الانسحاب الروسي من معاهدة الأجواء المفتوحة.. مخاوف وتداعيات

رؤية

أكدت روسيا اليوم إصرارها على الانسحاب من معاهدة السموات المفتوحة الأمر الذي يضع علامات استفهام حول جدوى القمة الثنائية التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن، منذ يومان عندما أعلنا نيتهما على التفاهم، وشددا على عدم رغبتهما في خوض ـ”حرب باردة” جديدة.

فقد أعلنت الخارجية الروسية مساء الجمعة، أن روسيا أخطرت أطراف معاهدة “السماوات المفتوحة” للحد من التسلح بأنها ستنسحب منها في 18 كانون الأول/ ديسمبر.

إصرار على الانسحاب

وقال الكرملين: إن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المعاهدة، “أخل بشكل كبير بتوازن المصالح” بين أعضاء المعاهدة وأجبر روسيا على الانسحاب.

وحملت موسكو مجددًا المسؤولية في هذا الانسحاب للجانب الأمريكي.

وكان الرئيس الروسي قد وقع منذ أسبوعان قانونا للانسحاب رسميا من معاهدة الأجواء المفتوحة بعد أشهر من خطوة مماثلة قامت بها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ما يطرح تساؤلات بشأن تداعيات الخطوة على الأمن والاستقرار في ظل ازدياد المخاوف من انطلاق سباق تسلح جديد.

وكان مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا بالبرلمان) صوّت لصالح الانسحاب من المعاهدة الخاصة بالمراقبة العسكرية الجوية الدولية في الثاني من يونيو، وذلك بعد تصويت مشابه في مجلس النواب الروسي (الدوما) في 19 مايو الماضي. وأبلغت الإدارة الأميركية موسكو في نهاية مايو أنها لا تريد العودة إلى المعاهدة.

تهديد الأمن والاستقرار

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب اليوم، إن بريطانيا وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي “أصيبوا بخيبة أمل بسبب قرار روسيا”.

من جانبه أعرب حلف شمال الأطلسي عن أسفه لقرار روسيا الانسحاب من معاهدة السماء المفتوحة، داعيا موسكو إلى استخدام الأشهر الستة المتبقية على إتمام انسحابها من المعاهدة، لإعادة النظر في قرارها.

وجاء في بيان عن الناتو: “نأسف بشدة لقرار روسيا الانسحاب من معاهدة السماء المفتوحة… هي وثيقة مهمة ملزمة قانونا تعزز الشفافية والأمن والاستقرار، فضلا عن الثقة المتبادلة في المنطقة الأوروأطلسية… ندعو روسيا إلى استخدام ما تبقى من دخول انسحابها حيز التنفيذ من الاتفاقية لإعادة النظر في قرارها”.

ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى الحوار مع روسيا، على الرغم من الصعوبات الحالية في العلاقات بين موسكو وبروكسل.

وقالت ميركل -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون- إن “روسيا تمثل تحديا كبيرا لنا، لكنها أيضا جار كبير للاتحاد الأوروبي، وعلينا أن نتأكد من أننا أزلنا كافة المخاطر الهجينة”.

وتابعت: “ولكن من جهة أخرى لدينا مصالح كبيرة من قبل الاتحاد الأوروبي، وعلينا أن نبقى في الحوار مع روسيا مهما كان ذلك صعبا”.

وتطرقت ميركل إلى المباحثات الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن في جنيف.

وقالت: عندما نرى لقاء الرئيس الأمريكي مع الرئيس الروسي والحوار المفتوح بينهما، من الطبيعي أن نقوم نحن بذلك من جهة الاتحاد الأوروبي أيضا”.

من جانبه، دعا إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى وضع قواعد مشتركة بشأن العلاقات مع روسيا.

وقال: “سنعود إلى موضوع روسيا للتفكير في الإجراءات المشتركة تجاهها، ليكون هناك رد تضامني على الاستفزازات، ومن أجل تحديد المواقف إزاء التعاون معها أيضا”.

وأضاف: “نواجه استفزازات باستمرار… ولكن يجب الاعتراف بضرورة وضع قواعد مشتركة بشأن العلاقات مع روسيا”.

مخاوف وتداعيات

ويرى مراقبون في العلاقات الدولية أن نطاق المعاهدة سياسي أكثر مما هو عسكري وأن أجهزة الاستخبارات لا تحتاج إلى أجواء مفتوحة فهي تعرف حلفائها وأعدائها أكثر مما تسمح به المعاهدة .

وحسب صحيفة العرب فالنتائج السلبية للانسحاب ستكون على حلفاء الولايات المتحدة فبعد الأجواء المفتوحة، لن يبقى سوى معاهدة “نيو ستارت” التي وقعت في 2010 والتي تحد من الترسانتين للقوتين النوويتين إلى ما أقصاه 1550 رأسا حربية يسمح بنشرها لكل منهما.

ويرى خبراء أن الحوار ضروري لاسيما أن الأمر يتعلق بالتهديدات الأمنية العالمية في ظل تقارير أخيرة تفيد بزيادة عدد الرؤوس النووية بشكل كبير، الأمر الذي يثير مخاوف غربية من احتمال توسع روسي في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وموسكو متهمة بالعمل على تحفيز وإثارة سباق التسلح بين دول العالم فضلًا على سلسلة عمليات القرصنة السيبرانية التي تلعب فيها الدور الأساسي.

فالانسحاب من المعاهدة حسب محللين يعد خرقًا روسيًا للحد من التسلح مما يؤثر بشكل كبير على أمن أوروبا ككل.

وكانت المعاهدة، التي هدفت إلى الحد من سباق التسلح بعد الحرب الباردة، تتيح للدول الـ34 المشاركة بها إجراء عدد متفق عليه مسبقا من طلعات المراقبة غير المسلحة فوق أراضي بعضها البعض.

ويمكن للطائرة مسح الأراضي تحتها، وجمع المعلومات والصور للمنشآت والأنشطة العسكرية. وتكمن الفكرة في أنه كلما عرف الجيشان المتنافسان معلومات أكثر عن بعضهما البعض، قل احتمال الصراع بينهما. لكن الجانبين يستخدمان الرحلات الجوية لفحص نقاط ضعف الخصم.

ربما يعجبك أيضا