ميانمار.. هل وصلت الزعيمة المخلوعة إلى نقطة اللاعودة؟

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

مثلت أونج سان سو كي، الزعيمة المدنية المخلوعة في ميانمار، أمام المحكمة، لبدء محاكمة استمرت أسابيع من شبه المؤكد أن تثبت إدانتها بتهم ذات دوافع سياسية.

تواجه المرأة البالغة من العمر 75 عامًا مأزقًا أسوأ من 15 عامًا رهن الإقامة الجبرية، وتعرض للاضطهاد من قبل المجلس العسكري الذي عقد العزم على إبقائها معزولة مع احتدام الغضب والاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.

تم احتجاز سو كي بمعزل عن العالم الخارجي، منذ أن استولى الجيش على السلطة في انقلاب في الأول من فبراير، واعتقل الزعيمة المدنية وكبار وزرائها ومستشاريها.

وكانت سو كي قد فازت وحزبها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في الانتخابات بأغلبية ساحقة في نوفمبر للمرة الثانية، لكن الجيش زعم أن التصويت كان مزورًا وألغى النتيجة وتولي رئاسة الحكومة.

عصيان مدني

في الأشهر التي تلت ذلك، خرج الملايين إلى الشوارع للاحتجاج وعملوا على نزع الشرعية عن الحكومة من خلال حملة العصيان المدني، ورد النظام العسكري بوحشية، واعتقل ما يقرب من 5000 شخص، وقُتل أكثر من 800 شخص في حملات قمع احتجاجات الشوارع والعمليات العسكرية منذ الانقلاب، وفقًا لجمعية مساعدة السجناء السياسيين بورما.

ومع ذلك، كانت التهم الموجهة إلى سان سو كي عقابية بشكل خاص، وبعد فترة وجيزة من اعتقالها، اتُهمت بحيازة واستيراد أجهزة اتصال لاسلكية بدون ترخيص، لكن الجيش وجه تهمًا أشد قسوة، بما في ذلك الفساد وانتهاك قانون الأسرار الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، وأصبحت تواجه ما مجموعه سبع تهم وعقوبات تصل إلى 15 عامًا، مما يعني أنها يمكن أن تقضي بقية حياتها في الاحتجاز، كما تم احتجاز رئيس ميانمار المدني وين مينت، الذي عمل جنبًا إلى جنب مع سو كي في إدارة الحكومة قبل الانقلاب، بتهم مماثلة.

لم يُسمح لسو كي، التي تبلغ من العمر 76 عامًا، بلقاء محاميها سوى مرتين فقط منذ اعتقالها، على عكس السنوات التي قضتها في الإقامة الجبرية، فهي لا تعرف مكان احتجازها، وفقًا لمحاميها، حيث تم نقلها إلى مكان لم يُكشف عنه بعد اعتقالها.

وتجري المحاكمة خلف أبواب مغلقة، ولا يتم الكشف عن المعلومات إلا من خلال محاميها أو وسائل الإعلام الحكومية، يقول خين ماونج زاو، رئيس فريق دفاع سو كي، إن الجلسات بدأت حوالي الساعة 10:30 صباحًا واستمرت حوالي ست ساعات، وتم إحضار العديد من شهود الإثبات للإدلاء بشهاداتهم.

وأضاف: “سو كي لم تبدُ جيدة، لكنها أولت اهتمامًا شديدًا لجلسة الاستماع”، وسيتم النظر في قضيتين أخريين أمام المحكمة يوم الثلاثاء.

ويأمل محاميها في الحصول على محاكمة عادلة قائلا: “نأمل في الأفضل لكننا مستعدين للأسوأ”، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وأمضت أونج سان سو كي أكثر من 15 عامًا رهن الإقامة الجبرية خلال حكم المجلس العسكري السابق قبل إطلاق سراحها عام 2010.

تضاءلت مكانتها الدولية في أعقاب موجة من العنف العسكري استهدفت مجتمع الروهنجيا المسلم المهمش ذي الأغلبية البوذية في ميانمار، ولكن داخل البلاد لا تزال تحظى بالاحترام على نطاق واسع محليًا كرمز للديمقراطية.

الخميس الماضي، وجهت لها تهم فساد إضافية بقبولها بشكل غير قانوني 600 ألف دولار نقدًا وحوالي 11 كيلوغرامًا من الذهب، ورفض محاميها خين ماونغ زاو التهم الجديدة – التي قد تؤدي إلى حكم بالسجن المطول على أونغ سان سو كي – ووصفها بأنها “سخيفة”، وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.

وقال: “هناك خلفية سياسية لا يمكن إنكارها لإبقائها خارج مسرح البلاد وتشويه هيبتها، وهذا أحد أسباب توجيه الاتهام لها لإبعادها عن المشهد”.

كارثة لحقوق الإنسان

قبل بدء محاكمة سان سو كي، أدانت جماعات حقوق الإنسان والحكومات الأجنبية معاملتها ومعاملة السياسيين والنشطاء والمتظاهرين والصحفيين الآخرين في ميانمار، ووصف فيل روبرتسون، نائب مدير آسيا في هيومن رايتس ووتش في بيان، الاتهامات بأنها “وهمية وذات دوافع سياسية.

قال روبرتسون: “مع القيود المفروضة على الوصول إلى محاميها، وسماع القضية أمام محكمة مملوكة بالكامل للمجلس العسكري، هناك احتمال ضئيل بأن تحصل على محاكمة عادلة”، بحسب ما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”.

وبالمثل، يواجه الآلاف من المحتجزين على أيدي الجيش احتمالات ضئيلة في التوصل إلى نتيجة عادلة، وتبث وسائل الإعلام الحكومية كل ليلة قوائم بأسماء المطلوبين، وكثير منهم محتجون يوصفون بأنهم مثيري شغب أو إرهابيون.

و في اللقطات المنشورة، يبدو أن البعض مصاب بكدمات أو إصابات أخرى، مما يوحي بالتعذيب أثناء الاحتجاز.

وفي مثال صارخ، ذكرت وسيلة الإعلام المحلية “ميانمار الآن” الأسبوع الماضي، أن أكثر من 32 شابًا، اعتقلوا لمعارضتهم الانقلاب العسكري، وتعرضوا للتعذيب ثم حُكم عليهم بالسجن، وكانت محاكمتهم في مدينة ميك متسرعة لدرجة أنها كانت في قاعة محكمة مؤقتة.

حذرت ميشيل باتشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، من أن المزيد من إراقة الدماء وشيك في ميانمار، ودعت المجتمع الدولي إلى محاسبة المجلس العسكري، مستشهدة بمصادر موثوقة قالت إن ما لا يقل عن 4804 أشخاص ما زالوا رهن الاعتقال التعسفي.

وقالت باتشيليت: “بدلاً من السعي إلى الحوار، يصف الجيش خصومه بأنهم “إرهابيون ” ويلاحقون اتهامات سياسية الدوافع ضد القيادة الديمقراطية، وأشارت إلى أنه في ما يزيد قليلاً عن أربعة أشهر، تحولت ميانمار من دولة ديمقراطية هشة إلى كارثة لحقوق الإنسان“.

برر زعيم المجلس العسكري مين أونغ هلينج انتزاع السلطة من خلال الاستشهاد بالتزوير الانتخابي المزعوم في انتخابات نوفمبر التي فازت بها الرابطة الوطنية للديمقراطية بزعامة أونغ سان سو كي.

وكان المجلس العسكري قد قال في وقت سابق إنه سيجري انتخابات جديدة في غضون عامين، لكنه هدد أيضًا بحل الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.

ربما يعجبك أيضا