جمود يربك أزمة سد النهضة.. ودول «الجوار الإثيوبي» كلمة السر

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

لا يزال الجمود يخيم على أزمة سد النهضة، دون الكشف عن أي مبادرات أو وساطة بشأن استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث لحل الأزمة، لا سيما بعد زيارة المبعوث الأمريكي لمصر والسودان وإثيوبيا.

ووصف وزير الموارد المائية والري في مصر الدكتور محمد عبدالعاطي، الموقف التفاوضي بالمتجمد، موضحًا أن المبعوث الأمريكي أيضَا قام بعمل جولة في الدول الثلاثة، ولكن لا شيء جديد ملموس نستطيع الحديث عنه حاليا.

وأعرب «عبدالعاطي»، خلال حواره في برنامج «كلمة أخيرة»، مع الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة «أون»، مؤخرًا عن أمله، أن يكون هناك حركة سريعة من أجل الوصول للمفاوضات والتوصل إلى اتفاق بشأن الملء الثاني لسد أثيوبيا.

وعن جولات المبعوث الأمريكي، أكد وزير الموارد المائية والري، أن المبعوث يستمع لكافة الرؤى والمتطلبات ثم يعود لدوائر مختلفة من أجل عمل رؤية محددة وهذا يأخذ وقتا، فالموضوع ليس ديناميكيا كي يصل لأمور محددة تُعرض على الدول، مؤكدًا في الوقت ذاته أن أمريكا لم تتقدم حتى الآن بمقترح حول المفاوضات أو الملف.

1 1435672

وتطالب مصر والسودان بضرورة اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، إلا أن أديس أبابا ترفض الالتزام والتوقيع على أي اتفاق وتكتفي بتبادل البيانات، فيما يشير وزير الري المصري إلى أنه لو هناك نية للتوافق كان تم سلفًا في واشنطن، وأن الدولة لديها سيناريوهات مختلفة للمرحلة القادمة.

وبالرغم من أن إثيوبيا أكدت أن الملء الثاني لسد النهضة سيكون في موعده المقرر شهر يوليو القادم، حتى ولم يتم التوصل إلى توافق ثلاثي، توقعت الخارجية الإثيوبية «استئناف المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة قريبا».

وقالت الخارجية الإثيوبية، أيضا، الثلاثاء، إنها لا ترغب في «تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة».

وعينت واشنطن، السفير جيفري فيلتمان، مبعوثا أفريقيا، وكلفته بمعالجة أزمة سد النهضة، وقام المبعوث بجولات في المنطقة، واستمع لكافة الأطراف، ولكنه لم يقدم مبادرة بعد.

من زيارة الرئيس السيسي إلى جيبوتي

السيسي وإقامة علاقات طيبة مع دول الجوار الإثيوبي

في سياق آخر، لاقت جولات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأفريقية، أهمية قصوى، نظرًا لأبعادها الاستراتيجية لفتح سبل التعاون وإقامة علاقات طيبة مع دول جوار إثيوبيا في وقت حرج وبالتزامن مع انطلاق مناورات «حماة النيل» مع السودان، لتبادل الخبرات والاستعداد لأي تهديدات محتملة.

في هذا الصدد، وصف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير بسام راضي، زيارة السيسي أمس إلى دولة جيبوتي بـ«التاريخية»، وتعتبر الأولى من نوعها، حيث ناقش خلالها السيسي مع نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي، بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين الشقيقين ويجسد الإرادة القوية المتبادلة لتعزيز أطر التعاون بينهما.

السيسي ورئيس جيبوتي
السيسي ورئيس جيبوتي

ربط محللون بين تلك الزيارة وملف «سد النهضة الإثيوبي»، إذ  قال خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية اللواء محمد عبد الواحد، لموقع «سكاي نيوز عربية» إن زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي تمثل «زيارة مهمة في إطار ملف سد النهضة، ومحاولة إقامة علاقات طيبة مع كل دور الجوار الإثيوبي؛ في محاولة للتأثير على أديس أبابا من جانب من تلك الدول».

ويشير إلى أن «إثيوبيا تربطها مصالح كبيرة جداً مع جيبوتي التي تعتبر أهم دولة من دول الجوار الجغرافي لإثيوبيا، وهي الدولة الوحيدة من دول الجوار الإثيوبي التي لا يمكن لأديس أبابا إثارة نزاعات أو مشكلات حدودية معها كما تفعل مع دول أخرى مثل إريتريا وكينيا والصومال والسودان».

ويلفت خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية إلى أن «جيبوتي هي الرئة التي تتنفس بها إثيوبيا، لا سيما أن الأخيرة تعتبر حبيسة ليس لها منافذ على البحر أو المحيط، والسلع والواردات ومسلتزمات الإنتاج الواردة من الخارج كافة لابد أن تنتقل عبر ميناء جيبوتي».

ومن هنا -بحسب عبد الواحد- تأتي أهمية التنسيق المصري مع جيبوتي، نظراً لأن الأخيرة يمكنها أن تقوم بدور في ملف سد النهضة، في إطار السعي للتوصل لاتفاق أو تهدئة.

من جانب آخر، يتحدث المفكر الاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، عن الأبعاد الاستراتيجية لزيارة الرئيس المصري لجيبوتي، مشدداً على أن «جيبوتي لها موقع استراتيجي هام في منطقة القرن الأفريقي، وتؤثر على عملية الملاحة في قناة السويس».

ويلفت إلى أن «جيبوتي بها ست قواعد عسكرية حالياً، ما بين أمريكية وفرنسية وإيطالية وإسبانية، وتواجد صيني وياباني»، مردفاً: «كان من المهم أن نعيد علاقاتنا الطيبة بهذا البلد في إطار تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسي لاحتواء قارة إفريقيا مرة أخرى ودول القارة، من أجل علاقات متينة وقوية».

وتقع جيبوتي على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها إريتريا من الشمال وإثيوبيا من الغرب والجنوب والصومال من الجنوب الشرقي. وتطل شرقًا على البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الجانب المقابل لها عبر البحر الأحمر اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومترًا عن جيبوتي.

ربما يعجبك أيضا