«صحة مصر» في عهد السيسي.. «المحروسة» تتعافى من «أمراض السابقين»

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – شهد قطاع الصحة في مصر، ثورة تطوير وتحديث خلال السنوات السبع الماضية، وتحديدا منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد، في محاولة إلى إحداث نقلة نوعية في الخدمات الصحية سواء بتطوير وتحديث المنشآت وإطلاق المبادرات لعلاج الصحية المختلفة، ودعم وتدريب العناصر البشرية، وصناعة الدواء، بعد معاناة لأكثر من 30 عاما، وهو ما ساهم في مساعدة مصر على مواجهة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، لتصبح نموذجا دوليا يحتذى به، وتتفوق على العديد من الدول المتقدمة.

“مبادرات قوية”

الرئيس المصري أطلق العديد من المبادرات للمساهمة في تحسين المؤشرات الصحية للمواطنين، بعد أن عاني المواطن المصري لأكثر من 30 عاما من تدني المنظومة الصحية بمختلف قطاعاتها، والتي جاءت تحت شعار “100 مليون صحة”، لتقدم الخدمات الطبية لأكثر من 90 مليون مواطن.

ولعل أبرز المبادرات العامة، كانت “الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم لطلاب المدارس، والكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع، والقضاء على فيروس سي والكشف عن الأمراض غير السارية وإنهاء قوائم الانتظار ومنع تراكم قوائم جديدة، ومتابعة وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، والعناية بصحة الأم والجنين “، ولم تقتصر المبادرات على المصريين لتمتد إلى البلدان الأفريقية إذ تم إطلاق مبادرة علاج مليون إفريقي من فيروس سي.

المرأة المصرية كان لها نصيبًا كبيرًا من مبادرات الرئيس المصري، فأطلق السيسي مبادرة دعم صحة المرأة المصرية، والتي ساهمت في فحص 15 مليون امرأة، وأدت إلى انخفاض متوسط حجم الأورام من 5 سم إلى 3 سم مما يزيد معدلات الشفاء بنسبة 90%، بالإضافة إلي انخفاض معدل ارتداد الأورام، واكتشاف، ومتابعة علاج 2.848 حالة سرطان الثدي.

خطوات التطوير لم تقتصر على المبادرات لكنها امتدت إلى تطوير المنشآت الصحية الموجودة فضلا عن افتتاح العديد من الصروح الطبية الجديدة، إذ تم إنفاق 20.4 مليار جنيه لإنشاء وتطوير 101 منشأة طبية، لعل أبرزها افتتاح أول وأكبر مركز لعلاج أمراض الهيموفيليا للأطفال بمستشفى أطفال مصر.

“صناعة الدواء”

الاتجاه الآخر الذي اتبعته الدولة المصرية كان بالعمل على تطوير صناعة الدواء، فعمدت مصر على إطلاق المشروعات القومية لتوطين الصناعات الدوائية المقدمة، عبر تصنيع مستحضرات علاج الأورام من خلال التعاون بين شركة سيديكو وشركة وادي النيل، والاتفاق مع الشركات العالمية لنقل تكنولوجيا التصنيع مثل شركة المهن الطبية وشركة إيلاي ليللي العالمية لتعزيز الشراكة في مجال إنتاج الإنسولين وخاصة الأصناف الحديثة (الخراطيش والأقلام) وكذلك مستحضرات المثائل الحيوية (Bio-similar)  للإنسولين.

وسعت مصر إلى تأمين احتياجات السوق المصري للدواء من خلا إنشاء مصنع we can لصناعة مستحضرات الأورام محلياً وهو أول مصنع لأدوية الأورام لتغطية احتياجات السوق المصري وتأمين احتياجات السوق المصري من المستحضرات الدوائية الهامة مثل: “مستحضرات الأورام، ومشتقات الدم، والأنسولين، وصبغات الأشعة والتخدير، والرعاية الحرجة”.

ومع اتجاهات مصر إلى دعم الاستثمار في قطاعات الدواء، والعمل على تشجيع زيادة القدرات الإنتاجية لخطوط الإنتاج النادرة وزيادة الاستثمار في تلك الخطوط الهامة، تمكنت القاهرة من تشجيع تصدير الدواء إلى الخارج ليبلغ إجمالي قيمة صادرات مصر من الأدوية والمستلزمات الطبية في عام 2018 حوالى 789 مليون دولار أمريكي.

“مواجهة كورونا”

الإجراءات السابقة، مكنت الدولة المصرية من مواجهة أخطر الأزمات الصحية في التاريخ الحديث، والمتمثلة في أزمة انتشار فيروس كورونا، فمع بدء انتشار الفيروس تم تفعيل غرفة إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، ووضع خطة لمواجهة الجائحة، منذ يناير 2020.

واستمرت إجراءات مصر تطورا في ظل الأزمة فزادت مستشفيات العزل من حوالي 40 مستشفى مع بداية الأزمة، لتصل في مايو من العام ذاته إلى 420 مستشفى، بسعة 35152 سرير داخلي، و3539 سرير رعاية مركزة، و2218 جهاز تنفس صناعي، وزيادة عدد المعامل إلى 57 معملاً، كما أطلق الرئيس المصري في يناير الماضي مبادرة متابعة حالات العزل المنزلي لمرضى فيروس كورونا.

وفي يونيو الماضي، تم إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة والاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوي، وإعلان خطة الدولة للتعايش مع فيروس كورونا، والتي مكنتها في يوليو الماضي من السماح بتأدية امتحانات الثانوية العامة في يوليو 2020، فضلا عن إجراء انتخابات مجلس الشيوخ والنواب بداية من شهر أغسطس وحتى نوفمبر من العام ذاته.

الخطة المصرية، مكنت القطاع الصحي من المشاركة في التجارب الإكلينيكية على لقاحات فيروس كورونا في سبتمبر الماضي، فضلا عن القدرة على تأمين العديد من الأحداث الرياضية الكبيرة، في مقدمتها تنظيم بطولة كأس العالم لكرة اليد، ونهائي دوري أبطال أفريقيا.

“لقاحات كورونا”

وشهد شهر يناير من العام الجاري، حصول الدولة المصرية على ترخيص الاستعمال الطارئ للقاح فيروس كورونا المستجد (سينوفارم وأسترازينيكا) ، والالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية بمنح أولوية التطعيم للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس علاوة على الفئات الأكثر عرضة لحدوث مضاعفات، لتكون مصر أول دولة إفريقية تحصل على اللقاح وتبدأ حملة التطعيم.

وخصصت وزارة الصحة تخصيص ٤٠٠ مركز لتلقي اللقاح على مستوى محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى المركز الكبير بأرض المعارض بمنطقة مدينة نصر والذي يستوعب تطعيم ١٠ آلاف مواطن يوميًا، كما تم تخصيص مكتب في الوحدات الصحية والمستشفيات على مستوى الجمهورية لتسجيل كافة المواطنين من الفئات المستحقة لمن لا يستطيع التسجيل على الموقع، للحصول على لقاح فيروس كورونا.

ولم تكتف القاهرة بتلك الخطوات، لكنها سعت إلى تصنيع لقاحات فيروس كورونا داخل حدودها، لتصبح من أوائل الدول في القارة الأفريقية التي تبدأ في تصنيع لقاحات فيروس كورونا، حيث تم استلام ١٤٠٠ لتر من المواد الخام لتصنيع لقاح “سينوفاك” الصيني ضمن الاتفاقية الموقعة بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات “فاكسيرا” وشركة “سينوفاك” الصينية، تكفي لتصنيع مليونين جرعة من اللقاحات، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تصنيع ٤٠ مليون جرعة من لقاح سينوفاك بنهاية العام الحالي.

وجاري الاتفاق على تصنيع لقاح فيروس كورونا “أسترازينيكا” بمصر من خلال التعاون بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات “فاكسيرا” وشركة “أسترازينيكا”، حيث تم الاتفاق على إرسال وفد من خبراء شركة “أسترازينيكا” لتقييم خطوط الإنتاج بمصانع “فاكسيرا” بمنطقة السادس من أكتوبر.

“دعم الأطباء”

وفي ظل الثورة المصرية، سعت وزارة الصحة إلى تطوير العنصر البشري وتدريب الطواقم الطبية،  ودعم الفرقة الطبية وتحسين دخولهم، من خلال توقيع اتفاقية مع جامعة هارفارد لمدة 3 سنوات لتنفيذ دورات تدريبية لتدريب المدربين على طرق التعليم الطبي، والتدريب على الأبحاث الطبية الإكلينيكية، فضلا عن التنسيق مع الكليات الملكية البريطانية للتطوير نظام التدريب و اعتماد الزمالة المصرية في التخصصات الأساسية، وتطوير الزمالة المصرية من خلال توفير التدريب لـ100% من الأطباء.

وأصدرت وزيرة الصحة قرارا بإنشاء وحدة شئون مقدمي الخدمة الطبية، من شأنها الاهتمام بإدارة مشروع تحسين بيئة العمل للعاملين بالقطاع الصحي وهو مشروع قومى يستهدف تحسين بيئة العمل داخل المستشفيات ومنشآت تقديم الرعاية الصحية المتنوعة، ويرتكز على نتائج دراسات علمية خاصة بأهم العوامل التي تؤثر على أداء مقدمي الرعاية الصحية بشكل إيجابي.

وبالنسبة للجانب المادي، فأصدر الرئيس المصري قرارا استثنائيا بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% عن القيمة الحالية، بما يشمل الأطباء العاملين بالمستشفيات الجامعية، بتكلفة إجمالية قدرها حوالي 2,25 مليار جنيه، فضلاً عن إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية، والذي سيتم من خلاله صرف تعويضات لكافة الأطقم الذين توفوا أو أصيبوا ليس في جائحة كورونا فقط، ولكن بسبب ممارسة المهنة.

ربما يعجبك أيضا