العراق.. اغتيالات وسباق مبكر يؤججان الشارع ضد ميليشيات إيران

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تزامنًا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق، يخيم الخوف على الشارع العراقي مع تزايد وتيرة الاغتيالات في الآونة الأخيرة، وسط  دعوات لمقاطعة الانتخابات والضغط على حكومة الكاظمي والدعوة لاستكمال ثورة تشرين خلال الشهور المقبلة ضد إيران وميليشياتها، الساعية لترسيخ نفوذها عبر الانتخابات المقبلة.

موجة اغتيالات

لا يزال مسلسل الاغتيال لاستهداف الناشطين في العراق مستمرًا، رغم تأكيد ومساعي الحكومة العراقية لضبط المتورطين ومحاسبتهم، ليخيم مناخ من الخوف مع اقتراب الانتخابات العراقية، وسط دعوات وحملات لمقاطعتها.

منذ أيام أقدم مسلحون مجهولون على قتل هاشم المشهداني، أحد أعضاء “تحالف العزم” الانتخابي في العاصمة بغداد، وذلك فترة وجيزة من اغتيال الناشط المدني البارز والمرشح للانتخابات المقبلة عن الحراك الجماهيري إيهاب الوزني.

ورأى رئيس التحالف السنّي، خميس الخنجر، أن اغتيال المشهداني يمثّل “رسالة خطيرة تؤشر إلى ضرورة حماية العملية الديمقراطية وأصحاب الفكر والنشاط الجماهيري من السلاح المنفلت والمجاميع الإرهابية”.

وسبق هؤلاء اغتيالات عدة طالت كذلك صحفيين وناشطين مثل هشام الهاشمي، وريهام يعقوب التي اغتيلت بالبصرة جنوبا، وعلى إثرها أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق بأسرع وقت وتقديم الجناة إلى العدالة.

وهؤلاء من بين أكثر من 70 ناشطاً تعرضوا للقتل أو محاولة الاغتيال، فيما تعرض عشرات للخطف، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العام 2019.

يذكر أن العراق شهد منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، حملة واسعة من الاغتيالات والخطف والتهديدات التي طالت منظمي الاحتجاجات، حيث اغتيل حوالي ثلاثين ناشطاً كما خطف العشرات بطرق عدة لفترات قصيرة.

وتزامنت الموجة الجديدة من الاغتيالات مع تزايد حدة التوتر بين الفصائل العراقية المسلحة، المرتبطة بإيران والمتهمة بالتورط في استهداف النشطاء والمعارضين لها، والقوات الأمنية التابعة لحكومة مصطفى الكاظمي.

مقاطعة الانتخابات

وعلى إثر ذلك، توالت المواقف الداعية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في أكتوبر القادم، على خلفية مناخ الخوف الذي أحدثته موجة اغتيالات طالت نشطاء، لكن لم يحاسب مرتكبوها حتى الآن.

من جهته، أعلن النائب المستقيل وأحد أبرز ناشطي حركة أكتوبر 2019 الاحتجاجية فائق الشيخ علي، مقاطعة الانتخابات النيابية.

ودعا حسين الغرابي مؤسس “الحركة الوطنية للبيت العراقي” أحد التيارات السياسية المنبثقة عن الحركة الاحتجاجية، إلى المقاطعة.

في السياق ذاته، طالب 17 تياراً ومنظمةً منبثقةً عن الحركة الاحتجاجية في بيان مشترك رسمياً بمقاطعة الانتخابات.

كما دعا ناشطون إلى المشاركة في تظاهرة واسعة غداً الثلاثاء دعماً للحراك، ورفضاً لحملات الترهيب والاغتيالات.

وبرغم من الدعوات لمقاطعة الانتخابات القادمة، يشكك محللون سياسيون في أنها ستقف أمام إجراء الاقتراع في الواقع، نتيجة سيطرة الأحزاب التقليدية على اللعبة السياسية من خلال الضغط وشراء الأصوات.

ويبدو جليًا أن المشهد الدموي في العراق أصبح يتكرر مع كل موسم انتخابي، ولكن هذه المرة تقرر أن تجرى الانتخابات مبكرة، لذا تسارعت وتيرة الاغتيالات والاضطرابات الأمنية المؤججة للمشهد السياسي في العراق.

وفي الوقت ذاته، لم تعد تنفع التحذيرات ولا المناشدات بما في ذلك الرسائل الثلاث التي بعثها العراق إلى مجلس الأمن، من أجل الانتخابات، طبقاً لما أعلنه عبد الحسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات.

وبشأن الأمن الانتخابي، يرى المحللون أن هناك ثلاثة أنواع من التهديدات للأمن الانتخابي: الأول هو سيطرة (داعش) في بعض المناطق، والثاني السلاح المنفلت في مناطق أخرى، والثالث هو المال السياسي والسلطة.

يأتي ذلك في وقت بدأ مبكراً إعلان أسماء مرشحي الأحزاب السياسية إلى رئاسة الحكومة المقبلة، في وقت يقول خبراء في الشأن السياسي إن رئيس الوزراء الحالي قد يكون مرشح تسوية مع بروز تحالفات معتدلة قد تكون لها كلمة الفصل.

إلى ذلك، عدّ زعيم تحالف «عراقيون»، عمار الحكيم، أن «صناديق الاقتراع السبيل الوحيد للإصلاح وتغيير الأوضاع، لا سيما أن الانتخابات المقبلة تختلف عن سابقاتها؛ كونها تجري في ظل أوضاع مختلفة وقانون جديد، فهي مصيرية، وبوابة نحو الإصلاح إذا ما توفرت متطلباتها».  

وعود زائفة ودعوات للضغط

وفي ظل دوامة العنف هذه، دعا ناشطون إلى تظاهرة في 25 مايو في بغداد للضغط على الحكومة لاستكمال التحقيق في عمليات القتل التي وعدت السلطة بمحاكمة مرتكبيها، لكن الوعود لم تترجم إلى أفعال على أرض الواقع بعد.

وأغرق نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بالأسئلة عن قتلة زملائهم، مطلقين على تويتر وسم “من قتلني”. ونشروا أيضاً على نطاق واسع صورة تضم مجموعة من أبرز الناشطين بينهم هشام الهاشمي وريهام يعقوب التي اغتيلت بالبصرة جنوبا.

ويشير المحللون إلى أن الصراعات بين القوى السياسية والأحزاب والفصائل والسلاح المنفلت والمال الخارجي أجّج الوضع الأمني، حيث إن هناك جهات لن تسمح بتمرير وجوه جديدة قد لا تتفق مع خطط وطموحات إيران، فيما يضج الشّارع العراقي بمطالبات تحثّ الأمم المتحدة على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة ومراقبتها بطريقة نزيهة، لا سيما مع عودة مسلسل الاغتيالات في الآونة الأخيرة، وعلى الكاظمي التحرك للسيطرة على السلاح المنفلت، فلا يمكن إجراء انتخابات نزيهة في ظل سيطرة الميليشيات، وفرض إرادتها بقوة السلاح.

في هذه الأثناء، حذرت «هيومن رايتس ووتش» من خطورة استغلال الميليشيات العراقية للانتخابات لترسيخ نفسها بين الطبقة السياسية، ومن أن يؤدي مناخ الخوف، الذي يخلقه تصاعد عمليات الاغتيال للناشطين الداعين للتغيير إلى الحد من مشاركتهم فيها، الأمر الذي قد يدفع باتجاه تعزيز نفوذ إيران وميليشياتها في العراق حتى وإن اقتصر الأمر على ترشيح الكاظمي كورقة تسوية في ظل مواقفه الغير واضحه من الميليشيات الموالية لإيران.

ربما يعجبك أيضا