إغلاق جوانتانامو.. مجازفة سياسية أم تحدي زائف لإدارة بايدن

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

عقب قرار الإفراج عن ثلاثة معتقلين في جوانتانامو، ثارت التكهنات حول احتمال إغلاق إدارة بايدن لمعتقل جوانتانامو بعد نحو عقدين من الزمان، فما بين إغلاق المعتقل سيئ السمعة وبين وعود طالما تكررت منذ عهد إدارة أوباما، يبقى المعتقل شاهدًا على أسوأ عمليات تعذيب وانتهاكات حقوق إنسانية تورطت فيها الاستخبارات الأمريكية ولا زالت تدفع ثمنه حتى الآن.

إغلاق المعتقل

أثار قرار البيت الأبيض الإفراج عن ثلاثة من معتقلين من جوانتانامو محتجزين منذ حوالى عشرين عامًا، تكهنات حول احتمال أن يغلق الرئيس جو بايدن هذا السجن العسكري الأمريكي السيئ السمعة.

كانت لجنة بالبيت الأبيض قد وافقت في 17 مايو 2021 على إطلاق سراح ثلاثة معتقلين بينهم رجل الأعمال الباكستاني سيف الله باراشا (73 عاما) عميد المعتقلين سنا، حيث تم اعتقالهم ونقلهم للسجن ما بين 2001 و2003 ولم يتم توجيه أي تهم إليهم على غرار معظم المعتقلين الآخرين.

فتح معتقل جوانتانامو في 2002 في القاعدة الأمريكية في كوبا لاحتجاز أعضاء في تنظيم القاعدة وشركاء مفترضين لمنفذي اعتداءات 11 سبتمبر 2001، ليصبح بعدها السجن نقطة ضعف لواشنطن المتهمة بالاعتقال غير القانوني فيه وارتكاب انتهاكات للحقوق الإنسانية والتعذيب.

وقد ضم نحو 800 “أسير حرب” معظمهم اعتقلوا على الرغم من ضعف الأدلة على تورطهم. وتعرض كثيرون منهم للتعذيب في مواقع سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) قبل نقلهم، فيما لم تثبت شبهات الأمريكيين إلا على نحو عشرة منهم.

في 2009 أمر باراك أوباما بإغلاق جوانتانامو لمحاكمة السجناء أمام محاكم مدنية. لكن القرار الذي لم يلق شعبية، تم تعليقه في الكونجرس.

وخلال ولايتيه الرئاسيتين، فضّل أوباما الإفراج سرًا عن مئات المعتقلين الذين وافقت لجنة مراجعة الرئاسة على إطلاق سراحهم. وتوقفت عمليات الإفراج في عهد دونالد ترامب.

وبينما تستعد الولايات المتحدة لانسحابها من أفغانستان في الذكرى العشرين للهجمات، ما زالت تحتجز 40 معتقلا في قاعدتها في كوبا.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في أبريل أن الرئيس “ما زال ملتزما” بإغلاق معتقل جوانتانامو.

وقال مصدران مطلعان على الأمر: إن المساعدين المشاركين في المناقشات الداخلية ينظرون في إجراء تنفيذي يوقعه الرئيس خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فيما يعد إشارة على جهد جديد لإزالة المعتقل الذي أضر بسمعة الولايات المتحدة أمام المدافعين عن حقوق الإنسان.

مطالب حقوقية

يأتي ذلك في وقت تطالب فيه منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان بتحرك فعلي من إدارة بايدن لإغلاق المعتقل وإطلاق سراح جميع المحتجزين.

من جهتها، قالت دافني إيفياتار من منظمة العفو الدولية “لا يمكن أن يكون لديه أي مصداقية حقيقية عندما يدعو الدول الأخرى إلى احترام حقوق الإنسان من دون أن يعطي الأولوية لإغلاق جوانتانامو”.

وبحسب المصادر والتقارير الإخبارية، فمن بين أربعين رجلا محتجزًا تم إبلاغ تسعة فقط بقرب الإفراج عنهم، فيما ينتظر 12 آخرون بينهم خالد شيخ محمد الذي يعتقد أنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر محاكمتهم أمام لجنة عسكرية أصدرت حكمين فقط خلال عقدين. أما الـ19 الآخرون فيواجهون مأزقا قضائيا ومحتجزون بدون تهمة ولم تبرئهم لجنة المراجعة التابعة للرئاسة.

ويرى شايانا كاديدال من مركز الحقوق الدستورية الذي يدافع عن عدد من المعتقلين أن جو بايدن سيتجنب الخطأ السياسي المتمثل بإعلان عام ويمكنه السماح للجنة بالقيام بذلك، حيث أبدت الأخيرة استعدادها للاستماع إلى أصعب الحالات، مشيرا إلى أن هؤلاء المعتقلين يعانون من اضطرابات نفسية وأخضعوا للتعذيب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية.

لكن هناك عقبات أخرى مثل تعيين مبعوث أمريكي للتفاوض بشأن إعادة المعتقلين إلى بلدانهم وهو منصب ألغاه دونالد ترامب.

ويتمثل التحدي الآخر بمصير السجناء الـ12 الذين ما زالوا في القضاء العسكري بينهم ستة وأحدهم هو خالد شيخ محمد، أنه قد يحكم عليهم بالإعدام.

مجازفة سياسية

في المقابل، قال شايانا كاديال: إن احتمال محاكمتهم في محاكم مدنية ما زال يشكل مجازفة سياسية لجو بايدن، فقد تكشف هذه المحاكمات عن عمليات تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان تعرض لها السجناء ويمكن أن تدفع القضاة والمحلفين إلى تعاطف معهم.

وأضاف أن الفكرة المطروحة في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تتعلق بإمكانية استخدام جوانتانامو في نزاعات مستقبلية.

ويخشى محامو المعتقلين من جهتهم، من عقوبات قصوى قد تصدرها هذه المحاكم المدنية. وقال كاديال “لديهم شروط (احتجاز) أفضل من تلك الموجودة في سجن شديد الحراسة، ويمكن أن يموتوا لأسباب طبيعية” في جوانتنامو.

وأضاف أن “وجودهم في جوانتانامو بدون محاكمة هو إلى حد ما أفضل مما يمكن أن يعيشوه في مكان آخر”.

وعود زائفة

ووفقًا للتكهنات يعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن، إغلاق معتقل جوانتانامو في نهاية فترته الرئاسية حسبما أعلن البيت الأبيض، وهو تعهد سبق أن أطلقه الرئيس الأسبق باراك أوباما لأكثر من مرة دون أن يتحقق فعليًا.

وفي تفاصيل نقلتها وكالة “رويترز”، بدأت إدارة بايدن مراجعة رسمية حول مستقبل السجن العسكري الأمريكي في خليج جوانتانامو بهدف إغلاقه بصفة نهائية.

يقع سجن جوانتانامو في قاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة بخليج جوانتانامو جنوب شرق كوبا ، حيث استخدمته واشنطن في عهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش لإيواء السجناء الأجانب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة.

واستعمل المعتقل الشهير الذي يبعد عن ولاية فلوريدا 145 كيلومترا، للمرة الأولى عام 2002 من خلال سجن المشتبه بقيامهم أعمال إرهابية، إذ احتجز فيه مئات المعتقلين من جنسيات مختلفة بعضهم يحملون جنسيات عربية.

وعلى خلفية فضائح متعددة كشفت عن ممارسة الولايات المتحدة عمليات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان بحق المعتقلين بشكل واسع النطاق، أمر الرئيس الأسبق باراك أوباما بإغلاقه في 2009 إلا أن الكونجرس عارض هذا الإجراء لتبقى هذه المنشأة عاملة حتى اليوم، فهل تجازف إدارة بايدن بإغلاق المعتقل؟ أم تبقى عليه خشية فضح مزيدًا من الانتهاكات التي ارتكبت بالمعتقل الشهير!

ربما يعجبك أيضا