استفزازات مينسك.. هل تفرض بروكسل عقوبات قاسية؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

في حادث يُذكر بأفلام الإثارة الهوليودية، دفعت سلطات بيلاروسيا بطائرة مدنية للهبوط بمينسك واعتقلت أحد معارضي الرئيس لوكاشينكو. أوروبا هددت هذه المرة باستعمال السلاح الثقيل رغم مخاطر إثارة الدب الروسي.

يواجه الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي يحلو للبعض وصفه بـ”آخر دكتاتور في أوروبا”، ضغوطا أوروبية ودولية غير مسبوقة تعتبر الأقوى على الإطلاق خلال فترة حكمه لبيلاروسيا والمستمرة منذ 26 عاماً.

وأثار لوكاشينكو غضب العواصم الغربية بعد انتهاكه للقواعد التي تحكم الملاحة الجوية الدولية بدعوى ورود بلاغ بوجود قنبلة على متن طائرة تابعة لشركة “رايان إير”، فقامت مقاتلة من طراز ميغ ـ 29 باعتراضها وهي تقوم برحلة بين أثينا وفيلينيوس وتقل المدون البيلاروسي المعارض رومان بروتاسيفيتش وصديقته صوفيا سابيغا اللذين تم توقيفهما بمجرد هبوط الطائرة في مطار مينسك.

سمات إرهابية

في رد فعل غير مسبوق، وصف رئيس الدبلوماسية الألمانية هايكو ماس (27 مايو 2021) سلوك رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، بأنه ينطوي على “سمات إرهابية”، لهجة شديدة تعكس إلى حد بعيد شعور الأوروبيين، بل وبداية نفاذ صبرهم اتجاه لوكاشينكو الذي يتهمه القادة الأوروبيون باختطاف الطائرة، فيما توافقوا بسرعة على وقف الطيران فوق أجواء بيلاروسيا وطلبوا من شركاتهم تجنب المجال الجوي لهذا البلد.

وهكذا اندلعت موجة شجب وإدانات شملت، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي  والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وسارعت بولندا إلى إغلاق مجالها الجوي أمام طائرات جارتها بيلاروسيا، وذهبت فرنسا ودول أوروبية أخرى في نفس الاتجاه.

غير أن صحيفة سويسرية ذهبت في اتجاه آخر وشككت في قدرة أوروبا على مواجهة مينسك ومن ورائها موسكو بالقول: “لا يمكن التغاضي عن واقع أن الاتحاد الأوروبي الكبير يشكل وحدته بسرعة ويتخذ إجراءات حاسمة عندما يتعلق الأمر بمعاقبة بلد صغير منعزل كبيلاروسيا، الذي لا تربطه إلا القليل من المصالح الاقتصادية مع الدول الأعضاء. بحسب دويتشه فيله.

لكن الجميع يعلم أن هذا لا يكفي. فإذا كان لوكاشينكو لا يزال يمسك بزمام السلطة عبر أجهزته الأمنية الوحشية، فذلك يرجع لاعتماده على دعم روسيا. وبالتالي، فإن أي شخص يريد مساعدة الحركة الديمقراطية في بيلاروسيا عليه مواجهة موسكو. غير أن الاتحاد الأوروبي ليس مستعدًا لذلك. فالكثير من الدول الأعضاء، وألمانيا في المقدمة، تضع في الاعتبار مصالحها الاقتصادية قبل السياسية والأخلاقية”.

عقوبات أوروبية

إضافة إلى تعليق حركة الطيران، طلب مسؤولون أوروبيون إضافة أسماء للائحة من أصل 88 شخصية مقربة من لوكاشينكو وسبع شركات مدرجة أساساً على لائحة سوداء بسبب ضلوعهم في قمع المعارضة البيلاروسية. وأكد جووزيب بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي أن “تحويل مسار طائرة لتوقيف راكب، يتطلب رد فعل قوي (…) إذا لم نستخدم الآن لغة القوة فهذا سيكون دليلاً على أننا غير قادرين على فعل ذلك”. وشدد على أن “الأوروبيين ما زالوا مترددين في فرض عقوبات اقتصادية، لكن هذه المرة علينا فعلياً أن نتخذ إجراءات يشعر لوكاشينكو بثقلها”، مضيفاً أنه يمكن القيام بذلك “بسرعة”. رئيس الدبلوماسية الأوروبية أكد أن الاتحاد ينوي هذه المرة جعل الرئيس البيلاروسي يدفع الثمن غالياً.

وذكر موقع ألماني بشأن إمكانية فرض عقوبات أكثر صرامة، حيث رجح بتبنى لهجة جديدة تمامًا في السياسة الخارجية لأوروبا. حتى الآن، كان الشعار هو إدانة انتهاكات حقوق الإنسان، وهو أمر جيد، ولكن دون المس بالتجارة، أو على الأقل تفاديها حين تتعرض مصالح الشركات الأوروبية لخطر جدي. غير أن هذه المرة لم يترك لوكاشينكو للأوروبيين خياراً آخر.

ربما يعجبك أيضا