اختراق حتى النخاع.. أعلى مسؤول إيراني لمكافحة التجسس كان جاسوسًا لإسرائيل!

يوسف بنده

رؤية

رغم القبضة الحديدية التي يفرضها النظام في إيران على كافة مؤسسات الدولة التي تدين بالولاء للنظام؛ نتيجة عملة الانتخاب الدقيق لقادة وأفراد هذه المؤسسات، وهو ما يظهر شكلا من الحصانة القوية لمؤسسة الدولة في إيران ويصعب تصديق اختراقها؛ إلا إنه في مقابلة بثتها القناة 12 الإسرائيلية، يوم الخميس الماضي 10 يونيو/حزيران، تحدث رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، بالتفصيل عن نفوذ المخابرات الإسرائيلية في البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح أبدًا لإيران بامتلاك أسلحة نووية.

وخلال المقابلة، أكد “كوهين” أن لديه “معرفة عميقة” بالمواقع النووية الإيرانية. ودون الاعتراف مباشرة بأي دور للموساد في الانفجار الأخير في منشأة نطنز، قال: إن “أجهزة الطرد المركزي كانت تدور في نطنز، لكن يبدو أنها لم تعد تدور”.

وأضاف رئيس الموساد السابق: “نحن نقول بوضوح لإيران إننا لن نسمح لكم بامتلاك أسلحة نووية. هل تفهمون كلامنا؟”

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أيضًا أن “المسؤول عن انفجار نطنز هو من وفر الأعمدة الرخامية التي وضعت عليها أجهزة الطرد المركزي في البناء الأوّلي لمنشأة نطنز، ولم يكن البنّاؤون على علم بأن هذه الأعمدة تحتوي على كميات كبيرة من المتفجرات”.

وردًا على سؤال حول مقتل محسن فخري زاده، المسؤول البارز في البرنامج النووي الإيراني، قال “كوهين”: “الموساد كان يراقب فخري زاده منذ سنوات وكان قريبًا جسديًا من فخري زاده قبل مقتله في ديسمبر (كانون الأول) الماضي”.

وأضاف: “القلق الأكبر بشأن فخري زاده هو معرفته ببرنامج إيران النووي العسكري، ولهذا السبب كانت إسرائيل تراقبه من منظور استخباراتي”.

وتابع رئيس الموساد السابق: “يجب القضاء على أي شخص لديه القدرة على تعريض المواطنين الإسرائيليين للخطر”.

وأشار إلى عملية الموساد في 31 يناير/ كانون الثاني 2018، المتمثلة في سرقة كمية كبيرة من الوثائق النووية الإيرانية من مستودع في ضواحي طهران. قائلًا: “خلال العملية التي كان من المقرر أن تنتهي في مدة أقصاها سبع ساعات، كان 20 من عملاء الموساد حاضرين في مكان الحادث، ولم يكن أي منهم إسرائيليًا. كل هؤلاء على قيد الحياة وبعضهم غادر إيران.

وقال رئيس الموساد السابق إنه كان من المفترض فحص الوثائق في المقر الرئيسي في تل أبيب، ولكن نظرًا لاحتمال عدم إمكانية إخراج المستندات، تم إرسال معظم المستندات رقميًا إلى إسرائيل كإجراء احترازي.

وأضاف كوهين: “أعلنت إسرائيل خبر سرقة الوثائق النووية الإيرانية، حتى إنه بالإضافة إلى إبلاغ العالم، فإن القادة الإيرانيين سيتلقون أيضًا رسالة مفادها: أصدقائي الأعزاء، أولًا نحن مندسون بينكم. ثانيًا نحن نراقبكم. وثالثًا إن عصر إخفاء الأكاذيب قد انتهى”.

اختراق حتى النخاع

بعد تصريحات رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، وفي إشارة إلى النفوذ الاستخباري الإسرائيلي وتأثيره في جهاز المخابرات والأمن والمستويات العليا في النظام الإيراني، قال محمود أحمدي نجاد إن هذا هو سبب قيام إسرائيل بعمليات كبيرة في إيران، والاستيلاء على أهم الوثائق النووية والفضائية من مراكز حساسة، لدرجة أن أعلى مسؤول تولى مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة المخابرات الإيرانية هو نفسه كان جاسوسًا لإسرائيل.

وفي مقابلة بالفيديو، نشرت الجمعة الماضية 11 يونيو/ حزيران، أشار محمود أحمدي نجاد إلى تفاصيل ما سماه “عملية إسرائيل المكثفة” داخل إيران، لافتًا إلى وجود “عصابة أمنية” رفيعة المستوى في إيران، قائلًا: “هذه العصابة الأمنية الفاسدة عليها أن تشرح دورها في اغتيال العلماء النوويين والتفجيرات في نطنز. لقد سرقوا وثائق مهمة للغاية في تورقوز آباد وفي منظمة الفضاء. هذه ليست مزحة، هذه وثائق أمن البلاد، لقد جاؤوا وأخذوها”.

وأكد الرئيس الإيراني السابق أن “هذه العصابة الأمنية يجب أن توضح”، مضيفًا: “لقد جاؤوا إلى تورقوز آباد ونفذوا تلك العملية المكثفة، وأخذوا بضع شاحنات من الوثائق وسلموها إلى إسرائيل.

هل كانت ورقة واحدة ليضعوها في جيوبهم، كانت بضع شاحنات من الوثائق. في هذا البلد، مع كل نقاط التفتيش الموجودة، كيف غادرت العديد من شاحنات الوثائق البلاد؟”.

وأضاف: “تم إخفاء هذا الخبر عن الناس، وعندما وصلت الوثائق النووية إلى العدو وتم الكشف عنها، عند ذلك علمنا بالأمر. إن وثائق منظمة الفضاء كانت في خزانة مكتب رئيس هذه المنظمة. فتحوا السقف ودخلوا وفتحوا الخزنة وأخذوا الوثائق”.

وقال أحمدي نجاد: “لاحقًا، قامت العصابة الأمنية بإخفاء هذه السرقة، وقدمت معلومات كاذبة للوزير المختص، قائلة إن سرقة وثائق الفضاء كانت سرقة عادية، وإن اللصوص دخلوا من نافذة الجار في الطابق الخامس واعتقلتهم الشرطة؛ بينما جاؤوا من السطح، ولا يوجد شيء على الإطلاق في غرفة رئيس وكالة الفضاء للسرقة العادية”.

وفي جزء من المقابلة، أشار محمود أحمدي نجاد إلى أن المسؤولين اضطروا للرد على مقتل العلماء النوويين، خلافًا لقضية سرقة الوثائق النووية والفضائية، لافتًا إلى اعتقال مازيار إبراهيمي وعدد من الأشخاص الآخرين وإجبارهم على الإدلاء باعترافات قسرية في ملف مقتل العلماء النوويين في فترة حكومته.

وقال أحمدي نجاد إنه بعد مقتل “العلماء النوويين” توجهت العصابة الأمنية رفيعة المستوى في إيران إلى عدة سجناء لإخفاء خط التسلل ومنع المواطنين أو المسؤولين الكبار من إدراك أن شبكة تسلل كانت تقوم بذلك. لقد أجبروا عددًا من السجناء على الحضور أمام الكاميرا، لكنني على الفور أخبرت الوزير المختص، حيدر مصلحي، وزير مخابرات حكومة أحمدي نجاد أن هذه كانت كذبة”.

وأضاف رئيس الحكومتين التاسعة والعاشرة في إيران أنه في القضية نفسها الخاصة بـ “سرقة وثائق منظمة الفضاء” كتبوا سيناريو لتطبيع السرقة وليقولوا إن الخزنة لم تفتح ولم تخرج أي وثيقة. وذلك لحماية الجواسيس والحفاظ على خط النفوذ.

كان جاسوسًا لإسرائيل

وتابع أحمدي نجاد أن “المسؤول الأول عن مراقبة الجواسيس الإسرائيليين والتعامل معهم في وزارة المخابرات هو نفسه جاسوس إسرائيلي”، مضيفًا: “هل أصبح هذا الشخص وحده جاسوسًا إسرائيليًا في وزارة المخابرات وليس له صلات وقام بدعم العديد من العمليات في إيران، وفعل كل ذلك بمفرده؟”.

وأضاف أن أي شخص مطّلع قليلًا على العمل يعرف أنه “إذا ادّعى شخص ما هذا الادعاء، فهذه كذبة كبيرة” ومن الواضح أنها شبكة، يجب أن نقضي على هذه الشبكة في جميع أنحاء البلاد، ولكن لم يتم القضاء عليها، تمت إدانة شخص واحد فقط، أين ذهب الباقون وأين هم الآن؟

كما أن مقتل محسن فخري زاده، الذي يوصف بأنه شخصية رئيسية في القطاع العسكري للأنشطة النووية الإيرانية، هو حالة أخرى ألقى فيها أحمدي نجاد باللوم على أعمال “العصابة الأمنية” التي تنشط على أعلى المستويات في إيران.

وتساءل “ماذا حدث لاغتيال فخري زاده؟ لا سيما بهذه المواقف المتناقضة التي اتخذتها السلطات، حيث قال وزير المخابرات، محمود علوي إننا كنا نعرف بزمان ومكان الحادث، لكنه لم يذكر من هو المقصر ومن هو المتعاون”.

وردًا على سؤال عما إذا كان أي شخص قد تمت محاسبته في قضايا سرقة وثائق نووية وفضائية وقتل علماء نوويين وانفجارين كبيرين في موقع التخصيب، قال أحمدي نجاد: “لا أحد يتابع على الإطلاق، وأجهزة الاستخبارات الإيرانية التي يجب أن تمنع هذه الحالات قبل حدوثها، تتوجه أمام الكاميرا وتقول إننا اكتشفناها في وقت مبكر جدًا، ويعلنون اسمًا مزيفًا أو غير معروف ويقولون قتلناه أو غادر البلاد ويغلقون القضية”.

ربما يعجبك أيضا