اتفاق «بوينج-إيرباص».. بايدن يتسلح أوروبيًا بصراع القوة ضد الصين

كتب – حسام عيد

بعد نزاع دام 17 عامًا، ينجح شركاء الولايات المتحدة بالقارة العجزة في طي خلاف قديم يتعلق بالإعانات غير القانونية الممنوحة لشركتي إيرباص وبوينج لصناعة الطيران، عبر اتفاق تاريخي يسقط تعريفات جمركية على 11.5 مليار دولار من صادرات الحلفاء.

وقد تم التوصل للاتفاق جزئياً، بفضل الوعي المتزايد بين صانعي السياسات في بروكسل وواشنطن بأن مؤسسة الطائرات التجارية الصينية المحدودة المدعومة حكومياً، والمعروفة باسم “كوماك”، تسير على الطريق لتصبح منافسة ذات شأن في صناعة الطائرات عالميًا بحلول نهاية العقد الجاري.

وفور التوصل للاتفاق، ارتفعت أسهم شركة “إيرباص”، ومقرها في تولوز بفرنسا، بنسبة 1.4%، لتسجل صعوداً نسبته 27% منذ بداية 2021. ولم يطرأ تغير يذكر على أسهم “بوينج” ومقرها شيكاغو قبل التداول المنتظم في الولايات المتحدة. وقد ارتفعت أسهم “بوينج” بنسبة 15% منذ بداية 2021.

إسقاط الرسوم الجمركية لـ5 سنوات

تم التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتسوية الخلاف التجاري الممتد بين شركتي بوينج وإيرباص لصناعة الطائرات، وفق ما أكده مسؤولون أوروبيون وأمريكيون يوم الثلاثاء الموافق 15 يونيو 2021.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بروكسل لعقد قمة بين الاتحاد والولايات المتحدة “بدأ الاجتماع بإحراز تقدم بشأن الطائرات. كنا قد قررنا معًا حل هذا الخلاف. اليوم التزمنا بوعدنا”.

وتابعت “هذا الاتفاق يفتح فصلا جديدا في علاقاتنا لأننا ننتقل من خلاف إلى تعاون في مجال الطيران بعد نزاع استمر 17 عاما”.

وفي هذا السياق قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إنه سوف يتم إسقاط جميع الرسوم الجمركية المفروضة على خلفية النزاع، وذلك لفترة أولية مدتها خمسة أعوام. وكان الشركاء قد وافقوا في مارس الماضي، على رفع الرسوم الجمركية لمدة أربعة أشهر.

ويطرح هذا الإعلان جانباً نزاعًا تجاريًا كبيرًا أدى إلى فرض رسوم جمركية متبادلة لأكثر من عقد ونصف عقد، بقيمة مليارات الدولارات. وتعد بوينج الأمريكية وإيرباص الأوروبية أكبر شركتين لصناعة الطائرات في العالم. وتبادل الجانبان الاتهامات بتقديم دعم حكومي غير عادل لشركتيهما على الترتيب.

ويعود الخلاف إلى عام 2004، عندما رفعت الولايات المتحدة دعوى قانونية لدى منظمة التجارة العالمية ضد الاتحاد الأوروبي بشأن دعم الدول الأعضاء لشركة “إيرباص” في تطوير الطائرات التجارية. وأقام الاتحاد الأووربي دعوى قضائية بالتوازي، بشأن استفادة “بوينج” من الدعم الحكومي الأمريكي وكذلك من العقود العسكرية والفضاء، والتي عوضت تكلفة تطوير الطائرات المدنية.

في عام 2019، سمحت منظمة التجارة العالمية للولايات المتحدة بفرض تعريفات جمركية على ما قيمته 7.5 مليار دولار من صادرات الاتحاد الأوروبي سنوياً بسبب الدعم الحكومي لشركة “ايرباص”.

بعد ذلك، حصل الاتحاد الأوروبي على إذن للرد بفرض رسوم جمركية على ما قيمته 4 مليارات دولار من صادرات شركة “بوينع” الأمريكية.

عودة أمريكا للشريك الأوروبي.. ومحاصرة الصين

ويتزامن هذا الاتفاق التاريخي مع أول جولة أوروبية يقوم بها بايدن منذ توليه، ويطوي الصفحة على صراع رئيسي في الحرب التجارية للرئيس السابق دونالد ترامب ويمهد الطريق لعصر جديد من التعاون عبر الأطلسي بشأن المساعدات الحكومية، في وقت تتنافس الصين على إزاحة الاحتكار الثنائي للطائرات المدنية بين “بوينج” و”إيرباص”. وتعهد الحلفاء بإنهاء نزاع منفصل حول الصلب والألمنيوم، في علامة على إحراز تقدم في إعادة تحديد العلاقة في ظل إدارة بايدن.

ويتطلب الاتفاق من “ايرباص” و”بوينج” أن تكون جميع الطائرات المدنية المستقبلية المطورة من قبل الشركتين بدون دعم.

وخلال الجولة الأوروبية سيركز بايدن على تقوية علاقته بالحلفاء التقليديين الذين تجمعهم بالولايات المتحدة ذات “القيم الديمقراطية المشتركة” في سبيل مواجهة  المدّ الاقتصادي والعسكري للصين.

وتحاول الولايات المتحدة كسب تأييد الاتحاد الأوروبي في صراع القوة الذي تخوضه مع الصين وتريد الاستفادة من هذه القمة لتهدئة العلاقات بين جانبي الأطلسي التي شهدت توترًا شديدًا خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وصرحت الممثلة الأمريكية للتجارة كاثرين تاي، “بدلا من محاربة أحد أقرب حلفائنا، نلتقي أخيرًا معًا في مواجهة تهديد مشترك” مؤكدة تمديد التهدئة التي تقررت في هذا الملف في آذار/مارس والتي كان يفترض أن تنتهي في تموز/يوليو.

وأضافت “أنه مثال من أجل مواجهة تحديات أخرى مثل التحدي الذي تمثله الصين”.

من جهتها، رحبت فرنسا باتفاق “جيد” بين الطرفين، داعية إلى إغلاق هذا الملف “بشكل نهائي”.

ربما يعجبك أيضا