بعد الإطاحة بنتنياهو.. كيف تمضي العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بالتزامن مع تعيين رئيس جديد لإسرائيل، أنهى زعيم المعارضة، رئيس حزب «ييش عتيد»، يئير لبيد، 12 عاما متواصلة من حكم سلفه بنيامين نتنياهو، بنجاحه في تشكيل حكومة تضمّ للمرة الأولى حزباً عربياً، ويتناوب على رئاستها مع نفتالي بينت، رئيس حزب «يمينا»، الذي سيتولى المهمة أولاً.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، هنأ نظيره الإسرائيلي المنتخب إسحاق هرتسوغ، وقال إنه واثق من أن الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستستمر في النمو في ظل رئاسته، ولم ينس أن يشكر الرئيس ريفلين وقال إنه يتطلع لاجتماعهما في البيت الأبيض خلال الأسابيع المقبلة.

بلينكن

زيارة بلينكن.. أهداف خفية

زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى الأراضي المحتلة، الأسبوع الماضي لم يكن هدفها ضمان استمرار وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، بل كان هدفها دعم نفتالي بينيت لتشكيل حكومة والإطاحة بنتنياهو.

ما يحصل في إسرائيل هو إسقاط اليمين بقيادة نتنياهو كما سقط اليمين في أمريكا بقيادة دونالد ترامب، وصل على إثره الديمقراطيون اليساريون للحكم بقيادة بايدن ومن ثم سيدعمون نظرائهم في إسرائيل، لأن الأحزاب اليمينية في أمريكا وإسرائيل تتبنيان موقفا متشددا إزاء إيران خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي.

وسائل إعلام أمريكية، من بينها فورين بوليسي، دعت مرارا لإنهاء ما أسمتها العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب، وأن استمرار الدعم الأمريكي اللا محدود من شأنه أن يخلق مشاكل يومية للولايات المتحدة، فضلا عن أنه يقوض إدعاءات بايدن بالتفوق الأخلاقي عن سلفه ترامب.

الضوء الأخضر الأمريكي

لا يخفى على أحد أن الكيان الصهيوني يضعف مع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة لحساب التنين الصيني والدب الروسي، ومع مغادرة نتنياهو ومن قبله ترامب، يبدو أن تركيز الرئيس جو بايدن سينصب على ضبط الكيان ووقف «الاستنزاف الأمريكي» في المنطقة والتفرغ للصين وروسيا. ستبرد إذن الملفات الساخنة في المنطقة، في المقابل تبدو العودة إلى الاتفاق النووي مع ايران مسألة وقت وخلال الأسابيع القليلة القادمة قد تحدث العديد من المفاجآت.

تصاعد الخلافات بين غانتس ونتنياهو من جهة وإدارة بايدن من جهة أخرى بشأن الملف النووي الإيراني، بعد تلويح نتنياهو بأن بلاده ستختار إحباط برنامج إيران النووي حتى ولو توترت العلاقات مع الولايات المتحدة. ليرد غانتس بأن « الولايات المتحدة كانت وستظل الحليف الأهم لإسرائيل في الحفاظ على تفوقها الأمني في المنطقة، ولن يكون لإسرائيل شريك أفضل من الولايات المتحدة..حتى لو كانت هناك خلافات، فسيتم حلها من خلال الحوار المباشر، خلف أبواب مغلقة، وليس بخطابات استفزازية يمكن أن تضر بأمن إسرائيل».

لم يمر كثير من الوقت على هذه التصريحات حتى أعطى غانتس الضوء الأخضر لـ«يائير لبيد» لإبلاغ رئيس الاحتلال أنه نجح في تشكيل الحكومة، ليكتب بذلك الفصل الأخير من سيطرة نتنياهو على مقاليد الحكم داخل الكيان، لتبدأ على ما يبدو مرحلة جديدة «متناغمة» بين الإدارة الأمريكية والحكومة الجديدة، بعد أشهر عجاف من الشد والجذب مع حكومة نتنياهو.

رحلة قصيرة.. لكن «مهمة»

جعبة كبيرة تلك التي تحملها تل أبيب باتجاه واشنطن في واحدة من كبريات القضايا الحساسة في الشرق الأوسط، وزير الدفاع الإسرائيلي في واشنطن، لمناقشة المفاوضات الدولية التي تشارك فيها واشنطن حول البرنامج النووي لإيران.

«رحلة قصيرة لكنها مهمة» بهذه الكلمات تحدث غانتس قبل المغادرة إلى واشنطن، عازما على تشكيل حكومة «تغيير» وإعادة الوحدة من جديد وتضميد الجراح التي تسبب فيها اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو.

منع إيران من امتلاك سلاح نووي تعني الاحتكاك مع الصديقة الكبيرة – واشنطن – لإزالة التهديد الوجودي، قالها نتنياهو في مراسم تبديل رئيس الموساد وهو يشعر بأن أيامه الأخيرة في الحكم باتت معدودة، غانتس تدارك لهجة خصمه القديم، واصطاد تصريحاته الأخيرة، للقول بأنه إذا شكلت إيران تهديدا للأمن الإقليمي والسلام العالمي، فإن الولايات المتحدة تظل أهم حليف لإسرائيل.

AP 834309646082

منذ اغتصاب الأراضي المقدسة وإعلان دولة الاحتلال عام 48 لعب اليمين المتطرف دورا محوريا في تشكيل سياسات هذا الكيان، وكان الليكود، بزعامة مناحيم بيغن على رأس هذا التكتل المتطرف، الذي تطورا لاحقا من خلال توسع المتسوطنات التي ابتلعت الأراضي المحتلة، ولم يبق معها مكانا لإقامة دولة فلسطينية حقيقية.

بالنظر إلى موقف الإدارة الأمريكية الحالية والتي أبدت موقفا متحمسا لحل الدولتين، فإن مصداقية الإدارة الجديدة ورئيسها بايدن ووزير خارجيتها أنتوني بلينكن على المحك، لأن الاحتلا واصل إحراجهم من خلال تصعيد استيطانيها وعدوانها على الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة والضفة.

الأمر الذي طرح تساؤلا ظل صداه يتردد كثيرا، وهو كيف ستتصرف الإدارة الأمريكية إزاء احراجات إسرائيل المتواصلة لها؟ وهل سترضى إحراجها دوليا وبالتالي ستفقد مصداقيتها وأهليتها وقدرتها على التأثير في قضايا المنطقة؟ أم أنها ستفرض هيبتها عن طريق الدبلوماسية؟

ربما يعجبك أيضا