انسحاب أمريكي متسارع من أفغانستان.. وطالبان تتقدم على الأرض

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

رغم إعلان حركة طالبان الأفغانية مرارا وتكرارا، استئناف مفاوضات السلام مع حكومة كابول، إلا أن قوات الحركة تتقدم على الأرض بشكل كبير، أما القوات الحكومية الأفغانية فلا تصمد أمام تلك الهجمات، بل إن إعلام الحركة قام بعرض مشاهد للإفراج عن عشرات الجنود الذي أسروا في المعارك الدائرة، حيث أفرجت عنهم بعد تقديمهم ضمانات بعدم قتالها مجددا.

فيما صرح رئيس وكالة المخابرات الوطنية الأفغانية أحمد ضياء سراج، أمام البرلمان، أنه في الشهرين الماضيين، تم صد 3466 هجوما معاديا، أما إدارة الاستخبارات الأمريكية فقالت إن الحكومة الأفغانية ستواجه صعوبات في مواجهة حركة طالبان بعد الانسحاب، فيما قال قائد القيادة المركزية الأمريكية كينيث ماكنزي إنه يشعر بالقلق إزاء قدرة الجيش الأفغاني على الصمود بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

حتى القوات الأمريكية باتت تنسحب بشكل متسارع مخالف لجدول الانسحاب الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وخرج عد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين ليؤكدوا أن عملية الانسحاب من أفغانستان ستكتمل منتصف يوليو/تموز قبل الموعد المحدد المعلن عنه وهو 11 سبتمبر/أيلول المقبل.

2020410102913949ZV
حركة طالبان الأفغانية

الانسحاب الأمريكي

وأكملت الولايات المتحدة قرابة 25 بالمئة من عملية الانسحاب، ووفقًا للقيادة المركزية الأمريكية “سينتكوم”، حيث قامت وزارة الدفاع حتى 24 مايو 2021 بسحب ما يعادل 160 حمولة لطائرة شحن من طراز “سي-17” وأعادت أكثر من 10 آلاف قطعة من المعدات إلى وكالة الدفاع اللوجستية لتدميرها، كما سلمت 5 منشآت لوزارة الدفاع الأفغانية كانت في السابق تحت سيطرة قوات “الناتو” في البلاد.

كما أشركت وزارة الدفاع الأمريكية حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية “يو إس إس دوايت آيزنهاور” المتواجدة في بحر العرب و6 قاذفات “B-52” المتمركزة في قطر لدعم خروج القوات الأمريكية والتحالف من أفغانستان، وشملت القواعد التي تم تسليمها إلى القوات الأفغانية منذ عام 2015 معسكر بوست، وقاعدة العمليات الأمامية غامبيري، وقاعدة تارين كوت في مقاطعة أوروزغان، وقاعدة العمليات الأمامية لايتنينغ في بكتيا، ومن بين القواعد الأخرى التي أغلقت خلال هذه الفترة قاعدة جونز في قندوز، وديالنكار في ننكرهار، وشاهين في بلخ، والأسقف في كابول، وميمانا في فارياب، وقلات في زابول، بينما لا تزال قاعدة ننكرهار الجوية وقاعدة باغرام الجوية تحت سيطرة الولايات المتحدة.

الوضع الميداني

تلك الحرب كلفت الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الضحايا وتريليونات من الدولارات أنفقت دون طائل لهزيمة حركة طالبان التي لم تهزم بل سيطرت في السنوات الماضية على المزيد من الأراضي الأفغانية.

وتقدمت حركة “طالبان” ميدانيا في مقاطعات أفغانية، حيث تمكن من انتزاع السيطرة على منطقة جالريز الاستراتيجية في إقليم وارداك، بوسط أفغانستان، وهذا ثاني نصر من نوعه تحققه طالبان خلال أيام، وبالسيطرة على جالريز، تستطيع طالبان بسهولة الآن تهديد مناطق أخرى في الإقليم، بل والسيطرة عليها، وسيطرت طالبان كذلك على منطقة دولت شاه في إقليم لاغمان.

واشتبكت القوات الأفغانية مع مقاتلي طالبان قرب مدينة مهترلام على بعد 120 كيلومترا من كابول، ما دفع بوزير الدفاع إلى الإشراف بنفسه على هجوم مضاد، كما سيطرت على مديرية دولت شاه بولاية لغمان، شرقي أفغانستان، حيث انسحبت قوات الأمن الحكومية من المديرية عقب هجوم “طالبان”، وقال المتحدث باسم “طالبان” ذبيح الله مجاهد، في بيان، إن الحركة سيطرت على جميع مخافر المديرية.

بدورهم، كشف مسؤولون في أفغانستان، عن اعتقال نحو 100 مسؤول أمني بتهمة الإهمال في أداء واجباتهم، وذلك بعد أن هاجمت طالبان عاصمة إقليم لغمان في شرق البلاد.

قواعد أمريكية ونفي باكستاني

وحذرت حركة “طالبان” الدول المجاورة لأفغانستان من السماح للولايات المتحدة، بإقامة قواعد عسكرية على أراضيها، قد تستخدم لزعزعة أمن كابل مستقبلا، وجاء ذلك بعد تداول وسائل إعلام محلية لخبر مفاده أن الولايات المتحدة عازمة على إنشاء قاعدة عسكرية في باكستان، بعد انسحابها من أفغانستان، وسط إنكار رسمي من قبل المسؤولين الباكستانيين والأفغان.

وشدد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، على رفض بلاده استضافة قواعد عسكرية أمريكية، وأشار إلى أن بلاده “لن تسمح للولايات المتحدة بتشغيل قاعدة عسكرية، أو القيام بعمليات عسكرية باستخدام طائرات مسيرة في أفغانستان المجاورة، من داخل باكستان”، وتابع: “ليكن هذا المجلس والأمة الباكستانية شاهدين على تصريحاتي بأنه في عهد رئيس الوزراء عمران خان، لن تكون هناك قاعدة أمريكية على الأراضي الباكستانية”، فيما قال المبعوث الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف، إن “الجارتين طاجيكستان وأوزبكستان لن تسمحا لواشنطن بإقامة قواعد عسكرية على أراضيهما”.

الغريب أن القوات الأمريكية تنسحب من القواعد وتدمر الكثير من عتادها، بدلا من تسليمه لقوات الحكومة الأفغانية، والغريب أن التصريحات الأمريكية متشائمة بشكل كبير من مستقبل حكومة كابول العسكري، والأيام القادمة والحفاظ على مراكز المدن الرئيسية ستوضح لنا إمكانية صمود القوات الحكومية أمام طالبان من عدمه.

ربما يعجبك أيضا