بفعل اللقاحات وتخفيف القيود.. تفاؤل حذر في سماء قطاع الطيران

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

أزمة شركات الطيران والسفر حول العالم بفعل جائحة كورونا ما زالت أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن هناك بعض المؤشرات التي قد تجعلنا نقول أن الأزمة تقترب من انفراجة وشيكة، فمع تسريع دول العالم لحملات التطعيم ضد فيروس كورونا نقترب شيئا فشيء من واقع تضمن فيه اللقاحات والفحوصات الطبية حريّة السفر دون الحاجة لقيود الحجر الصحي، هذا ما أكده مدير الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا” ويلي والش، مطلع الأسبوع الجاري.

وقال والش – في تصريحات صحفية-  نشهد تنامي الأدلة العلمية التي تثبت دور اللقاحات في الحماية من الإصابة بكورونا والحد من انتشاره بشكل ملموس، وهذا يخدم الاتجاه الذي يتبناه الاتحاد فيما يتعلق بإزالة القيود المفروضة على المسافرين الحاصلين على اللقاحات، وفي حالة عدم الحصول على اللقاح، يتوجب توفير إمكانية السفر دون فرض قيود “الحجر أو العزل الصحي” بالاعتماد على استراتيجيات فحوصات كورونا بشكل واسع.

فتح الحدود وحرية السفر.. تفاؤل حذر

الاتحاد الدولي للنقل الجوي قال في تقرير حديث: هناك تزايد في أعداد الدول التي قررت، استناداً إلى أدلة علمية موثوقة، فتح حدودها أمام المسافرين الحاصلين على اللقاحات،وهذا جيد، وتشير الأرقام إلى أنه تم رفع قيود السفر أمام المسافرين الحاصلين على اللقاحات بشكل كامل أو جزئي في أكثر من 20 دولة حول العالم.

خلال الشهر الجاري انضمت ألمانيا وبريطانيا إلى قائمة الدول التي خففت قيود السفر أمام المسافرين الحاصلين على اللقاحات، بحيث لا يخضعون لإجراء الحجر الصحي عند وصولهم البلاد، باستثناء القادمين من بعض الدول المصنفة “عالية الخطورة”، إذ يجبر هؤلاء على الخضوع للحجر فترة تتراوح ما بين 7  إلى 14 يوما.

وفي مؤشر على التفاؤل بأن تؤتي جهود تخفيف قيود السفر بثمارها وتعطي لقطاع الطيران والسفر قبلة الحياة بحلول يوليو، رفعت شركة “يونايتد إيرلاينز”، أمس، توقعاتها للربع الثاني، وقالت إن الطلب يتقرب من مستويات عام 2019، أي قبل الجائحة، وتحديدا الطلب على رحلات العمل، ونتيجة لذلك توقعت الشركة أن تسجل قفزة إيجابية في الأرباح خلال الربع الثالث من العام.

وبالأمس أيضا، توقع المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات، سيف السويدي – خلال خطابه في منتدى قادة المطارات العالمية الذي يقام على هامش معرض المطارات 2021 – أن يتعافى عدد الركاب عالميا بحلول يونيو المقبل، وأن يصل إلى نسبة 49% مقارنة بمستواه في عام 2019.

وقال السويدي: إن المؤشرات الحالية تشير وبشكل إيجابي إلى حدوث نمو كبير بالطلب على السفر الجوي في النصف الثاني من العام وانتعاش مستدام في العمليات الجوية، مضيفا: اليوم وعلى الرغم من الجائحة فإنه بفضل إطلاق حملات التطعيم وزيادة إمدادات اللقاحات على مستوى العالم، من المتوقع أن يعود المزيد من الركاب للسفر، وفي سيناريو أكثر تشاؤماً، نتوقع انتعاشاً بنسبة 49% فقط “26% دولياً و66% بالنسبة للرحلات الداخلية على مستوى العالم”.

كان الاتحاد الدولي للنقل الجوي توقع في مارس الماضي، أن يكون يونيو المقبل موعدا لتخفيف قيود السفر في غالبية البلدان وأن يشهد القطاع تحسنا ملحوظا في النصف الثاني من 2021، وقدر الاتحاد أن الطلب على الرحلات المحلية والإقليمية يمكن أن يتعافى إلى 96% من مستويات ما قبل الجائحة، وبنسبة 48% دوليا مقارنة مع مستويات عام 2020، وعلى سبيل المثال تشير البيانات الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة ستشهد زيادة في عدد المسافرين خلال 2021 بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي، حيث من المتوقع أن يسافر أكثر من 37 مليون شخص لمسافة 50 ميلا أو أكثر.

يذكر أن الطلب العالمي على الرحلات تراجع خلال 2020 بأكثر من 60%، ما يعني أن شركات الطيران نقلت نحو 1.8 مليار مسافر – وهو أدنى مستوى منذ 15 عاما- بدلا من 4.5 مليار مسافر في 2019، وخسرت نحو 118 مليار دولار.

عقبات أمام القطاع في ظل محاولات التكيّف مع الجائحة

الاتحاد الدولي للنقل الجوي حذر من بعض العقبات التي قد تعرقل تعافي القطاع، فقال ويلي والش – في تصريح صحفي مطلع مايو- إن ارتفاع تكاليف فحوصات الكشف عن “كورونا” وخاصة فحص PCR، قد يؤثر سلبا وبشكل خطير على النمو الذي نشهده حاليا في مستويات الطلب على الرحلات، فمن البديهي أن تقود زيادة أسعار الفحوصات إلى تراجع قوي في مستويات الطلب.

تتراوح تكاليف فحوصات كورونا من 90 إلى 400 دولار، وهذا الرقم قد يكون حاسما في قرار السفر العائلي أو للأفراد من ذوي الدخل المتوسط، ويرجح أن تسبب هذه الفحوصات خاصة أنها تطلب خلال رحلتي الذهاب والعودة في رفع تكلفة الرحلات القصيرة “1.100 كم” بنسبة تتراوح ما بين 45% إلى 90%، وهو أمر من المؤكد أنه سيؤثر سلبا في حال استمراره على هذا النحو، لذا طالب “أياتا” ومنظمة الصحة العالمية بضرورة تحمل الحكومات لتكلفة هذه الفحوصات، ليس فقط لتشجيع السفر واستعادة الثقة بقطاع الطيران، لكن أيضا للحفاظ على الوظائف في قطاعات السفر والسياحة والنقل.  

عقبة أخرى قد تعرقل تعافي قطاع الطيران، تتمثل في تباطؤ جهود التطعيم ضد كورونا في بعض البلدان، فيما يواصل الفيروس انتشاره بغير هوادة في بلدان أخرى أكثر فقرا، ما رفع إجمالي الإصابات العالمية لأكثر من 168 مليون إصابة، لكن منظمة الصحة بالتعاون مع العديد من المؤسسات العالمية تواصل جهودها لتأمين عدالة توزيع اللقاحات، في خطوة يتوقع أن تحد بشكل أكثر من تفشي الفيروس مع نهاية العام الجاري.  

استعادة الثقة في القطاع تشكل أيضا عقبة أمام التعافي.. يقول مدير محفظة “واشنطن كروسينغ أدفايزورز”، تشاد مورغنلاندر -في تصريح سابق لـ”سي إن بي سي”- قطاع الطيران الآن لم يعد محل ثقة لا للمستهلك ولا للمستثمرين، وهناك سلسلة من المخاوف التي تتعلق بهذا القطاع، يجب معالجتها أولا.

بالفعل شركات الطيران سيكون عليها العمل خلال الفترة الراهنة على استعادة ثقة العملاء في جدوى السفر والرحلات وسط أزمة صحية متفاقمة، وقد يساعدها في هذا المسعى حلول مثل ما يعرف اليوم بجواز سفر كورونا أو تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي على متن طائراتها وضمان الالتزام بها، أو تطبيقات السفر الذكية التي تقلص ساعات تواجد المسافر داخل المطار وتؤكد حصوله على اللقاح دون الحاجة إلى تعامل مباشر مع موظفي المطار.   

يبقى التعافي في شركات الطيران مرهونا كما هو الحال بالنسبة للعالم أجمع بتطورات الجائحة صعودا وهبوطا، ومع إن جميع التوقعات تشير إلى تحسن الطلب في النصف الثاني من عامنا هذا ليبلغ عدد المسافرين نحو 2.8 مليار ، إلا أن هذا الرقم يظل أقل من 40% من مستويات ما قبل الجائحة، أضف إلى ذلك أن هذه الشركات حتى وإن نجت هذا العام ستخرج مثقلة بأعباء ديون هائلة وزيادة غير مسبوقة في تكاليف الصيانة والتشغيل وأرباح شبه معدومة، ما يعني أنها ما زالت بعيدة عن التعافي وقد لا تحققه قبل 2024.

ربما يعجبك أيضا