«نصف ثروة الزوج».. جدل مجتمعي جديد على أرض المحروسة!

حسام السبكي

حسام السبكي

جدل مجتمعي جديد عاد ليضرب الأوساط المصرية مؤخرًا، في ظل مطالبات بإدخال تعديلات في قانون الأحوال الشخصية، يقول أصحابها، أنها تصب في صالح المرأة “المظلومة” بعد الطلاق، ولإعانتها على مصاعب الحياة بعد الانفصال، فيما يرى المعارضون في المقترح، إجحافًا للزوج، ففضلًا عن الحقوق المكتسبة وفقًا للقانون من نفقة وقائمة منقولات وغيرها، جاء المقترح الجديد ليسكب الزيت على نار المشاكل والخلافات التي تدور في أروقة المحاكم المصرية.

يأتي هذا في ظل أرقام مفزعة تتحدث عن تزايد الشرخ المجتمعي جراء الطلاق في مصر، والذي سجل فقط في 2020 نحو 218 ألف حالة.

بداية الأزمة

تبدأ تفاصيل الجدل المجتمعي الدائر حاليًا، من مقترح أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب المصري سابقًا، طالبت فيه بوراثة المرأة نصف ثروة زوجها بعد مماته، جزاء خدمتها لأسرتها وتفرغها لها لسنوات طويلة.

 وقالت آمنة نصير، في تصريح خاص على هامش مؤتمر “مصر تستطيع بالتاء المربوطة”، إنها ترى أن الفترة المقبلة يجب أن تشهد دورا أكبر للمرأة، وأن هذا الدور ليس في الأرقام التي حصلتها المرأة تحت قبة البرلمان، ولا في الشارع، إذ يجب أن يكون الحصاد معنويا وإنسانيا على مستوى الجماهير والعامة، متابعة: “ما نبقاش بنحتفل في قاعات، وآخر الشارع نلاقي ونسمع من يسيء لكرامة المرأة، لذلك أطالب بتكريمها كما شرع الإسلام، لا نريد تقليد أوروبا ولا الغرب“.

وشددت عضو لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، على ضرورة أن تقاسم المرأة زوجها في ثروته، شرط أن تكون متفرغة للبيت، مؤكدة أن باب الشرع مفتوح للاجتهاد ولم يغلق، والرسول حض الأمة على الاجتهاد، وقالت: إن المجددين يأتون على رأس كل 100 سنة، مختتمة بالقول: “ما يدهشني أن الشيوخ يهاجمونني قائلين إن الشرع لم يعط المرأة أي حدود إضافية”.

جدل واسع

ومن مقترح الدكتورة آمنة نصير، ثار جدل آخر، وسط مطالبة بمنح المطلقة نصف ثروة الزوج، حال الطلاق، وليس بعد وفاته فقط، وهو ما شهد مشادة كلامية على نطاق واسع في الإعلام المصري خلال الساعات الأخيرة.

وخلال إحدى حلقات برنامج “الحياة اليوم”، على فضائية “الحياة”، مع الإعلامية لبنى عسل، علقت عبير الأنصاري رئيس نادي المطلقات، على مقترح حصول المرأة على نصف ثروة الزوج حال الطلاق، بأن الفكرة مقبولة ويمكن أن يتم وضعها لتصرف السيدة على نفسها، حيث إن الفكرة ليست غريبة في المجتمعات الغربية.

ولفتت إلى أنه بما أن السيدة تتعب في وقوفها بجانب زوجها، فبالتأكيد لها الحق فيما ساعدت به زوجها، ويكون ليس لها حق فيما ورثه زوجها، مردفة: “لو السيدة لديها أموال وبد الطلاق يمكن أن يشاركها زوجها في ذلك”.

بينما قالت لمياء بسيوني مؤسس حملة أمهات تصنع المستحيل للدفاع عن حق المطلقات، إنها تؤيد الفكرة لأنها تقلل من الجهد على المحاكم، وهناك سيدات لا تتمكن من شقة الحضانة، كما أنه يمكن وضح حد أدنى.

وتابعت: “هناك حالة لشخصية طوال حياتها تعيش في فيلا، وبعد أن فتح أولادها بيوت، أعجب زوجها بفتاة صغيرة، وبعد ذلك تجلس في شقة قانون جديد، وتعيش بمعاشها”.

من جانبه وصف عصام عجاج المحامي بالنقض، المقترح بأنه دعوة هزلية عبثية وتحريض على الفحشاء للرجال والسيدات دون زواج، بالإضافة إلى أنه تحريض للسيدات للنكد على أزواجهن للطلاق للحصول على الثروة.

وذكر أنه في هذه الحالة سيكون هناك انتهازية للزوجة مع زوجها، مردفا: “لو راجل ارتشى عشان يرضيها وتم حبسه 10 سنوات، هل هتاخد منهم 5 سنوات؟“.

وأردف المحامي بالنقض: “وصلنا لمرحلة تلاقي قوانين الأحوال الشخصية تتحدث عن الكثير عن حبس الرجل”، مطالبا بضرورة إنصاف الرجل، لأن غالبية القوانين تبحث عن المرأة.

دار الإفتاء المصرية

وردًا على الجدل الدائر حاليًا، بالنسبة لحصول المرأة المطلقة على نصف ثروة الزوج، أو الحصول على نصف ميراثه بعد موته، نقلت صحيفة “أخبار اليوم” عن دار الإفتاء المصرية تأكيدها على أنه لا اجتهاد في الأحكامِ الشرعيةِ قطعيةِ الثبوتِ والدلالةِ، ولا مجال فيها لوجهات النظر الشخصية، والتي منها “أحكام المواريث”؛ لأنها حُسِمت بنصوصٍ شرعيةٍ قطعيةٍ وصريحةٍ لا تحتمل أكثرَ من معنًى.

وأوضحت دار الإفتاء أن “أحكام المواريث” لا تخضع للاجتهاد، ولا مجال لوجهة النظر الشخصية فيها؛ لأن الذي قدَّر نصيبَ كل وارث شرعًا فيها هو الله سبحانه وتعالى، ونصَّ على ذلك صراحة في آيات القرآن الكريم، فقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ”؛ وعليه تكون قضية المواريث من الأحكام قطعية الثبوت والدلالة التي لا تقبل الاجتهاد ولا وجهات النظر.

وحذَّرت دار الإفتاء من تلك الدعوات التي أُطلقت مؤخرًا وتطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، واصفة إياها بالواهية التي تفتقد إلى العلم بقواعد الشرع الشريف.

وبينت الدار أن الزعم بأن الشرع ظلم المرأة لصالح الرجل في قضية الميراث زعم باطل؛ وأن دعوى أن الإسلام يورث الرجل على الإطلاق أكثر من الأنثى دعوى لا يعتد بها؛ ففي مقابل أربع حالات فقط يرث فيها الرجل ضعف المرأة نجد في المقابل أكثر من ثلاثين حالة في الميراث تتساوى فيها المرأة مع الرجل أو ترث أكثر منه أو ترث ولا يرث.

وقالت دار الإفتاء إن الشرع الشريف قد حثَّ على الاجتهاد فيما لا نصّ شرعيّ فيه ولا إجماع، فقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم “إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ”، فاتحًا بذلك الباب أمام العلماء ليجتهدوا في بيان الأحكام الشرعية للأمة الإسلامية.

مواقع التواصل الاجتماعي

ومن الجدل على الساحة الإعلامية، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنوعت ردود الأفعال على قضية حق المطلقة في الحصول على نصف ثروة الزوج ما بين التأييد والتندر، وذلك على النحو التالي:

ربما يعجبك أيضا