تأهيل الأئمة.. سياسة ألمانية لحسر النفوذ التركي بالداخل

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

في محاولة من الدولة لنهج سياسة وطنية واحدة، وتقليص نفوذ التنظيمات المتطرفة، وإعادة تأهيل الأفراد ممن لهم أجندات خارجية تهدد الأمن القومي، سعت ألمانيا في الآونة الأخيرة لاتباع سياسة تأهيل، تسعى من خلالها لإعادة مسار هولاء للنهج الوطني، وقطع الطريق على الدول الخارجية أو المعادية للنيل منها.

تسعى ألمانيا لتنفيذ برنامج حكومي لإعداد الأئمة المسلمين، وباشر نحو أربعين رجلا وامرأة هذا الإعداد الذي يستمر لسنتين ويوفره معهد الإسلام في أوسنابروك في شمال غرب ألمانيا، وجرت أول الدروس الأسبوع الحالي في المكتبة الواسعة التي تضم 12 ألف مؤلف تم شراؤها من مصر.

وهذا الإعداد متاح لحاملي شهادة في الفقه الإسلامي أو شهادة موازية ويتضمن فترات تدريب محورها الجانب العملي وتثقيف سياسي أيضا. وتدعم السلطات الفدرالية ومقاطعة ساكسونيا السفلى خصوصا هذا البرنامج ماليا في بلد يراوح عدد المسلمين فيه بين 5,3 و5,6 مليون إنسان، أي 6,4 إلى 6,7 % من إجمالي السكان.

وكانت المستشارة الألمانية دعت إلى اعتماد برنامج لإعداد الأئمة اعتبارا من العام 2018 أمام النواب. وأكدت “هذا الأمر سيجعلنا أكثر استقلالية وهذا ضروري من أجل المستقبل”.

أجندة سياسية

حتى الآن يأتي غالبية الأئمة في ألمانيا من دول مسلمة ولا سيما تركيا ويتلقون الإعداد في دولهم الأم التي تدفع رواتبهم، فنصف رجال الدين الذين تراوح أعدادهم بين ألفين و2500 ينتمون إلى منظمة “ديتيب “التركية التابعة مباشرة لوزارة الأوقاف التركية وتدير 986 مسجدا في ألمانيا على ما تفيد مؤسسة كونراد أديناور.

 أما الآخرون فيأتون بنسبة 80 إلى 90 % من دول شمال أفريقيا وألبانيا ويوغوسلافيا السابقة، وفي غالبية الأحيان يأتي هؤلاء إلى ألمانيا لفترة أربع إلى خمس سنوات بعضهم مع تأشيرة دخول سياحية من دون أن يعرفوا البيئة الثقافية والاجتماعية المحلية.

ويوضح أحد المواطنين وهو ابن مهاجرين أتراك ولد في برلين “رجال الدين هؤلاء لا يتكلمون لغة الشباب الذين لا يفهمون التركية جيدا في غالب الأحيان، ومن المهم أن يكونوا على تماس مع واقع المجتمع المتعدد الثقافات والذي يتعايش في إطاره مسيحيون ويهود وملحدون ومسلمون”، ويضيف أن بعض رجال الدين وهم موظفون لدى الدولة التركية “يطبقون أجندة” سياسية في ألمانيا.

نفوذ تركي؟

وتظهر مسالة النفوذ الذي تمارسه تركيا، بانتظام في النقاشات خصوصا منذ محاولة الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العام 2016، وفي العام 2017 اشتبه القضاء الألماني بأن أربعة رجال دين من أعضاء “ديتيب” تجسسوا على معارضين ومنتقدين للسلطة التركية.

إلا أن إعداد رجال دين بدعم مالي من الدولة الألمانية يثير انتقادات لأنه يصطدم بمبدأ مفاده أن الجماعات الدينية هي وحدها مؤهلة للإعداد، فلا تشارك “ديتيب” و”ميلي غوروش”، ثاني أكبر جماعة مسلمة في ألمانيا ويقال إنها قريبة من حزب العدالة والتنمية التركي، برنامج معهد أوسنابروك لا بل أطلقت “ديتيب” برنامج إعداد خاص بها في ألمانيا العام الماضي. ولكن هناك جمعيات واتحادات إسلامية أخرى مشاركة كـ “المجلس المركزي للمسلمين” في ألمانيا.

ويفيد بكر أطلس الأمين العام لميلي غوروش أن إعداد رجال الدين “يجب أن يكون بمنأى عن أي تأثير خارجي ولا سيما التأثير السياسي”. إلا أن رئيس معهد الإسلام يؤكد “أن لا تأثير للدولة بتاتا وهي لم تتدخل بتاتا في وضع البرامج”.

وتبقى مسألة إيجاد عمل وهو أمر شائك إذ تبقى الأجور متدنية ورهن بتبرعات المؤمنين. وحذر اسنيف بيجيتش “نحن لسنا وكالة توظيف” مهمتها إيجاد عمل للطلاب.

ربما يعجبك أيضا