المستشار «الاصطناعي».. ذكاء أم عبء مصرفي!

كتب – حسام عيد

الصيرفة الرقمية ومواكبة وتيرة التسارع بمتغيرات الثورة الصناعية الرابعة قد تدفع بدول عديدة في مختلف أرجاء العالم إلى تعميم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في كافة مفاصل قطاعاتها المالية والمصرفية، والتي ربما قد تتجاوز كونها تقنية تساعد في تسهيل وتطوير الخدمات وجعلها أكثر مرونة، لتبلغ حد تقديم الاستشارات للعملاء، وهنا تكمن الخطورة الكبرى، فالمشورة المصرفية قائمة على الكفاءة والثقة والتي تتوافر بطبيعة الحال في العنصر البشري مع تراكم الخبرات العلمية والعملية، وربما تجازف بعض البنوك التقليدية في استبدال مستشاريها الماليين بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. فإلى أي مدى قد يلقى ذلك النهج قبولًا واقعيًا بين كبرى مؤسسات المال والأعمال في العالم؟!.

تعطيل الصيرفة التقليدية

قد يبدو الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أشبه بأفلام الخيال العلمي، لكن البنوك الكبرى، وشركات الأسهم الخاصة، وصناديق التحوط، تقوم بالفعل بنشر تقنيات الجيل القادم للاستفادة منها في استثماراتها.

ويعمل الذكاء الاصطناعي على تعطيل الصناعة المصرفية التقليدية بعدة طرق، بحيث يتم ملاحظة تأثيره الضخم في مختلف القطاعات، وبالأخص في القطاع المالي والمصرفي. وفي الوقت الحالي فإن القطاع المالي يهدف إلى الاستفادة من جميع التقنيات الجديدة المتوافرة وخاصة الذكاء الاصطناعي. ويبرز الذكاء الاصطناعي نظرًا لكونه ابتكارًا يُتوقع أن يكون له تأثيرات طويلة الأمد على العالم ككل.

وعلى الرغم من أن القطاع المصرفي يعتمد على العمالة البشرية والقوى العاملة المادية؛ إلا أنه من الواضح مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم حاليًا يمكن أن تكون العديد من هذه المهام والخدمات رقمية ومؤتمتة بالكامل والتي في المستقبل.

وتشير تقديرات شركة جارتنر العالمية للأبحاث والاستشارات إلى أن 80% من البنوك التقليدية لن تكون موجودة خلال العقد القادم.

صناعة القرارات وإدارة الاستثمارات

حتى لو كان هذا التقدير بعيدًا عن الواقع، فإن الحقيقة هي أنه نظرًا إلى تغير عادات المستهلك، لم يعد بإمكان البنوك تدبر أمورها باستخدام أنظمتها القديمة.

ووسط التغييرات الراهنة، ظهرت أنواع جديدة من البيانات وتقنيات التحليل من الذكاء الاصطناعي تقود بالفعل القرارات وراء الأنظمة التي تمكن ما يسمى بالتحولات، وتتلخص مهامها في الآتي:

– قرارات الائتمان؛ كان التقييم الائتماني أحد أقدم تطبيقات أساليب التحليل كما عرفناه سابقًا. اليوم، ومع الذكاء الاصطناعي، يمكن تطوير قواعد أكثر تطورًا تعالج مشاكل البيانات المتفرقة من خلال أخذ البيانات البديلة والسلوكية في الاعتبار مثل استخدام الهواتف الذكية وسلوك الدفع.

– إدارة المخاطر؛ وهي ربما الوظيفة الأكثر أهمية في البنوك اليوم، حيث يصبح تقييم المخاطر في الوقت الفعلي مكونًا رئيسيًا لتجنب الخسائر المالية والمتعلقة بالسمعة. باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبصرف النظر عن البيانات الكمية، يمكن تقييم أنظمة البيانات غير المهيكلة من أجل إدارة المخاطر. وإحدى حالات الاستخدام المحددة هي إدارة الاحتيال. كما أنه عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للفرد إدارة محافظ كاملة من خلال تحديد اتجاهات حركة أسعار الأسهم من مصادر البيانات المنظمة وغير المنظمة.

– الخدمات المصرفية وتقديم المشورة الشخصية؛ من روبوتات الدردشة التي يمكنها إدارة استفسارات العملاء إلى روبوتات مستشاريين والذين يمكنهم تخطيط أهداف إدارة الثروات لتشكيل خطط مخصصة لإدارة المدخرات والنفقات. يمكّن الذكاء الاصطناعي من إعادة تصور الأعمال المصرفية من منظور المستخدمين وليس من الطريقة التي تم بها تنظيم البنك من خلال مجموعات المنتجات مثل القروض والبطاقات.

المخاطر.. وإعادة التوجيه الصحيح

من جانبه، يستبعد “يو بي إس” استبدال المستشارين الماليين بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، رغم التغييرات الجذرية التي يشهدها قطاع الصرافة الأوروبية على مدار العقد الماضي.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، قال “رالف هاميرس” يوم الأربعاء الموافق 16 يونيو 2021، إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هي الأنسب للتعامل مع الوظائف اليومية مثل فتح حساب أو إجراء معاملات مالية لكنها لن تكون بنفس الكفاءة فيما يتعلق بتقديم المشورة للعملاء.

وشدد على أنه ليس هناك قيمة مضافة لمستشاري العملاء للمشاركة في عمليات من هذا القبيل -إشارة إلى الوظائف اليومية التقليدية- لكنهم في المقابل مستشارون ولابد أن يقدموا المشورة.

ومع ذلك يرى “هاميرس” إمكانية دعم المستشارين الماليين بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عبر مساعدتهم لفهم البحث والبيانات الأخرى، لأنهم لا يمكنهم قراءة كل الأبحاث المتوفرة.

ربما يعجبك أيضا