النظام يدعم «رئيسي».. «احذر الجمهورية الإسلامية في إيران ترجع إلى الخلف»

يوسف بنده

رؤية

تتسارع الأحداث وتنتظر الوسائل والأدوات الإعلامية ما سيكون إليه المشهد السياسي الإيراني بعد الثامن عشر من حزيران 2021 موعد انطلاق الانتخابات الإيرانية وما ستسفر عنه النتائج الميدانية وفق الرؤية السياسية التي ينتهجها النظام الإيراني وعبر التوجهات المستقبلية لكيفية التعامل مع الأوضاع الداخلية ومنها الاقتصادية ومعالجة الآثار الجانبية التي أفرزتها العقوبات الأمريكية على جميع مجالات الحياة في إيران، وما هي الوسائل المتبعة في كيفية الوصول إلى نتائج إيجابية تخدم عملية إعادة صياغة الاتفاق النووي مع دول (5+1) والآفاق المستقبلية لعلاقة النظام الإيراني مع المنظومة الدولية والإقليمية.

دعم رئيسي

والخميس الماضي، قال التلفزيون الرسمي الإيراني إن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي أيد قرار مجلس صيانة الدستور باستبعاد مرشحين معتدلين ومحافظين بارزين كانوا يسعون لخوض الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران.

وقبلها، كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد طلب من خامنئي المساعدة في توفير “منافسة” أكبر في الانتخابات الرئاسية. وقال في كلمة متلفزة أن “جوهر الانتخابات هو المنافسة، إذا حذفتم ذلك، تصبح جثة هامدة”.

وبموقف خامتئي، فهو يهيئ الأجواء لأن تخلو الساحة الانتخابية لصالح مرشح المحافظين، إبراهيم رئيسي، وهو الأبرز بين المرشحين النهائيين الذي يبدو الطريق ممهدا أمامه للفوز، بعد نيله 38 بالمئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017 التي فاز بها روحاني.

وتشير استطلاعات الرأي الرسمية، بما فيها استطلاع أجراه التلفزيون الحكومي في مايو/أيار، إلى أن نسبة المشاركة في التصويت قد تتدنى حتى 30 بالمئة، وهي نسبة تقل كثيرا عن نظيرتها في الانتخابات السابقة.

ودعا خامنئي الإيرانيين إلى التصويت في الانتخابات التي يُنظر إليها على أنها اختبار لشرعية المؤسسة الدينية الحاكمة وسط غضب شعبي عارم بسبب الضغوط الاقتصادية والقيود على الحريات السياسية.

واعتمد روحاني منذ توليه منصبه عام 2013 سياسة انفتاح على الغرب، كان أبرز نتائجها ابرام اتفاق مع القوى الكبرى عام 2015 بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.

وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها.

لكن مفاعيله انعدمت تقريبا منذ قرار واشنطن الانسحاب أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، انعكست سلبا على وضعها الاقتصادي وسعر صرف العملة المحلية.

وشهدت البلاد موجتي احتجاجات لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، وذلك في شتاء 2017-2018 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، استخدمت السلطات الشدة في التعامل معها.

وهذه الأيام، تخوض طهران والقوى الكبرى مباحثات حاليا في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق، تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر ودون الجلوس الى طاولة واحدة مع الوفد الإيراني، مع تولي الأطراف الآخرين المنضوين في الاتفاق، التنسيق بين الجانبين.

رجل المرحلة

ابراهيم رئيسي، هو رئيس السلطة القضائية يبلغ من العمر 61 عاما دكتوراه في الفقه، أفضل مرشحي التيار المحافظ يحظى بدعم خامنئي ويسعى لتثبيته كرئيس قادم لإيران؛ خاصة أن رئيس قام بحملة لمواجهة الفساد في الأجهزة التنفيذية منذ وصوله إلى رئاسة القضاء.

وتأتي الانتخابات في أجواء سياسية صاخبة ووضع اقتصادي مترد ومستوى معيشي منخفض وعقوبات سياسية واقتصادية أثقلت كاهل المنظومة السياسية وأفصحت عن عدم وجود أليات ورؤى ميدانية للتغلب عليها ، وفي هذا سيواجه المرشحون والفائز منهم العديد من الاستحقاقات التي تفرضها المرحلة القادمة في كيفية معالجة الأزمات التي يعيشها المجتمع الايراني بعد أن لمس السياسيون الإيرانيون حقيقة الاستياء الشعبي والجماهيري من إدارة وتنظيم الحياة السياسية في البلاد والتشاؤم والخوف من المستقبل الذي يحيط بهم.

وقبل شهرين، أعلن رئيسي أنه “بدلاً من السعي للتفاوض مع العدو، يجب أن نحل المشاكل الاقتصادية للبلاد من خلال إدارة القدرات البشرية والطبيعية بشكل صحيح”.

رجل المحافظين

ويسعى التيار المحافظ في إيران إلى تعزيز قوته بشكل كامل للسيطرة على مفاصل الدولة عبر بوابة الانتخابات الرئاسية المرتقبة وقد يكون هدفه النهائي هو تعيين إبراهيم رئيسي ليكون المرشد الأعلى المقبل.

ويرى الكثير ممن يتابع الأحداث الدراماتيكية في هذا البلد أنه بقيام المحافظين بذلك فإنهم يلوثون ما تبقى من الجمهورية الإسلامية بقدر أكبر من عدم الشرعية ويعزلونها عن الإيرانيين، الذين ساعدوا في إبقائهم في السلطة طيلة أربعة عقود.

وأرخت علامات القلق بظلال قاتمة على الأوساط السياسية الإيرانية خاصة بين شق من التيار المحافظ، من أن البلد يسير في طريق خاطئ تماما قد يربك سياساته الخارجية ويزيد من تعقيد القضايا الداخلية بشكل أكثر مما هي عليه الآن.

ومن المقرر أن تؤدي انتخابات هذا العام إلى تقليص حجم خيمة الجمهورية الإسلامية إلى حد أبعد من خلال حرمان المعتدلين من أي فرصة حقيقية للتنافس على الرئاسة.

والمتشددون ذوو وجهات النظر الاستبدادية والمعادية بشدة للولايات المتحدة يحاولون بقوة لإخراج منافسيهم المعتدلين من المشهد السياسي وقلب العناصر الجمهورية للنظام.

وكانت الجمهورية الإيرانية الإسلامية منذ أن تصورها مؤسسها آية الله روح الله الخميني كمزيج بين تفسيره للفلسفات السياسية الشيعية والجمهورية الغربية والسياسات الانتخابية.

فنظام الحكم فيها مزيج فريد من السيادة الشعبية والسلطة الدينية، رغم أن المؤسسات التي تمثل السلطة الدينية تمتلك سلطة وصاية على الأولى. ولدى إيران رئيس وبرلمان، ولكن أيضا مجلس صيانة الدستور مكون من رجال الدين ورجال القانون الذي يدقق في التشريعات والمرشحين السياسيين، ومرشد ديني أعلى يكون له الحكم النهائي في القرارات رفيعة المستوى.

وكان هناك انقسام سياسي رئيسي داخل النظام الإيراني منذ التسعينات إلى حد كبير بين مؤيدي الحفاظ على هيمنة المؤسسات الدينية للدولة وأولئك الذين يريدون إصلاحها وتمكين المؤسسات الجمهورية.

ولعب انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي لمصلحة المتشددين الإيرانيين. ولو سُمح للاتفاق النووي بالنجاح ورأست حكومة روحاني سنوات من النمو الاقتصادي، فمن الصعب تخيل السيناريو الذي يتكشف اليوم.

ويخلو المعسكر السياسي الإصلاحي والمعتدل في إيران حاليًا من دعم شعبي ذي مغزى وعاجز في مواجهة الاستيلاء الصريح على السلطة. وفي الوقت نفسه، كان رئيسي يتقدم في استطلاعات الرأي بينما كان يقود حملة لمكافحة الفساد كرئيس للسلطة القضائية. ويعتقد على نطاق واسع أن لديه طموحات لخلافة خامنئي كمرشد أعلى.

ربما يعجبك أيضا