور، أما عودتها فمرتبطة بانتهاء الأسباب الحقيقية للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين. شرط عبّر عنه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في معرض حديثه لوسائل إعلام محلية، اتهم خلالها مدريد بمحاولة استغلال ما حدث في سبته للهروب من الأزمة المتعلقة باستقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساربو الانفصالية.

بوريطة أوضح أن سجل بلاده للحد من الهجرة غير الشرعية «معروف» وأن أحداث سبته تأتي أولا للتأكيد على التكلفة التي تتحملها المملكة للحفاظ على حسن الجوار . وفق الرباط، فإن مشاهد تدفق المهاجرين أظهرت دور السلطات المغربية في مكافحة عمليات الهجرة غير النظامية وتحمل المملكة لسنوات طويلة ثقل هذا الملف الأمني الذي يغض مضجع الاتحاد الأوروبي.

ويرى العارفون بالعلاقات بين الدولتين، أن ما قامت به الجارة الشمالية قد يضع على المحك الروابط المغربية الإسبانية فيما استبعد آخرون أن تتطور الأزمة بين البلدين إلى تجميد العلاقات أو قطعها أو ربما تقتصر على توتر عميق ينتظر حلولا من مسؤولي البلدين.

مغرب اليوم غير الأمس

بلهجة أكثر حدة، قال وزير الخارجية المغربي إن بلاده لا تقبل ازدواجية الخطاب التي تنتهجها مدريد، وأنه على إسبانيا أن تدرك أن مغرب اليوم غير مغرب الأمس.

في هذا السياق، طالب الوزير المغربي أن تقوم الأوساط الإسبانية بتحديث نظرتها عن المغرب، معتبرا أن عداء وسائل الإعلام الإسبانية تجاه الرباط مبني على أخبار زائفة، مشيرا إلى أن سبب الأزمة الرئيسي، يتمثل في استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية بهوية مزورة.

المغرب تنظر إلى إسبانيا، على أن الأخيرة لا تزال تتعامل معها من منطلق المستعمر القديم، في الوقت الذي عليها أن تنظر للمغرب كشريك، فالأرقام وحجم التعاون الاقتصادي الذي تحتل فيه إسبانيا دوما المرتبة الأولى خير شاهد على ذلك، ربما هذا ما أراد الوزير المغربي، بوريطه، إيصاله للجانب الإسباني عندما قال إن مغرب اليوم غير مغرب الأمس.

لكي تكون هناك علاقة طبيعية بين الجانبين، يتعين على الجانب الإسباني تغيير نظرته إلى المغرب والجلوس على مائدة التفاوض وتقريب وجهات النظر بعيدا عن الإرث الاستعماري القديم. لا سيما ما يتعلق منها بقضية علاج زعيم جبهة البوليساريو على الأراضي الإسبانية وهو ما أثار حفيظة المغرب، خاصة وأن دخوله تم عبر أوراق مزورة، وهو ما يظهر عدم الثقة من المغرب تجاه الجارة الأوروبية.

قضايا شائكة

رغم أن العلاقات الاقتصادية وحتى الأمنية بين الجانبين لا تزل قائمة، فإنها معرضة للانهيار في أي لحظة نظرا لأن هناك عوامل تاريخية وسياسية كثيرة تجعل هذه العلاقة يحكمها التوجس والحذر. فسبتة ومليلة مدينتان مغربيتان وهناك جزر أخرى لا تزال محتلة فضلا عن أن الحدود البحرية بين الجانبين لم يتم ترسيمها بشكل نهائي.

ناهيك عن القضايا الأخرى ومسؤولية إسبانيا فيما يتعلق بقضية الصحراء وإمساكها العصا من المنتصف، وهو ما يؤشر لتدهور العلاقات في أي لحظة، والأزمة الحاصلة اليوم هي الأخطر منذ عام 2002 بين البلدين.

جدير بالذكر أن وزير الداخلية الإسباني، فرناندو جراندي-مارلاسكا أعلن أن بلاده أعادت للمغرب أكثر من 6500 مهاجر من بين نحو ثمانية آلاف دخلوا جيب سبتة الإسباني في شمال أفريقيا الأسبوع الماضي.

ربما يعجبك أيضا