في إيران.. النظام يدفع الشارع لصناديق الاقتراع ومصير الاتفاق النووي بيد المرشد الأعلى

يوسف بنده

رؤية

دعا الحرس الثوري الإيراني الإيرانيين إلى المشاركة في الانتخابات، بغض النظر عما وصفه بالحرب الإعلامية والنفسية على بلاده، بعد تقلص عدد المرشحين إلى أربعة فقط.

ووصف الحرس الثوري الانتخابات الرئاسية المقررة الجمعة بالأمر المصيري. وجاءت دعوة الحرس الثوري بعد ساعات على تصريحات المرشد علي خامنئي، التي أكد فيها أن مقاطعة الانتخابات لن تحل المشاكل.

وقال خامنئي إن “عدم مشاركة الشعب في الانتخابات يعني الابتعاد عن النظام الإسلامي، وإذا انخفض حضور الناس في الانتخابات يوم الجمعة فسوف نشهد ضغوطا أكثر من الأعداء”.

وتضاعفت الدعوة بشكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة في إيران إلى مقاطعة الانتخابات الإيرانية، حيث أصدرت في الأسابيع الماضية العديد من المؤسسات والشخصيات المعارضة للنظام الإيراني في الداخل والخارج بيانات منفصلة، أكدوا خلالها مقاطعة الانتخابات “الشكلية” في إيران.

وكثف النظام الإيراني قبيل إجراء الانتخابات من ضغوطه على وسائل الإعلام والصحافيين في الداخل والخارج. ويريد النظام من وراء هذا الحشد أن يظهر للعالم أنه ما زال مرعوبًا فيه داخل إيران، وأن الرئيس القادم يتمتع بشعبية في الشارع الإيراني.

رئيس متشدد

كل المؤشرات والتوقعات تشير إلى أن الانتخابات ستشهد امتناعا واسعا عن التصويت وهو ما يصبّ عادة في صالح تيار المحافظين وشهدت آخر عملية اقتراع (الانتخابات التشريعية 2020) امتناعا قياسيا بنسبة 57 بالمئة.

وفي نظام الحكم الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الجمهوري والديني يتولى الرئيس قيادة الحكومة ويرجع إلى الزعيم الأعلى صاحب السلطة العليا في البلاد.

وأبرز المرشحين والأوفر حظا في ظل غياب منافسين وازنين هو المرشح المتشدد، إبراهيم رئيسي .

ورئيسي هو رئيس قضاة ومحافظ خسر انتخابات عام 2017 لصالح روحاني وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في العام التالي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وأشارت واشنطن التي وصفت رئيسي بأنه من الدائرة المقربة من خامنئي، إلى مشاركته “في ما وصفته بفرقة القتل التي أمرت بإعدامات خارج إطار القانون لآلاف السجناء السياسيين في 1988”.

ويشغل رئيسي كذلك منصب نائب رئيس مجلس الخبراء وهو هيئة دينية تشرف على أداء الزعيم الأعلى وتعينه ونظريا يمكنها عزله كذلك.

وإذا فاز رئيسي في الانتخابات، سيعزز ذلك من فرصه في خلافة خامنئي الذي تولى كذلك الرئاسة لفترتين في عهد زعيم الثورة الإسلامية الراحل أية الله روح الله الخميني.

ويتمتع رئيسي بدعم الحرس الثوري الإيراني، إلا أن سجله حافل بالانتهاكات وسيشكل فوزه المحتمل ضربة لجهود الانفتاح التي قادها الاصلاحيون ولجهود تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة خاصة وأنه يخضع لعقوبات أميركية، بينما تبقى العودة للاتفاق النووي للعام 2015 أمرا غامضا في حال عاد المحافظون لإحكام قبضتهم على السلطتين التنفيذية والتشريعية. ويهيمن المحافظون حاليا على مجلس الشوري (البرلمان).

توحيد أركان الدولة

وصول رئيس محافظ إلى مقعد الرئاسة؛ من شأنه تحقيق حالة من الانسجام بين أركان الدولة الإيرانية؛ حيث يهيمن المحافظون على معظم أجنحتها ومؤسساتها.

وسيفتح انتصار أحد صقور المحافظين مثل إبراهيم رئيسي مرشح المؤسسة الدينية والمدعوم من الحرس الثوري الإيراني، الباب أمام الحكومة الإيرانية الجديدة للادعاء بأنها صاحبة الفضل في تحقيق أي مكاسب اقتصادية تجنيها البلاد بعد إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

ومن المستبعد أن يؤدي فوز مرشح محافظ بالانتخابات الرئاسية في إيران يوم الجمعة إلى إبطاء الخطى نحو إحياء الاتفاق النووي والتحرر من قيود العقوبات، مع إدراك رجال الدين الحاكمين في طهران أن حظوظهم السياسية معلقة بمعالجة الصعوبات الاقتصادية الآخذة في التفاقم.

ومن المرجح أن يستتبع إحياء الاتفاق رفع القيود الأميركية الصارمة التي تخنق صادرات النفط، مع بدء تدفق العائدات في مستهل ولاية الحكومة الجديدة.

وفي الوقت نفسه، فإن وجود حكومة مناهضة بشدة للغرب، قد يجعلها تتردد في تخفيف حدة التنافس الإقليمي مع دول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، ما لم تأمر بذلك السلطة العليا في البلاد متمثلة في الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

تغيير الموقف في هذه القضية النووية شيء مستبعد، فخامنئي وليس الرئيس هو صاحب القول الفصل في سياسات إيران النووية والخارجية.

وفي ظل أوضاع اقتصادية بائسة يشعر بها المواطنون في الداخل، لا يستطيع حكام إيران المجازفة بالعودة وبدء المحادثات من الصفر بعد الانتخابات.

ربما يعجبك أيضا