دولار ضعيف وتضخم متسارع.. «الفيدرالي» الأمريكي يخاطر بمصداقيته!

كتب – حسام عيد

خلال مايو 2021 ارتفع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 5% على أساس سنوي، مسجلًا أعلى وتيرة منذ أغسطس 2008، وهو معدل أعلى بكثير من مستهدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عند 2%، الأمر الذي خلّف ضغوطًا أكبر على الدولار الذي يعاني في الأساس بالآونة الأخيرة، ما يعني أن برامج التيسيرات والتحفيزات النقدية المستمرة تهدد مصداقية “المركزي الأمريكي”.

ويترقب المستثمرون اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “البنك المركزي” في وقت لاحق هذا الأسبوع، وماذا ستفصح البيانات الصادرة عنه.. إبقاء السياسة النقدية كما هي ومن ثم السماح للتضخم بالتسارع بطريقة ربما تصبح دائمة في الفترة المقبلة ليزداد معها الدولار ضعفًا أمام عملات رئيسية ومنها اليورو، أو إحداث تغيرات من شأنها السيطرة على التضخم مستقبلًا مع العمل على إدراك المستهدف وبالتالي إعطاء دفعات للدولار، ولو نسبية، للتعافي؟

مستويات ضعيفة للدولار

يتعرض الدولار الأمريكي لضغوط، خاصة بعدما تلقت الأسواق بيانات التضخم الأمريكي المرتفع، في الوقت الذي يراهن فيه بعض المستثمرين على أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة مؤقتة، بينما يتوقع آخرون أنها بداية لحقبة التضخم الدائم.

ويشهد الدولار حالة من الاستقرار عند مستوياته الضعيفة أمام العملات الرئيسية في ظل تراجع عائدات الخزانة لأجل 10 سنوات لأدنى مستوياتها منذ مارس الماضي.

وقد استقر الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية خلال تعاملات، يوم الإثنين الموافق 14 يونيو 2021، بعدما سجل أفضل أداءً في ستة أسابيع، ومع ترقب انطلاق اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي غدًا الثلاثاء والذي يستمر يومين حتى الأربعاء.

ورغم أن توقعات المحللين تشير إلى أن المركزي الأمريكي سيبقي على معدل الفائدة دون تغيير، فإن المستثمرين يترقبون تصريحات المسؤولين حول السياسة النقدية الفترة المقبلة.

وعلى صعيد التداولات، استقر الدولار أمام اليورو مسجلاً 1.2114 دولار، وتسببت تعليقات تميل إلى التيسير النقدي من البنك المركزي الأوروبي بشأن التزامه بوتيرة مرتفعة من شراء السندات في أن يظل اليورو قابعا عند مستوى 1.21 دولار.

كما استقر أمام العملة اليابانية عند  109.63 ين، فيما استقر أمام الجنيه الاسترليني عند 1.4095 دولار.

واستقر الدولار أمام العملة السويسرية عند 0.8990 فرنك، كما استقر مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات- مسجلاً 90.487 نقطة.

وعلى صعيد تأثير الدولار الضعيف على السلع، فقد سجل خام غرب تكساس الوسيط في بداية التداولات أعلى مستوى على مدار 32 شهرًا.

ورغم ضعف الدولار إلا أن الذهب يشهد حالة من الهبوط خلال تعاملات اليوم بنسبة جاوزت 1% ليعود مجددًا إلى مستويات 1850 دولارا للأونصة، ضمن عمليات جني أرباح بعد ارتفاعات حادة في الشهر الأخير قادته لمستويات فوق 1900 دولار.

«الفيدرالي» ومصير السياسة النقدية

من جانبه، يرى الملياردير الأمريكي “بول تيودور جونز” أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يخاطر بمصداقيته من خلال إبقاء السياسة النقدية التيسيرية والسماح للتضخم بالتسارع بطريقة قد لا تكون مؤقتة.

وقال مؤسس صندوق التحوط “تيودور انفيسمنت”، إن اجتماع الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع قد يكون الأكثر أهمية في مسيرة رئيسه “جيروم باول” والأهم في اجتماعات البنك خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه وسط توقعات بإبقاء معدل الفائدة وبرنامج شراء السندات دون تغيير.

وأوضح جونز: “السبب في أن هذا الاجتماع مهم جداً هو أن لدينا الكثير من البيانات الواردة التي تتحدى مهام ونموذج الفيدرالي، لذا سيكون رد فعلهم على ذلك أمراً مهماً للغاية”.

ويعتقد المستثمر الأمريكي أن أهم البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا تتمثل في القراءات المتتالية الخاصة بمؤشر أسعار المستهلكين والتي تظهر تسارع التضخم أعلى مستهدف البنك المركزي عند 2%.

ومازال القلق يسيطر على المستثمرين في ظل ما يشهده عائد سندات الخزانة الأمريكية أجل 10 سنوات من تراجعات، رغم ارتفاع معدلات التضخم التي قد تجبر الفيدرالي على سحب تدريجي لعمليات التيسير، حيث هبطت العائدات لتلك السندات إلى 1.43% مقارنة بمستوياتها البالغة 1.77% في مارس الماضي، وذلك على الرغم من ارتفاع معدل التضخم.

وقد يسجل الدولار الأمريكي مكاسب خلال الأسبوع الجاري حال إشارة “الفيدرالي” إلى تقليص برامج شراء السندات وهو أمر مستبعد حدوثه حاليًا.

رفع الفائدة.. مستبعد بالوقت الراهن

بينما يتضاءل احتمال تغيير توقعات رفع الفائدة خلال عام 2023 بنسبة 0.25% في ظل تفضيل 7 فقط من أصل 18 عضوًا لذلك التوجه. ويبقى التساؤل بشأن احتمالية انضمام “باول” لفريق الاحتياطي الفيدرالي الداعم لرفع الفائدة في الأجل القريب حال زيادة عدد المؤيدين داخل لجنة السوق المفتوح خلال الاجتماعات القادمة.

وعلى الرغم من أن بيانات الوظائف لا تزال ضعيفة، ولا ترقى للتوقعات إلا أن التضخم يستمر في مساره نحو الارتفاع، وهو ما يراه باول أمرًا مؤقتا لا يستدعي تدخلا في الوقت الراهن، رغم ما يشهده حملة الدولار من خسائر نتيجة تراجع عائد السندات مع زيادة معدلات التضخم.

قد تؤدي تلميحات قوية من الفيدرالي بشأن إمكانية بدء التقليص التدريجي لبرنامج شراء السندات نهاية الصيف إلى ارتفاع العائدات. إذا كانت هناك أية تغييرات على خطط الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة يوم الأربعاء، ربما تكون بالإشارة إلى أن أول ارتفاع سوف يصبح مبكراً في العام 2023 بدلاً من الارتفاع الأول المقرر في عام 2024 ويتزامن ذلك مع تسعير الأسواق وفقًا لتوقع أن يكون هناك ارتفاع واحد فقط.

ربما يعجبك أيضا