خوفًا من انفجار الأوضاع.. تخبط إسرائيلي بشأن مسيرة الأعلام الاستفزازية

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

لم يعد قرار مسيرة الأعلام الاستفزازية التي يسعى قطعان المستوطنين لتنفيذها، رهنًا بيد اليمين الإسرائيلي أو حكومة الاحتلال داخل إسرائيل، بل للفلسطينيين كلمة في ميعاد المسيرة ومسارها، ذلك ما يقوله الارتباك والتخبط إذ يستحكم بصناع القرار في تل أبيب سواء القيادة السياسية أو الأمنية أو العسكرية.

إلغاء المسيرة مرتين

لمرتين تلغي سلطات الاحتلال الإسرائيلية مسيرة الأعلام التي كان مخطط لها أن تخترق شوارع البلدة القديمة في القدس المحتلة وتنتهي بصلاة علانية وجماعية لليهود في المسجد الأقصى.

في العاشر من مايو الماضي، علت صافرات الإنذار على أصوات هتافات قطعان المستوطنين الذين احتشدوا للمسير لكنهم تفرقوا هربًا مع انطلاق الصواريخ من غزة باتجاه القدس، وتنفيذ الفصائل الفلسطينية وعيدها بقصف مستوطنات القدس إن لم يتراجع الاحتلال عن إلغاء مسيرة الأعلام.

أما الإلغاء الثاني للمسيرة فكان في السابع من يونيو الجاري، قبل ثلاثة أيام فقط من الموعد الذي أعطته حكومة نتنياهو لأحزاب اليمين لتنظيم المسيرة، بعد تهديدات من الفصائل الفلسطينية من تبعات اقتراب مسيرة الأعلام من المسجد الأقصى.

معادلة اشتباك جديدة

الواضح أن جولة التصعيد الأخيرة بين الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية أوجدت معادلة اشتباك جديدة تضم مدينة القدس المحتلة، وهو ما كان واضحًا من اقتراح جهاز مخابرات الاحتلال الإسرائيلي «الشاباك» بإقامة مسيرة الأعلام في باحة حائط البراق في القدس تجنبًا لأي احتكاكات أو مواجهات بين الفلسطينيين وقطعان المستوطنين.

كذلك حذرت الشرطة الإسرائيلية، رئيس وزارء الاحتلال المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو من أن إقامة مسيرة الأعلام ستضطرها إلى رفع حالة التأهب ليس في القدس فحسب، وإنما في مناطق أخرى كمدن وبلدات الخط الأخضر.

اتهامات لإسرائيل بالاستسلام

وبعد أن كان قرار مسيرة الأعلام منوطا بما تراه الحركات اليمينة والصهيونية في إسرائيل، فإنه الآن شأن يتصدر أجندة الاجتماع الأمني الوزاري المصغر الذي الْتَأَم خصيصًا لبحث موعد ومسار جديدين للمسيرة.

يتهم إيتمار بن جفير أحد قادة الصهيونية الدينية، الشرطة الإسرائيلية بالاستسلام لحركة حماس، كما تهدد جماعات دينية يمينية متطرفة بتنظيم مسيرة مصغرة تعبر أزقة البلدة القديمة في القدس المحتلة وتتخذ المسار ذاته التي ترفضه الشرطة الإسرائيلية.

إرجاء المسيرة للحكومة الجديدة

وأمام الاتهامات المتبادلة والتخبط بين الساسة الإسرائيليين وبعد ثلاث ساعات من السجال والخلاف، انتهى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية في إسرائيل إلى دحرجة المسؤولية عن موعد وتنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازية في القدس المحتلة إلى ساحة حكومة التغيير التي من المفترض أن تعرض على الكنيست لنيل الثقة الأحد المقبل.

القرار جاء بعد أن حذر قادة الأجهزة الأمنية والجيش ووزيرا الأمن والخارجية من أن تنظيم المسيرة غدا في مسارها التقليدي سيفجر الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وربما داخل مناطق الخط الأخضر ومع غزة أيضًا.

تخبط إسرائيلي

هذه المخاوف جعلت حكومة نتنياهو في آخر أيامها تتخبط في أمر السماح لمنظمات عنصرية متطرفة بإعادة تنظيمها يوم الخميس، لكن قوة نتنياهو تراجعت كما يبدو مع اقتراب موعد رحيله عن كرسي رئاسة الوزراء، رغم كل ما قام به من مناورات لعرقلة الأحزاب المناهضة له في تشكيل حكومة تنهي حقبته كرئيس للوزراء، إذ تدرك هذه الأحزاب أنه يحاول تصدير أزمته الداخلية وزراعة الألغام في طريقها، حتى ولو كان الأمر على حساب تفجير الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.  

إذن يقع على عاتق حكومة الاحتلال القادمة، بقيادة القومي المتطرف نفتالي بينيت والوسطي يائير لابيد، اتخاذ القرار النهائي بشأن ما إذا كانت مسيرة الأعلام ستتم، بعد التصويت على الحكومة، بيومين أم لا.

الثلاثاء القادم

ومن المقرر أن تنظم المسيرة الثلاثاء القادم.

وأصدرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو قرارها السماح بالمسيرة بعد اجتماعها الثلاثاء.

وعادة ما يقام يوم القدس المزعوم في 10 مايو، ويصادف هذا التاريخ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية – البلدة القديمة والحرم المقدسي – في حرب عام 1967. وعادة ما يشق المئات من قطعان المستوطنين الإسرائيليين الصهاينة الذين يلوحون بالأعلام طريقهم خلال الحي الإسلامي عبر بوابة العامود، وهم يهتفون ويغنون الأغاني الوطنية. ويعتبر الكثير من الفلسطينيين هذه المسيرة استفزازا متعمدا.

جوهرها مدينة القدس المحتلة

وكان من المقرر لمسيرة الأعلام لهذا العام أن تنظم أيضا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وأثناء الصراع الأخير بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة.

سواء أقيمت المسيرة أم لا فإن إلغاءها والتخبط في ميعادها ومسارها هو في نظر الفصائل الفلسطينية بمثابة انتصار بأن فرضت على الاحتلال معادلة اشتباك جوهرها مدينة القدس المحتلة.

ربما يعجبك أيضا