«فارس بلا سباق».. «رئيسي» رجل النظام الفائز في انتخابات رئاسية محسومة

يوسف بنده

رؤية

أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية رسميا، أمس الثلاثاء 25 مايو/أيار، القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الثالثة عشر في إيران، وضمت أسماء 7 مرشحين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور للترشح.

وبحسب القائمة التي أصدرتها وزارة الداخلية، فإن مجلس صيانة الدستور لم يوافق إلا على رئيس مجلس القضاء إبراهيم رئيسي، ومحسن رضائي، ومحسن مهر علي زاده، وسعيد جليلي، وعلي رضا زاكاني، وعبد الناصر همتي، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي.

ومن بين الشخصيات الرئيسية التي تم استبعادها من الترشح علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، ورئيس البرلمان السابق، وإسحاق جهانكيري، النائب الأول للرئيس الإيراني.

كما شملت قائمة المستبعدين وعدم أهليتهم للترشح الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، وعزت الله ضرغامي، ومحسن هاشمي رفسنجاني، ومحمد شريعتمداري، ومسعود بزشكيان، وسعيد محمد، وعلي مطهري، ومحمود صادقي، ومصطفى كواكبيان، وشمس الدين حسيني، ومصطفى تاج زاده.

وفي بيانات منفصلة، أعلن بعض المرشحين في انتخابات 2021، مثل محمد عباسي، وحسين دهقان، ورستم قاسمي، انسحابهم من المنافسات الانتخابية.

وقد تم رفض أهلية لاريجاني في وقت كان من المتوقع أن يكون هو مرشح التيار الإصلاحي الرئيسي في الانتخابات، في حال تأكيد أهليته.

وبعد نشر قائمة وكالة أنباء “فارس” باستبعاد جهانكيري ولاريجاني، كان هناك الكثير من الانتقادات لمجلس صيانة الدستور، وفي غرف مختلفة في شبكة “كلوب هاوس” وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدث المستخدمون والناشطون عن قرار النظام بتنصيب إبراهيم رئيسي كرئيس لإيران. خاصة أن الانتخابات تم إعدادها بما يبعد الإصلاحيين عن المنافسة، وفراغ الساحة للمرشح المحافظ ذي الخطاب الشعبوي، إبراهيم رئيسي.

مرشح إصلاحي وحيد

تضع القائمة التي تضم سبعة أسماء، محسن مهر علي زاده المرشح الإصلاحي الوحيد الذي سينافس خمسة شخصيات ذات توجه أصولي بالإضافة لمرشح مستقل، على منصب رئيس الجمهورية في إيران، خلال الانتخابات التي ستقام في 18 يونيو/حزيران المقبل.

ولد محسن مهر علي زاده عام 1956 في مدينة مراغة التابعة لمحافظة أذربيجان شرقي. بدأ دراسته الجامعية في مجال الهندسة الميكانيكية في جامعة تبريز وحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الهندسي من جامعة تيلبورغ في هولندا.

يترأس محسن مهر علي زاده حالياً مجلس إدارة شركة آسيا الهندسية لتنمية المياه وعضو مجلس إدارة مؤسسة منطقة كيش الحرة بالإضافة لرئاسته الاتحاد العالمي لرياضة “القوة” أو بالفارسية “زورخانه”.

شَغِلَ محسن مهر علي زاده عدة مناصب سياسية واقتصادية في البلاد أهمها، حاكماً لمدينة خراسان في عهد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وعينه الرئيس خاتمي نائباً له في تشكيلة حكومته الثانية ورئيساً لمنظمة التربية البدنية. في عام 2017 انتخب حاكماً لمدينة أصفهان.

تعتبر هذه المرة الثانية التي يشارك محسن مهر علي زاده في الانتخابات الرئاسية، فكانت أول تجربة له عام 2005، حيث رفض مجلس صيانة الدستور أهليته للمشاركة في الانتخابات، لكن بتوصية رسمية من المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي بإعادة النظر في أهليته، تم تأييد أهليته.

لم يتسنى له الفوز في الانتخابات، فجاء في المرتبة الأخيرة من بين سبعة مرشحين وصوت له قرابة مليون ثلاثمائة ألف ناخب، ما أدى لخروجه من السباق الانتخابي من الدور الأول.

رئيسي الحصان الفائز

يبدو أن المرشح إبراهيم رئيسي هو الحصان الفائز بالنسبة للنظام الحاكم في إيران؛ فهو يتمتع بخطاب شعبوي يستطيع أن يخدر بها المطحونين من الشعب، وقريب من معسكر رجل الدين والمحافظين المتشددين ومقبول لدى معسكر العسكريين. إلى جانب أن ظهور يأتي في مرحلة حرجة وهي احتمالية رحيل “خامنئي” في حالة وفاته عن حياة إيران، ما يعني هناك حاجة للبحث عن بديل.

هذه الهندسة لأسماء المرشحين تعني أن النتائج ستخضع للهندسة أيضاً، وأن كل الجهود تصبّ من أجل تسهيل وصول رئيسي إلى رئاسة الجمهورية، ومن دون أن يكون لدى المسؤولين عن هذه العملية أي مخاوف أو هواجس حول حجم المشاركة الشعبية التي يريدونها منخفضة لضمان عدم تعرض فوز رئيسي لأي مخاطر.

وفوز رئيسي محقق بسبب عزوف الناخبين عن المشاركة الانتخابية بسبب تركيبة المرشحين التي لا تشجع الشباب ولا الإصلاحيين للنزول إلى صناديق الاقتراع.

حيث تعد نسبة المشاركة نقطة ترقب في الانتخابات المقبلة، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 بالمئة في انتخابات البرلمان مطلع 2020، والتي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والإصلاحيين.

كما تأتي الانتخابات في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، تعود بشكل أساسي إلى العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران اعتبارا من عام 2018، بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وتخوض طهران والقوى الكبرى حاليا، مباحثات في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق.

وقد كتب المحلل السياسي، نادري كريمي في مقال له بصحيفة “جهان صنعت” الإيرانية، إن نتيجة الانتخابات تهم مجلس صيانة الدستور أكثر من نسبة المشاركة فيها، لهذا فهو أعد قائمة من المرشحين بحيث يستطيع أن يضمن وصول شخص إبراهيم رئيسي إلى منصب رئاسة الجمهورية، مؤكدة أن مجلس صيانة الدستور قد اختار الرئيس قبل تصويت المواطنين في يوم الاقتراع.

وأضاف كريمي في مقاله: “العديد من المراقبين لم يستغربوا من هذا الموقف من مجلس صيانة الدستور، لأن الكثيرين يعتقدون أن وجود إبراهيم رئيسي في الرئاسة ما هو إلا دورة تدريبية له للوصول إلى منصب المرشد”، مؤكدا أن الناس يعرفون ذلك قبل الإعلان عن أسماء المرشحين ولهذا فهم ليسوا مستعدين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2021”.

احتمال تدخل المرشد الأعلى

إذا شعر النظام الإيراني بخطورة المشهد السياسي، ومدى تأثيره على الشارع وتحريكه بما يهدد استقرار النظام؛ فسيقوم المرشد الأعلى بمطالبة مجلس صيانة الدستور بمراجعة ترشيحاته، كما يمكنه إعادة لاريجاني وجهانكيري إلى السباق باستخدام صلاحياته كولي للفقيه عبر إصدار قرار يُسمى “حكم حكومتي” يسمح له بتعطيل رأي مجلس صيانة الدستور وتغيير الأسماء أو الإضافة إليها ما يراه وهو إجراء يُعتبر في مصلحة النظام. وقد سبق أن قام بمثل هذا الأمر في الانتخابات الرئاسية عام 2005.

وقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه بعث برسالة إلى المرشد علي خامنئي يطلب فيها تأكيد أهلية بعض المرشحين المستبعدين.

وقال في اجتماع للحكومة، اليوم الأربعاء 26 مايو/ أيار، إن المرشد كان أقل “انخراطا” في هذه القضايا في الفترات السابقة، لكن في بعض الحالات تمت الموافقة على بعض المرشحين بمرسوم حكومي منه.

ولم يقدم روحاني المزيد من الإيضاحات حول رسالته ولم يذكر أسماء المرشحين الذين طالب بتأكيد أهليتهم.

كما قال روحاني إنه كرئيس يمكن أن يصدر تحذيرًا دستوريًا، وفقا للمادة 113 من الدستور بشأن استبعاد المرشحين، لكن مجلس صيانة الدستور سبق أن ذكر أن الرئيس لا يمكنه إصدار تحذير دستوري.

وقال الرئيس الإيراني: “روح الانتخابات هي المنافسة، وإذا سلبت هذه الروح من الانتخابات، فإن الجسد سيصبح هامدًا وسيسقط”.

وأضاف: “على الرئيس أن يمثل الشعب الإيراني في المفاوضات الخارجية، وإذا كان هناك إقبال ضئيل، لا سمح الله، في الانتخابات، فماذا ستكون المصلحة الوطنية وأمن النظام ومكانته في العالم؟”.

ربما يعجبك أيضا